هكذا دعمت الدوحة طالبان على مدار أعوام لتمكينها من الاستيلاء على كابل

تقدم قطر كافة أشكال الدعم لحركة طالبان

هكذا دعمت الدوحة طالبان على مدار أعوام لتمكينها من الاستيلاء على كابل
أمير قطر تميم بن حمد

في ظل حرص الدوحة أن ترعى مفاوضات مباشرة مع جماعات إرهابية مثل طالبان، فهو نفس ما حدث مع جبهة النصرة وميليشيا الحوثي من قبل، ويحدث مع طالبان الأمس واليوم٬ ما يؤكد عمق العلاقة بين نظام الدوحة والمنظمات الإرهابية.

التحركات الأخيرة لحركة طالبان توضح أن فكرة السلام لم يكن لها وجود لدى حركة طالبان الأفغانية من البداية، ولم تكن الجلسات التي جرت تحت إشراف قطر سوى حيلة لدعم طالبان من خلال الدوحة، بينما كانت طالبان تواصل خرقها للاتفاقات التي تبرمها مع الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة.

ففي مايو 2020، حذر الرئيس السابق للأمن الوطني الأفغاني، رحمة الله نبيل، من علاقة قطر بشبكات التنظيمات الإرهابية المرتبطة بحركة طالبان، منها شبكة "حقاني" وتنظيم "القاعدة"، حيث نشر صورًا لاجتماعات تلك الجماعات وقياداتها داخل قطر.

وكشف نبيل في تصريحاته كيف أن النظام القطري أهدر ثروات القطريين من أجل تمويل تلك الجماعات وإكسابهم غطاءً سياسيًا واقتصاديًا، من خلال فتح ممثليات لها في بلاده، وإشراكها في حوارات مع أطراف دولية، وتطويعها لأذرع جديدة لجماعة الإخوان، لتنفيذ أغراضها ومهامها الإرهابية.

وتكشف الصور عن عمق علاقات الدوحة بالتنظيم الإرهابي لطالبان؛ إذ يظهر من بين تلك الصور، كانت إحداها تجمع ملا عبد المنان عمري، شقيق مؤسس حركة طالبان وزعيمها الروحي الملا عمر، خلال اجتماع لقادة حركة طالبان في قطر، حيث انتقل عبد المنان للإقامة في الدوحة مع باقي أفراد عائلته في قطر، وهو ما يكشف علاقة قطر بالتنظيمات الإرهابية.

أوضح المسؤول الأفغاني أن سراج الدين حقاني الزعيم الحالي لشبكة حقاني ونائب زعيم طالبان الأفغانية المطلوب دوليا، أرسل شقيقيه أنس حقاني ويحيى حقاني، اللذين يتوليان شؤون المقاتلين الأجانب، نيابة عنه، للقاء شقيق الملا عمر، الذي سيمثله في المكتب السياسي المتواجد في قطر، ضِمن فريق التفاوض. 

وخلال الأسبوع الأخير شنت حركة طالبان كبرى عملياتها الوحشية على المدن الأفغانية، مع تسجيل جرائم حرب قاسية ضد الأفغان، بينما التزم مبعوث الولايات المتحدة للسلام في أفغانستان الصمت بشأن هذه القضية؛ ما أدى إلى حالة من الاستياء لدى العديد من الأفغان الذين يتساءلون: "أين زلماي خليل زاده؟".

جرائم طالبان

ولم تكن طالبان وداعموها القطريون مهتمين بمسألة السلام، فهم يحرقون ويغتصبون ويقتلون في طريقهم إلى مراكز سكانية مختلفة، ذبحوا النساء والأطفال والمسنين، بينما كانت قوات "الانتفاضة الشعبية الأفغانية" مشغولة بمحاولة تطهير المناطق الحضرية من الإرهابيين وتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين، حسبما أكد موقع "كليرنس جوب". 

تناقض المجتمع الدولي 

ويقول الموقع: إن ما حدث في أفغانستان كشف للمجتمع الدولي عن عدم قدرته على ممارسة الضغط على طالبان، لافتا إلى المفارقة في تصريحات الدبلوماسيين الدوليين عن الرغبة في وقف الهجمات التي تشنها طالبان، وعلى رأسهم قطر التي تؤوي قيادات طالبان، لكنهم لم يتخذوا أيا من الإجراءات لتحقيق ذلك. 

وأشار الموقع إلى فشل الدبلوماسيين المنخرطين فى المسألة في إدانة قطر لدعمها المستمر لطالبان، بل واستضافتها لقيادة طالبان في مواقع مختلفة في قطر، خصوصا وجود المكتب السياسي للحركة الإرهابية في الدوحة.

