ساعات الحسم.. اتصالات مكثفة غير مباشرة بين إسرائيل وحماس لوقف حرب غزة
ساعات الحسم.. اتصالات مكثفة غير مباشرة بين إسرائيل وحماس لوقف حرب غزة

كثّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جهوده السياسية خلال الأيام الماضية لإنهاء الحرب المستمرة منذ 21 شهرًا في قطاع غزة، بعد نجاح وساطة أمريكية في تحقيق اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران استمر 12 يومًا.
وأعلن ترامب، في مؤتمرصحفي عقده الثلاثاء، أن إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لإتمام اتفاق هدنة جديدة مع حماس لمدة 60 يومًا، مؤكدًا أنه يتوقع التوصل إلى اتفاق شامل الأسبوع المقبل، بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض.
وأكد مسؤول إسرائيلي أن الحكومة وافقت على المقترح الجديد الذي يجري تداوله بين الأطراف بوساطة أمريكيةوقطرية ومصرية.
وأكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه من المقرر أن يعقد نتنياهو جلسة حكومية موسعة يوم السبت لمناقشة المقترح بالتفصيل.
وفي المقابل، أعلنت حركة حماس، أنها تدرس المقترح
الجديد، دون أن توضح ما إذا كانت تنوي القبول به أو رفضه.
زخم جديد بعد التهدئة الإسرائيلية الإيرانية
وأكدت الشبكة الأمريكية، أن هذه التطورات السياسية تأتي في أعقاب وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو الماضي، وهوالاتفاق الذي أضفى زخمًا جديدًا على الوساطة القطرية والمصرية المدعومة أمريكيًا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية لشبكة CNN: إن الاتفاق مع إيران منح دفعة جديدة للمفاوضات بشأن غزة.
وتواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا دولية متزايدة بسبب الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وكانت إسرائيل قد فرضت حصارًا شاملًا على القطاع في مارس الماضي، ثم خففته جزئيًا في مايو بعدتحذيرات أممية من مجاعة تهدد مئات الآلاف من المدنيين.
وأسفرت الضربات الإسرائيلية الأخيرة عن سقوط مئات القتلى الفلسطينيين، في حين لقي مئات آخرون حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات من مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من
واشنطن، والتي تواجه انتقادات دولية واسعة.
ضغوط داخلية على حكومة نتنياهو
وأشارت الشبكة الأمريكية، أن الضغوط على إسرائيل من الخارج فحسب، بل تتصاعد أيضًا داخليًا. إذ أعلن زعيم المعارضة يائير لابيد استعداده للانضمام إلى الائتلاف الحكومي من أجل دعم اتفاق لتبادل الأسرى.
وفي حديثه للصحفيين، أكد ترامب أن نتنياهو أصبح الآن مستعدًا لإنهاء الحرب، قائلًا: "يريد ذلك، أؤكد لكم أنه يريد ذلك. أعتقد أننا سنصل إلى اتفاق الأسبوع المقبل".
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: إن بلاده تتعامل بجدية مع فكرة التوصل إلى اتفاق، مضيفًا: "هناك مؤشرات إيجابية، لا أريد الخوض في التفاصيل، لكن هدفنا
هو بدء محادثات غير مباشرة في أسرع وقت".
تفاصيل الاتفاق المقترح
وأوضحت الشبكة الأمريكية، أن الغموض ما يزال يكتنف تفاصيل الاتفاق الجديدالذي تنص مسودته على هدنة لمدة 60 يومًا وتبادل أسرى بين الجانبين.
وتشير تسريبات دبلوماسية، أن المقترح يقوم على اتفاق سابق صاغته الولايات المتحدة قبل أشهر، ويتضمن إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء ورفات 18 آخرين من ضحايا هجوم 7
أكتوبر 2023.
وبحسب الحكومةالإسرائيلية، ما يزال حوالي 50 شخصًا محتجزين في غزة، يُعتقد أن 20 منهم أحياء.
