كواليس أسوأ الكوارث الإنسانية.. مصادر تكشف: حكومة نتنياهو قادت غزة للمجاعة عن عمد

كواليس أسوأ الكوارث الإنسانية.. مصادر تكشف: حكومة نتنياهو قادت غزة للمجاعة عن عمد

كواليس أسوأ الكوارث الإنسانية.. مصادر تكشف: حكومة نتنياهو قادت غزة للمجاعة عن عمد
حرب غزة

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تفاصيل وأسرار مثيرة بشأن القرارات السياسية والأمنية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية، والتي قادت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ما مهد الطريق لما وصفه بـ"إنجاز تاريخي" لحركة حماس على حساب معاناة المدنيين.


وتستند الصحيفة إلى حوارات مع صناع قرار ومسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي وقادة عسكريين سابقين وحاليين، ويسلط الضوء على سلسلة من الإخفاقات السياسية والتردد في اتخاذ القرارات، ما أدى إلى ما وصف بـ"انهيار سياسي" وأزمة إنسانية غير مسبوقة في القطاع.

قرار كارثي في مارس


وبحسب الصخيفة فإنه في الثاني من مارس، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارًا بوقف جميع المساعدات والإمدادات الغذائية المتجهة إلى قطاع غزة. هذا القرار، الذي وصف بأنه "مصيري وكارثي"، جاء في إطار محاولة إسرائيل الضغط على حركة حماس لقبول شروطها في صفقة تبادل أسرى.


ووفقًا للتقرير، كان الوضع في غزة صعبًا بالفعل قبل هذا القرار، لكن آليات المساعدات الإنسانية كانت لا تزال تعمل، بل وشهدت تحسنًا نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان ساري المفعول آنذاك. كميات كبيرة من المساعدات والمواد الغذائية كانت تدخل القطاع، مما ساهم في الحد من تفاقم الأزمة.


لكن في مارس، اتخذت إسرائيل ثلاث خطوات كبرى غيرت المشهد جذريًا: أولًا، أنهت اتفاق وقف إطلاق النار؛ ثانيًا، أطلقت عملية عسكرية واسعة النطاق أطلق عليها اسم "مركبات جدعون" بهدف دفع حماس إلى قبول صفقة الأسرى بشروط إسرائيل؛ وثالثًا، فرضت سيطرة فعلية على تدفق المساعدات والمواد الغذائية إلى القطاع.


وبحسب الصحيفة، لم تستند هذه القرارات إلى رؤية استراتيجية متكاملة، بل كانت مدفوعة بشكل رئيسي بضغوط سياسية داخلية، خاصة من قبل اليمين المتطرف بقيادة إيتمار بن غفير وبيتسالئيل سموتريتش، إلى جانب تأثير الرأي العام.

مؤشرات الأزمة وتجاهل التحذيرات


وأضافت الصحيفة أنه منذ بداية أبريل، بدأت مؤشرات جهاز الأمن الإسرائيلي تكشف عن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.


وتابعت أن هذه المؤشرات، التي دعمتها تحذيرات منظمات الإغاثة الدولية، أظهرت اقتراب القطاع من حالة مجاعة، لكن الحكومة الإسرائيلية، بحسب التقرير، لم تأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد.


وواجه اللواء رسان عليان، منسق العمليات في الأراضي الفلسطينية، انتقادات وسخرية من بعض الوزراء، الذين اعتبروا تحذيراته "مبالغ فيها" وأنه "يرفع أعلامًا حمراء دون مبرر".


أحد الوزراء أشار إلى وجود ازدراء داخل الحكومة لتقديرات الجيش الإسرائيلي بشأن الوضع في غزة، بينما قال مسؤول كبير إن الحكومة كانت على علم بحدة الوضع، لكنها اختارت "السير على حبل مشدود"، مخاطرة بحدوث كارثة إنسانية تُهدد سكان القطاع بأكمله.

تحذيرات دولية دون استجابة


ومع تصاعد الأزمة، تلقت إسرائيل تحذيرات من عدة جهات دولية، ففي مايو، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل من تداعيات الوضع في غزة.


وفي نهاية يونيو وبداية يوليو، هدد الاتحاد الأوروبي صراحة بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع.


وبحسب الصحيفة ابعبرية، فإن هذه التحذيرات لم تجد صدى يذكر في النقاش العام الإسرائيلي، الذي ظل مركزًا بشكل رئيس على مفاوضات صفقة تبادل الأسرى.


وكانت النظرة السائدة داخل إسرائيل أن وقف إطلاق نار وشيك سيؤدي إلى حل الأزمة تلقائياً، مما أدى إلى تأخير اتخاذ قرارات حاسمة.

تردد نتنياهو وتأثير اليمين المتطرف


اتهمت الصحيفة في تقريرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين بإضاعة الوقت وعدم اتخاذ قرارات حاسمة.


ووفقًا للتقرير، كان نتنياهو يخشى مواجهة اليمين المتطرف داخل ائتلافه الحكومي، خصوصًا بن غفير وسموتريتش، اللذين مارسا ضغوطاً سياسية كبيرة، وهذا الخوف السياسي، إلى جانب تقلبات في اتخاذ القرارات، أدى إلى ما وصفه التقرير بـ"مناورات سياسية" و"انعطافات مفاجئة"، مما زاد من تعقيد الأزمة.

إنجاز تاريخي لحماس


يصف التقرير الوضع الحالي بأنه "إنجاز تاريخي" لحركة حماس، التي استغلت معاناة سكان غزة لتعزيز موقفها السياسي على حساب إسرائيل.


وطالبت الصحيفة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لفحص كيفية سير إسرائيل "بعيون مفتوحة" نحو كارثة 7 أكتوبر، ثم نحو أزمة إنسانية وسياسية في غزة.


وأشارا إلى ضرورة أن تبحث هذه اللجنة في الأسباب التي جعلت إسرائيل تتجاهل التحذيرات المتكررة من إدارتي بايدن وترامب، وكيف سمحت الحكومة لاعتبارات سياسية داخلية بأن تطغى على المصلحة الاستراتيجية.