من غرف مظلمة إلى الشاشات.. كيف تصنع الشائعة معارك السودان؟

من غرف مظلمة إلى الشاشات.. كيف تصنع الشائعة معارك السودان؟

من غرف مظلمة إلى الشاشات.. كيف تصنع الشائعة معارك السودان؟
الحرب السودانية

في خضم الصراع العسكري المستمر في السودان، تبرز الشائعات كأداة أساسية في الحرب الإعلامية والنفسية، حيث تُستخدم لتوجيه الرأي العام وإرباك المشهد الميداني والسياسي أحدث هذه الشائعات تمثّل في تداول خبر سقوط طائرة تقل قيادات بارزة، وهو ما سارعت قوات الدعم السريع إلى نفيه رسميًا.

نفي واضح 


وقالت قوات الدعم السريع - في بيان-: إن “الخبر المتداول حول سقوط طائرة تابعة لنا يحمل قيادات بارزة عارٍ تمامًا من الصحة”، مؤكدة أن الصور والمقاطع المصاحبة له تعود لحوادث قديمة خارج السودان، وتمت إعادة نشرها في توقيت حساس بهدف إثارة البلبلة.

وأضاف البيان، أن الفرق الفنية راجعت المواد المتداولة وتبيّن أنها لا تطابق الطرازات أو الأرقام التسلسلية للطائرات الموجودة في الخدمة، فضلًا عن تناقض ظروف الطقس الظاهرة في المقاطع مع الأجواء الفعلية وقت الادعاء.

مواجهة الشائعات


ويرى مراقبون، أن مواجهة الشائعات تتطلب سرعة إصدار البيانات التوضيحية من الأطراف المعنية، إضافة إلى تعزيز وعي الجمهور بآليات التحقق من المعلومات، حتى لا تتحول الأكاذيب إلى حقائق راسخة في الوعي العام.

المحلل السياسي السوداني د. عبد الله الحاج، أوضح أن مثل هذه الأخبار “تأتي في إطار محاولات منظمة لبث الإحباط في صفوف الخصوم وإظهار حالة انهيار وهمية”، مشيرًا أن الشائعات غالبًا ما تنتشر عبر حسابات مجهولة المصدر، ثم تجد طريقها إلى وسائل إعلام صغيرة أو منصات تفتقر لآليات التحقق.

وأضاف - في تصريح لـ"العرب مباشر"، أن ضعف الوصول السريع للمعلومة الرسمية، والتأخر أحيانًا في الرد، يفتح المجال أمام الشائعات للانتشار قبل أن يتم نفيها”، مشيرًا أن الظاهرة ليست جديدة في النزاع السوداني، حيث سبق أن أُطلقت شائعات مشابهة عن مقتل قيادات ميدانية أو سقوط مدن استراتيجية، وتبيّن لاحقًا عدم صحتها.

وأكد الحاج، أن البيئة الإعلامية في السودان، في ظل ضعف الوصول الفوري للمعلومة الموثوقة، تمثل بيئة خصبة لانتشار الأخبار المضللة، داعيًا إلى إنشاء غرف رصد وتحقق مشتركة بين المؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني، لضمان مواجهة الحملات المنظمة التي تستهدف استقرار البلاد.

حرب معلومات ممنهجة

وقال الخبير السياسي السوداني محمد الطيب: إن الشائعة الأخيرة حول سقوط طائرة تقل قيادات بارزة، والتي نفتها قوات الدعم السريع بالأدلة، تؤكد أن هناك جهات منظمة تدير ما وصفه بـ"حرب معلومات ممنهجة" في السودان.

وأوضح الطيب - في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن “إعادة تدوير مقاطع وصور قديمة وربطها بأحداث آنية، يعكس وجود غرف عمليات إعلامية تعمل على مدار الساعة لتوجيه الرأي العام وإرباك الميدان”، مضيفًا أن هذه الممارسات ليست عشوائية، وإنما تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد لإضعاف الثقة بين الأطراف المتصارعة وإثارة الشكوك بين الحلفاء.

وأشار إلى أن الشائعات أصبحت تلعب دورًا محوريًا في النزاع السوداني، خاصة مع الاعتماد الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار، ما يمنح الأكاذيب قدرة على الانتشار أسرع من الحقائق.

ودعا الطيب إلى ضرورة رفع الوعي المجتمعي بأساليب التحقق من الأخبار، وتكثيف الجهود الإعلامية لنشر البيانات الصحيحة بسرعة، مؤكدًا أن “مواجهة الشائعة في بدايتها أكثر فاعلية من محاولة تصحيح أثرها بعد أن تترسخ في أذهان الناس”.