تصريحات نتنياهو تستفز المنطقة.. غضب عربي ومخاوف من نكبة جديدة

تصريحات نتنياهو تستفز المنطقة.. غضب عربي ومخاوف من نكبة جديدة

تصريحات نتنياهو تستفز المنطقة.. غضب عربي ومخاوف من نكبة جديدة
حرب غزة

تصريحات جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشعلت جدلًا واسعًا وأثارت موجة غضب عربي عارم، ففي مقابلة عبر قناة على "تلغرام"، لمح نتنياهو إلى إمكانية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة عبر معبر رفح نحو مصر، معتبرًا أن "نصف السكان يرغبون بالخروج"، ومصر بدورها "ستغلق الباب أمامهم"، لكن هذه الكلمات لم تمر مرور الكرام، إذ أعادت إلى الواجهة أكثر المخاوف حساسية في العالم العربي: إعادة إنتاج سيناريو التهجير القسري الذي ظل شبحه يطارد الذاكرة الفلسطينية منذ النكبة عام 1948، القاهرة، التي وجدت نفسها في قلب العاصفة، ردت بصرامة، مؤكدة أن حدودها ليست "بوابة للهجرة الجماعية"، وأن المساس بالقضية الفلسطينية خط أحمر، وفي الوقت نفسه، توالت بيانات الإدانة من عواصم عربية وخليجية، متهمة نتنياهو بمحاولة فرض واقع جديد عبر القوة والابتزاز، في ظل حرب مستمرة منذ ما يقرب من عامين على غزة خلفت دمارًا غير مسبوق وأزمة إنسانية خانقة.

تصعيد مستمر


منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة، اتسم خطاب بنيامين نتنياهو بتصعيد مستمر، سواء في تبرير العمليات العسكرية أو في تسويق رؤى سياسية تثير الجدل، غير أن تصريحه الأخير حول "رغبة نصف سكان غزة بالخروج" وطرحه معبر رفح كمنفذ محتمل لذلك، فتح الباب على أزمة دبلوماسية جديدة مع القاهرة، وأعاد إلى السطح شبح التهجير الجماعي للفلسطينيين، وهو ما يعتبر في نظر القانون الدولي جريمة حرب مكتملة الأركان.

وزارة الخارجية المصرية أصدرت بيانًا شديد اللهجة، رفضت فيه بالمطلق أي محاولة لجعل مصر طرفًا في "تصفية القضية الفلسطينية"، القاهرة شددت على أن دورها يتمثل في دعم الحقوق الفلسطينية لا في تمرير مخططات لتفريغ غزة من سكانها.

وأكد البيان، أن حدود مصر ليست "ممرًا للتهجير"، وأنها لن تسمح باستخدام معبر رفح كأداة سياسية لإعادة رسم الخريطة الديمغرافية للمنطقة.

التوتر سرعان ما أخذ منحى علنيًا بعد أن رد مكتب نتنياهو على الموقف المصري، متهمًا القاهرة بـ"تفضيل سجن سكان غزة داخل منطقتهم ضد إرادتهم".

هذا الرد، الذي وصفه مراقبون بأنه محاولة لتصدير المسؤولية، يعكس حجم الفجوة بين تل أبيب والقاهرة في إدارة ملف غزة، رغم الاتصالات المستمرة بين الجانبين منذ بداية الحرب.

تنديد عربي


الغضب لم يقتصر على مصر وحدها، فقد أعربت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن إدانتها للتصريحات المتكررة من قبل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، بما في ذلك عبر معبر رفح، واستمرار استخدام الحصار والتجويع لفرض التهجير القسري.

وأكدت أن ذلك يعد انتهاكًا جسيمًا للقوانين والمبادئ الدولية وأبسط المعايير الإنسانية، كما شددت على أن المملكة تجدد دعمها الكامل للأشقاء بمصر في هذا الصدد.

من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، التصريحات بأنها تمثل امتدادًا لنهج الاحتلال في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وازدراء القوانين والاتفاقيات الدولية، ومساعيه المسمومة لقطع الطريق أمام فرص السلام، لا سيما حل الدولتين.

ورأت أن سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين، بما في ذلك حرب الإبادة الجماعية الوحشية المستمرة على قطاع غزة، وجرائمه في الضفة الغربية، وانتهاكاته للمقدسات الدينية، ومخططاته لتوسيع المستوطنات وتهويد القدس، وقيوده لمنع دخول المساعدات الإنسانية للمدنيين، لن تنجح في إجبار الشعب الفلسطيني على مغادرة أرضه ومصادرة حقوقه المشروعة.

وشددت الخارجية القطرية، على ضرورة اصطفاف المجتمع الدولي بعزم لمواجهة السياسات المتطرفة والمستفزة للاحتلال الإسرائيلي، لتجنّب استمرار دوامة العنف في المنطقة وتمددها إلى العالم.

أما وزارة الخارجية الكويتية فقد اعتبرت، في بيان، أن التصريحات تعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق غير القابلة للتصرف، وانتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأكدت الخارجية الكويتية رفضها لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين.

كما دعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى التحرك العاجل لإنهاء الإبادة والعقاب الجماعي، ووقف سياسة التجويع وتوسيع المستوطنات، وشددت على أن السلام العادل والشامل لن يتحقق دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

من جانبها، أدانت الخارجية الأردنية بأشد العبارات التصريحات العدائية التي يطلقها متطرفو الحكومة الإسرائيلية، وآخرها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي حول تهجير الفلسطينيين من غزة عبر معبر رفح.

واعتبرت ذلك خرقًا فاضحًا للقانون الدولي والإنساني، وتعديًا سافرًا على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في البقاء على أرضه وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وجددت رفض الأردن المطلق للتهجير باعتباره جريمة حرب، مؤكدة دعمها لموقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية.

فلسطين


في السياق ذاته، نددت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، بهجوم نتنياهو على مصر، معتبرة أنه اعتراف إسرائيلي رسمي بمخططات التهجير في قطاع غزة.

وفي بيان، أدانت الخارجية الفلسطينية التصريحات والمواقف الاستفزازية التي صدرت عن نتنياهو، والتهم الباطلة والهجوم غير المبرر على مصر.

وثمنت الوزارة "مواقف مصر الداعمة لقضايا وحقوق الشعب الفلسطيني، ووقوفها الدائم إلى جانب قطاع غزة ومواطنيه في وجه جرائم الإبادة والتهجير".

مجلس التعاون الخليجي


على الصعيد الإقليمي، أدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، في بيان، بـ"أشد العبارات" التصريحات غير المسؤولة والخطيرة الصادرة عن رئيس وزراء قوات الاحتلال الإسرائيلية بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

واعتبر أن هذه التصريحات تمثل دعوة علنية لاقتراف جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان، وانتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق والأعراف والقوانين الدولية.

ودعا البديوي المجتمع الدولي بكافة أطرافه إلى تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية بشكل عاجل، واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لوقف هذه الممارسات والتصريحات الخطيرة، ومنع تفاقم الأوضاع بما يهدد استقرار المنطقة والعالم.

في المقابل، يرى مراقبون، أن الموقف العربي الرافض، يعكس إدراكًا لخطورة الانزلاق نحو مخطط تهجير جديد قد يقلب موازين المنطقة، فتهجير سكان غزة إلى سيناء أو أي منطقة أخرى ليس مجرد قضية إنسانية، بل مسألة جيوسياسية تهدد أمن مصر الداخلي، وتضعف الموقف الفلسطيني، وتعيد رسم حدود الصراع على نحو أخطر مما هو قائم اليوم.