السودان بين الدماء والمجهول.. أرقام صادمة خلّفتها الحرب

السودان بين الدماء والمجهول.. أرقام صادمة خلّفتها الحرب

السودان بين الدماء والمجهول.. أرقام صادمة خلّفتها الحرب
الحرب السودانية

مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث منذ اندلاعها في منتصف أبريل 2023، باتت البلاد مسرحًا لأكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم اليوم، حسب توصيف الأمم المتحدة.


وبين ما يحدث في الخرطوم ومشاهد النزوح الجماعي، تقف البلاد على شفا الانهيار الكامل، وسط صراع دموي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل تدخلات إقليمية وصمت دولي مريب على ما يحدث في السودان مع أحداث أخرى مثل: أوكرانيا وغزة وصراع البحر الأحمر.

حصيلة القتل والنزوح


ما تزال الأرقام الدقيقة لضحايا الحرب غامضة، لكن المؤشرات مرعبة، لجنة الإنقاذ الدولية تشير أن عدد القتلى قد بلغ 150 ألفًا، وهو رقم يفوق بكثير ما أعلنته الأمم المتحدة سابقًا بقرابة 20 ألف قتيل.


وفي تقرير لكلية لندن للصحة العامة، جرى توثيق وفاة أكثر من 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها حتى يونيو الماضي، بينهم 26 ألفًا قضوا نتيجة عنف مباشر، بينما على صعيد النزوح، فقد أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، أن أكثر من 11.3 مليون شخص فروا من مناطقهم بسبب القتال، ومنهم 8.6 ملايين نازح داخليًا و3.9 ملايين لاجئ إلى دول الجوار، معظمهم من إقليم دارفور.

انهيار المنظومة الصحية


القطاع الصحي كان من أوائل ضحايا الحرب، حيث أكثر من 250 مستشفى من أصل 750 خرجت عن الخدمة، بسبب الدمار أو النهب، ما تسبب في حرمان الملايين من أبسط خدمات الرعاية، ووفقًا لتقارير رسمية، فإن نحو 70% من المرافق الصحية في الخرطوم ودارفور وكردفان باتت خارج نطاق العمل، إلى جانب تضرر أكثر من 60% من الصيدليات.


وتقدر الخسائر المباشرة في قطاع الصحة بـ11 مليار دولار، وسط عجز شبه تام عن احتواء الأوبئة وتقديم الخدمات في مناطق النزاع.

التعليم بين الانقطاع والدمار


الحرب ضربت أيضًا مؤسسات التعليم العالي والعام بشكل غير مسبوق، حيث نحو 120 جامعة وكلية في الخرطوم فقدت بنيتها التحتية بالكامل، إضافة إلى تدمير 6 جامعات أخرى في الولايات، منها 4 في دارفور.


على مستوى المدارس، فقد خرج أكثر من 17 مليون طفل من مقاعد الدراسة منذ اندلاع الحرب، ليرتفع العدد الكلي للأطفال خارج التعليم إلى أكثر من 24 مليون.

مأساة المفقودين والعنف الجنسي


بينما تتضارب الإحصاءات حول عدد المفقودين، تشير تقديرات
منظمات محلية إلى وجود نحو 50 ألف مفقود، بينهم أكثر من 500 امرأة و300 طفل، وسط توثيق 3177 حالة فقط، أما العنف الجنسي، فقد شهد تصاعدًا مرعبًا، حيث وثقت وحدة حكومية 1138 حالة اغتصاب حتى فبراير الماضي، منها 193 ضد طفلات، وأكدت "يونيسيف" وقوع 221 حالة اغتصاب لأطفال، بينهم أطفال لم يتجاوزوا عامهم الأول.

الاقتصاد ضحية كبرى في السودان


الاقتصاد السوداني لم ينجوا من فوضى الحرب، الحكومة قدرت الخسائر الإجمالية بنحو 108 مليارات دولار، القطاع الزراعي وحده تكبد أكثر من 10 مليارات دولار، نتيجة نهب المعدات وتخريب البنية الأساسية الزراعية، بما في ذلك محطات البحوث والمشاريع الكبرى.


أما القطاع الصناعي، فقد تعرض لدمار ممنهج، حيث دمرت أكثر من 3400 منشأة صناعية، يعمل بها نحو 250 ألف عامل، وتقدر خسائره بـ30 مليار دولار.


شملت الكارثة البنية التحتية العامة، حيث دمرت المطارات، وصالات الركاب، وأبراج المراقبة، ما كبّد قطاع الطيران المدني وحده خسائر بلغت 3 مليارات دولار.


قطاعا الكهرباء والمياه لم يكونا أحسن حالًا، فقد قدرت خسائرهما بنحو 10 مليارات دولار، بعد تدمير ونهب محطات توليد وتحويل الطاقة وأبراج الضغط العالي، إلى جانب تخريب أنظمة توزيع المياه في العاصمة والولايات، وخسائر المباني الحكومية والجسور والطرق فتقدر أيضًا بـ10 مليارات دولار، في صورة تختصر مدى الخراب الذي أصاب الدولة.


ويرى المحلل السياسي السوداني محمد إلياس، أن الحرب في السودان تجاوزت كونها صراعًا داخليًا على السلطة، إلى كونها ساحة صراع إقليمي ودولي تدار بأدوات سودانية، وما نشهده ليس مجرد معركة بين الجيش والدعم السريع، بلهو مشروع إقليمي مدعوم من قوى تتصارع على النفوذ والموارد في قلب إفريقيا.

ويضيف إلياس - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، المأساة أن الأطراف السودانية المتحاربة فقدت استقلال قرارها، وتحولت إلى وكلاء لصراعات أكبر منها، وما لم يكن هناك توافق داخلي حقيقي على وقف الحرب، وفك ارتباطها بالخارج، فإن البلاد ستستمر في الانهيار، ولن يكون هناك منتصر.