كما أكدت مصادر إسرائيلية لشبكة CNN ، وأن النسخة الأخيرة من المقترح تتضمن ضمانات أمريكية أقوى من سابقاتها بشأن إنهاء الحرب، رغم امتناع المسؤولين عن نشر النص الكامل.
وأضافت المصادر، أن إسرائيل وافقت، ضمن المقترح، على تسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر قنوات الأمم المتحدة التقليدية بدلاً من مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل.
وتهدف الصياغة الجديدة للمقترح إلى الحفاظ على سريان الهدنة بعد انقضاء فترة الستين يومًا، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد تلك الفترة، بحسب مصادر مطلعة على المحادثات.
مطالب إسرائيل
وأكدت الشبكة الأمريكية، أنه رغم المرونة الظاهرة، لم يتنازل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أهدافه المعلنة، وفي مقدمتها تفكيك القوة العسكرية لحماس وتجريد غزة من السلاح، إلى جانب إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين.
وقال نتنياهو، الأربعاء: "أؤكد لكم، لن يكون هناك حماس. لا وجود لما يسمى حمستان. لن نعود إلى ذلك الوضع. انتهى الأمر"، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبدىتغييرًا في نبرة خطابه خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذ قدّم مسألة استعادة الأسرى كأولوية على "الهدف الأسمى" السابق، وهو تدمير حماس بالكامل.
وأضاف نتنياهو: أن العمليات العسكرية في إيران فتحت "فرصًا جديدة" من بينها إعادة الأسرى من غزة، قائلًا: "أولًا، لإنقاذ الرهائن. وبالطبع، يجب علينا أيضًا حل مسألة غزة.
وفي السياق ذاته، أوصى الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع بالسير في مسار دبلوماسي في غزة بعد ما يقارب عامين من الحرب والقضاء على جزء كبير من قيادات حماس.
وقال مسؤول عسكري لشبكة CNN، الثلاثاء: إن إسرائيل لم تحقق جميع أهدافها من الحرب، وإن قوات حماس المتبقية باتت تختبئ ما يصعب استهدافها بفعالية، مؤكدًا أن "تحقيق الأهداف التكتيكية أصبح أكثر صعوبة الآن".
مطالب حماس: انسحاب إسرائيلي وضمانات دولية
ومن جانبها، وضعت حماس ثلاث مطالب رئيسية لأي اتفاق قادم: وقف دائم لإطلاق النار، توزيع المساعدات من خلال الأمم المتحدة، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى حدود ما قبل 2 مارس 2025، وهو التاريخ الذي بدأت فيه إسرائيل هجومها الأخير واحتلت شمال قطاع غزة.
وقال مسؤول كبير في حماس لشبكة CNN أواخر مايو إن الحركة مستعدة لإعادة جميع الأسرى "خلال يوم واحد" شريطة الحصول على ضمانات بعدم استئناف الحرب.
وفي معرض ردها على مقترح سابق للهدنة رعته إدارة ترامب في مايو، طالبت حماس بضمانات أمريكية بأن تُستأنف المفاوضات بشأن وقف إطلاق نار دائم بعد انقضاء فترة الهدنة، وعدم استغلال إسرائيل الهدنة لإعادة شن الحرب.
ومن المقرر أن تجتمع قيادة حماس، يوم الخميس، لمناقشة المقترح الجديد، بحسب مصدر إسرائيلي أكد أن قبول حماس سيفتح الباب لمحادثات غير مباشرة تُجرى من خلال الوسطاء، بحيث يجري الطرفان المفاوضات من مبنى واحد مع تبادل الرسائل عبر وسطاء.
ويُعد موضوع انسحاب القوات الإسرائيلية وتحديد توقيته ومواقعه خلال فترة الهدنة أحد القضايا الرئيسية التي ستتم مناقشتها خلال هذه المحادثات غير المباشرة.
ويبقى السؤال الأساسي: هل ستكون الهدنة تمهيدًا لاتفاق دائم أم مجرد توقف مؤقت في حرب طويلة؟ حتى الآن، لم تُبدِ حماس أي استعداد للتخلي عن نفوذها السياسي والعسكري في قطاع غزة.