اغتيال في الجنوب.. من هو وسيم جباعي القيادي البارز في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل؟
اغتيال في الجنوب.. من هو وسيم جباعي القيادي البارز في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل؟

في ضربة جديدة ضمن مسلسل الاغتيالات الإسرائيلية التي تعصف بجنوب لبنان منذ أشهر، تحولت بلدة عين بعال في قضاء صور إلى مسرح لعملية نوعية أثارت ضجة إعلامية وأمنية واسعة.
فقد حلّقت طائرة مسيّرة إسرائيلية فوق البلدة قبل أن تطلق صاروخًا دقيقًا استهدف دراجة نارية كانت تسير على الطريق الداخلي، لتتحول خلال ثوانٍ إلى كرة من النار أمام أنظار الأهالي.
لم يطل الوقت حتى تكشّفت هوية القتيل، لتتبيّن المفاجأة أنّ المستهدف هو وسيم سعيد جباعي، المعروف بلقب "الحاج مهدي"، أحد القيادات العسكرية البارزة في "حزب الله" وصاحب الدور المحوري في عدد من الجبهات الإقليمية، وجاء هذا الاغتيال ليعمّق مناخ التوتر في الجنوب اللبناني، ويعيد إلى الواجهة الحديث عن اتساع بنك الأهداف الإسرائيلي، ونيّة تل أبيب توجيه رسائل حاسمة للحزب ولإيران في آن واحد.
من هو وسيم جباعي
وسيم جباعي، ابن بلدة عيتيت وساكن حناويه في الجنوب، لم يكن مجرد عنصر ميداني، فقد كان اسمه حاضرًا في جبهات تمتد من اليمن إلى العراق وسوريا وصولًا إلى لبنان، ما جعله جزءًا من شبكة إقليمية واسعة ترتبط مباشرة بمحور تقوده إيران.
جنازته العسكرية التي أقيمت في حناويه بحضور قيادات وكوادر الحزب، عكست حجم موقعه داخل البنية العسكرية لـ"حزب الله".
اللافت أنّ صورًا متداولة عقب اغتياله أظهرت جباعي إلى جانب شخصيات محورية في "محور المقاومة"، من بينهم القائد الإيراني الراحل قاسم سليماني، وأمين عام "حزب الله" حسن نصرالله الذي اغتالته إسرائيل عام 2024.
هذه الصور أعطت بعدًا رمزيًا لشخصيته، باعتباره أحد الوجوه الميدانية المرتبطة مباشرة بالقيادة العليا للحزب والمحور.
إسرائيل تكشف سبب الاستهداف
من جهتها، لم تتردد إسرائيل في الكشف عن تفاصيل عملية الاغتيال، ففي بيان رسمي، اتهم الجيش الإسرائيلي جباعي بلعب دور مركزي في دعم ما يسمى "فرقة الإمام الحسين"، وهي ميليشيا موالية لإيران تنشط في لبنان بالتنسيق مع "حزب الله".
وأضاف البيان، أنّه كان مسؤولًا عن توجيه العمليات وتعزيز قدرات هذه الفرقة، فضلًا عن انخراطه في محاولات عقد صفقات تسليح لصالحها.
وبث الجيش الإسرائيلي مقطعًا مصورًا قال: إنّه يوثق الغارة التي أودت بحياة جباعي، معتبرًا أنّ نشاطاته تجاوزت كل الخطوط الحمراء.
فقد اتهمه بالمشاركة في إطلاق الصواريخ والقذائف نحو إسرائيل خلال عملية "سهام الشمال"، وقيادة جهود إعادة بناء "فرقة الإمام الحسين" بعد العملية.
كما أشار إلى أنّ استمرار نشاطه كان يشكل – وفق الرواية الإسرائيلية – انتهاكًا مباشرًا للتفاهمات القائمة بين لبنان وإسرائيل.
ويرى محللون، أنّ اغتيال وسيم جباعي لم يكن مجرد عملية تصفية فردية، بل رسالة استراتيجية ذات أبعاد متعددة. فمن جهة، تحاول إسرائيل تقويض البنية العملياتية لـ"حزب الله" عبر استهداف قياداته الميدانية التي تمثل العمود الفقري لخططه العسكرية، في محاولة لإرباك قدراته على التنظيم والتخطيط للردود المستقبلية.
ومن جهة أخرى، يأتي هذا الاغتيال في سياق أوسع يهدف إلى كبح النفوذ الإيراني في لبنان، إذ يشكّل جباعي حلقة وصل مهمة بين الحزب و"فيلق القدس" الذي يشرف على شبكة من الميليشيات الممتدة من اليمن إلى سوريا والعراق.
وأكد المراقبون، أن على الساحة الداخلية، يعيد هذا التطور تسليط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في الجنوب اللبناني، الذي بات مسرحًا مفتوحًا لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية، ويؤكدوا أنّ العملية قد تفتح الباب أمام مرحلة أكثر خطورة من التصعيد، خصوصًا مع تزايد المخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع على خط طهران – تل أبيب، في ظل حالة الاحتقان السياسي والعسكري التي تتصاعد منذ أشهر دون أفق واضح للتهدئة.