بنكيران والمرأة.. جدل جديد يكشف ملامح الفكر الإخواني في المغرب

بنكيران والمرأة.. جدل جديد يكشف ملامح الفكر الإخواني في المغرب

بنكيران والمرأة.. جدل جديد يكشف ملامح الفكر الإخواني في المغرب
بنكيران

أعاد عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" ورئيس الحكومة المغربية الأسبق، الجدل حول النظرة الإخوانية للمرأة، بتصريحات مثيرة اعتبر فيها أن "الزواج أولى من التعليم" إذا اضطرت الفتاة للاختيار بينهما، قائلًا في لقاء حزبي: الشهادات لا تنفع من فشلت في الزواج.


ورغم أن التصريح لم يكن الأول من نوعه لبنكيران، إلا أن وقعه هذه المرة كان أشد وقعًا في ظل التقدم الملحوظ الذي أحرزته المرأة المغربية في مختلف القطاعات، ما أثار ردود فعل واسعة غاضبة في الأوساط الحقوقية والسياسية.


رابطة "إنجاد ضد العنف"، وهي من أبرز الهيئات المدافعة عن حقوق النساء في المغرب، أدانت بشدة تصريحات بنكيران، ووصفتها بأنها: "دعوة صريحة إلى انتهاك حق الفتيات في التعليم، وتشجيع على التراجع عن مكاسب نضالية تحققت عبر عقود".


وطالبت الرابطة في بيان رسمي السلطات والمؤسسات الدستورية المعنية بحقوق الإنسان بتحمل مسؤولياتها تجاه ما وصفته بـ"خطاب رجعي يتنافى مع روح الدستور المغربي، ويمسّ كرامة المرأة وحقها في التعليم والمشاركة المجتمعية الكاملة".


كما حذرت من خطورة التأثير الاجتماعي لمثل هذه التصريحات، لا سيما في المناطق الريفية والهشة، حيث ما زال تزويج القاصرات يمثل ظاهرة تهدد مستقبل آلاف الفتيات.

الفكر الإخواني.. حضور ثابت في خطاب بنكيران


يرى مراقبون أن تصريحات بنكيران لا يمكن فصلها عن الخلفية الإيديولوجية لحزبه، الذي يُعد الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في المغرب.


ويؤكد هؤلاء أن هذا الخطاب يعكس جوهر العقيدة الإخوانية التي لطالما صنّفت المرأة باعتبارها كائنًا تابعًا، يُحدّد له الدور الاجتماعي وفق تصورات ذكورية ماضوية.


وتتهم جماعة الإخوان الإرهابية، التي ينتمي لها بنكيران فكريًا وسياسيًا، بتبني مواقف معادية للمرأة في عدة دول عربية، ومحاولة تقويض أي إصلاحات قانونية أو تشريعية تعزز حقوقها، كما حصل في مصر وتونس وسوريا والسودان.

استياء واسع على المنصات الاجتماعية

اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة غضب عارم، عبرت عنها ناشطات وحقوقيات وكتاب مغاربة، اعتبروا تصريحات بنكيران مهينة للمرأة ومحاولة متجددة لتحقير التعليم وتقليص دور الفتاة إلى مجرّد وظيفة بيولوجية.

وقالت الناشطة أسماء بوعبدالله عبر "فيس بوك": بنكيران يعيدنا سنوات إلى الوراء.. شهادتي العلمية مكّنتني من تربية أبنائي وقيادة مشاريعي، ولم أنتظر رجلاً يمنّ عليّ بالحياة".


وشبه ناشطون تصريحات بنكيران بخطاب الجماعات المتشددة التي ترى في تعليم الفتيات خطرًا على سلطتها الذكورية، واتهموه باستخدام مفردات شعبوية تستهوي الشرائح المحافظة، بهدف إعادة تسويق الخطاب الإخواني في ثوب محلي.

نصوص القانون في مواجهة الشعبوية


القانون المغربي، الذي يُلزم التعليم الإجباري للأطفال بين سن 4 و18 عامًا، ينصّ على معاقبة أولياء الأمور الذين يتقاعسون عن ضمان تعليم أبنائهم، ويُعدّ حرمان الفتيات من الدراسة جريمة قانونية وأخلاقية.


وتعتبر منظمات مدنية أن مثل هذه التصريحات تشجّع ضمنيًا على مخالفة القانون، وتدعم ممارسات تسلب الفتيات حقهن في التكوين والمعرفة والتمكين الاقتصادي.


ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية مصطفي حمزة، أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الاخواني في المغرب، ليست زلة لسان، بل امتداد طبيعي لمنظومة فكرية إخوانية تقصي المرأة وتهمّش دورها المجتمعي والسياسي.

ويضيف حمزة - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أن بنكيران يُعيد إنتاج الخطاب الإخواني التقليدي الذي يرى في المرأة كائنًا تابعًا لا يفترض أن ينافس الرجل في فضاء العلم أو العمل، وهو خطاب تجاوزه الزمن ويتناقض مع مسار الدولة المغربية في تعزيز حقوق النساء وتمكينهن، وأشار إلى أن الجماعات المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية تحمل مشروعًا ناعمًا ظاهريًا، لكنه يقوم على تقويض مدنيّة الدولة من الداخل، والارتداد بحقوق النساء بمجرد توفر المناخ السياسي لذلك.