دعم قيادات طالبان

ولم يقتصر الدعم القطري على أفراد الحركات الإرهابية، بينما وصل لأبنائهم في المدارس والجامعات القطرية، ويتلقون منحًا مالية شهرية تقدر ما بين 7 إلى 10 آلاف ريال قطري، بينما يتلقى أعضاء المكتب السياسي لحركة طالبان 25 ألف ريال قطري شهرياً، وراتبًا آخر لأعضاء فريق التفاوض يصل إلى 50 ألف ريال قطري.

وما زال تمويل أعضاء في الأسرة الحاكمة في قطر لحركة طالبان وشبكة "حقاني" المرتبطة بتنظيم القاعدة مستمر، من بينهم عبدالله بن خالد آل ثاني وزير الشؤون الدينية والأوقاف القطري سابقا، وسعد الكعبي وعبداللطيف الكواري ومحمد الكعبي، حيث إن جميعهم مدرجون على قوائم الإرهاب.

واستمر دعم الدوحة لحركة طالبان، بينما لم يتوجه المجتمع الدولي يومًا بالتساؤل كيف سمحت قطر لنفسها أن تكون مقرًا لمكتب سياسي لحركة إرهابية مثل طالبان؟!

ودعمت قطر حركة طالبان من خلال سلسلة من اللقاءات الدولية، ولعب دور الوسيط لها مع المجتمع الدولي، والغريب أن الاتفاقية الأميركية الأفغانية الموقعة صباح يوم 29 فبراير 2020، نصت بشكل لا لبس فيه على أن الولايات المتحدة كانت شريكًا أمنيًا دائمًا لجمهورية أفغانستان الإسلامية، وأن حركة طالبان ليست طرفا سياسيا في أفغانستان.

شرعنة الإرهاب

ورفض رئيس الاستخبارات الأفغاني السابق العبث القطري في بلاده، بدلا من مساعدة الشعب الممزق، لافتا إلى أن الدوحة سارعت لتكوين شبكة علاقات مع التنظيمات الإرهابية، كأداة للتحكم في الشأن الأفغاني، وتحقيق أهداف وأغراض سياسية مشبوهة، لتحويلهم إلى أذرع جديدة لجماعة الإخوان.

كما توسطت قطر للحركة الإرهابية لتجلس على مائدة المفاوضات كقوة تفاوض، وهو نفس ما فعلته قطر من قبل مع ميليشيات الحوثي في اليمن، عندما سعت لشرعنة وجودهم دوليا بالجلوس على مائدة المفاوضات. 

قطر ودعم طالبان

ومنذ بدء المحادثات، أخفقت طالبان في الوفاء بما تبقى من وعود في اتفاقية الدوحة مع الولايات المتحدة. ولم تنبذ طالبان عنف الجماعات التي تهاجم الولايات المتحدة أو حلفاءها، مثلهم مثل الشعب الأفغاني. ولم تقطع العلاقات مع الإرهابيين أو تمنعهم من دخول أفغانستان. ولم تفِ طالبان بمطالب الانسحاب الكامل للقوات العسكرية الدولية. ولم تحرز طالبان تقدمًا ملموسًا نحو السلام في المحادثات الأفغانية الداخلية، ولم تبنِ أي ثقة من خلال تبادل الأسرى. عاد سجناء طالبان بسرعة إلى الإرهاب والعنف ضد الأفغان؛ ما أدى إلى مزيد من تراجع الثقة بين الحكومة وطالبان. أخيرًا، لم تدخل طالبان يوما في وقف إطلاق نار دائم وشامل.

نداءات دولية

ومن قبل أكد المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية، صديق صديقي، على أن طالبان تقتل الشعب الأفغاني بأوامر تطلقها من قطر، كما أنها افتتحت في 18 يونيو 2013 ممثلية لحركة طالبان تحت اسم "المكتب السياسي للإمارة الإسلامية في أفغانستان"، كما أنها تؤوي تنظيم القاعدة وقادته على الأراضي الأفغانية.

وحذر مرارا من أن قطر تحتضن أعضاء الجماعات الإرهابية عبر منصاتها الإعلامية وتحديدًا شبكة "الجزيرة"، منهم زعيم جبهة النصرة في سوريا أبو محمد الجولاني.

وطالما دعت وسائل إعلام أفغانية المجتمع الدولي إلى سلسلة من الخطوات للقضاء على إرهاب طالبان، وعلى رأسها مطالبة قطر بإغلاق مكتب طالبان في الدوحة، ونقل المحادثات إلى كابل أو أي مدينة أفغانية، باعتبار طالبان هي الداعم الأساسي للحركة. 

كما طالبوا باكستان بإخراج جميع قادة طالبان على الفور وتسليمهم إلى وزارة الخارجية الأفغانية أو وسيط طرف ثالث في كابل، وتحديد المزيد من عناصر طالبان على أنهم إرهابيون دوليون، وإرسال قوات من الناتو إلى أفغانستان من جديد، مشددين على ضرورة فضح دعم قطر للإرهابيين على المستوى الدولي.