قمة الدوحة.. منصة لتوحيد الصف العربي والإسلامي في وجه تل أبيب

قمة الدوحة.. منصة لتوحيد الصف العربي والإسلامي في وجه تل أبيب

قمة الدوحة.. منصة لتوحيد الصف العربي والإسلامي في وجه تل أبيب
قمة الدوحة

تتجه أنظار العالم، اليوم، إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث تجتمع الدول العربية والإسلامية في قمة طارئة غير مسبوقة، تهدف إلى صياغة موقف جماعي إزاء الغارة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات من حركة حماس على الأراضي القطرية، في حادثة اعتُبرت تصعيدًا خطيرًا يطال سيادة دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي.

القمة، التي تأتي في لحظة مفصلية إقليميًا، تسعى إلى إرسال رسالة سياسية واضحة إلى تل أبيب والمجتمع الدولي مفادها أن أمن قطر هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي والإسلامي، وأن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية لن يمرّ من دون ردّ.

وبمشاركة واسعة من وزراء الخارجية، وقادة الدول، ومنظمة التعاون الإسلامي، تبدو الدوحة مصمّمة على تحويل هذه اللحظة إلى منصة لوضع حدّ لتجاوزات إسرائيل المتكررة، والتأكيد على التضامن العربي والإسلامي في وجه محاولات زعزعة استقرار المنطقة.

جهود دبلوماسية مكثفة


تعيش العاصمة القطرية الدوحة منذ مساء السبت حالة استنفار دبلوماسي مكثف، مع وصول وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية لعقد اجتماعات تمهيدية قبل انطلاق القمة الطارئة اليوم الأحد.

الاجتماع الوزاري يهدف إلى صياغة مسودة قرار مشترك يقدّم للقادة غدًا الاثنين، يتضمن حزمة من المواقف والإجراءات للرد على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قيادات حماس، وأدت إلى مقتل خمسة من عناصر الحركة وأحد أفراد الأمن القطري.

المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أكد أن انعقاد القمة يعكس التزامًا عربيًا وإسلاميًا برفض الاعتداءات الإسرائيلية، وحرصًا على توجيه رسالة موحدة بأن قطر ليست وحدها في مواجهة هذا التصعيد. 

تصريحات الأنصاري جاءت متناغمة مع سلسلة بيانات صدرت عن عواصم عربية وإسلامية، أبرزها الرياض والقاهرة وأبو ظبي وطهران، أدانت الهجوم واعتبرته خرقًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا للأمن الإقليمي.

حضور إيراني وتركي


الجانب الإيراني كان حاضرًا بقوة في مشهد التحضير للقمة؛ إذ غادر وزير الخارجية عباس عراقجي طهران متجهًا إلى الدوحة لحضور الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، على أن يمثل الرئيس مسعود بزشكيان بلاده في القمة الرسمية.

حضور إيران، إلى جانب السعودية وتركيا والعراق، يعكس اهتمام القوى الإقليمية بتحويل هذه القمة إلى نقطة انطلاق لسياسة ردع جماعية، وتفعيل آليات المساءلة الدولية ضد إسرائيل.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان من أوائل القادة الذين عبّروا عن موقف واضح قبل القمة، مؤكدًا أن أمن قطر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وأن الرد الموحد لم يعد خيارًا بل ضرورة لحماية المنطقة من مزيد من الانفجارات الأمنية، وفقًا لوكالة الأنباء القطرية.

وطالب عباس باتخاذ خطوات دبلوماسية عاجلة، ومحاصرة إسرائيل سياسيًا عبر المحافل الدولية، بالتوازي مع إدخال مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، ووقف الاستيطان وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية، واستعادة الأموال الفلسطينية المحتجزة.

لحظات مفصلية


من جانبه، قال المحلل السياسي الأردني نضال أبو زيد: إن انعقاد القمة العربية – الإسلامية في الدوحة يمثل لحظة مفصلية في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي، إذ تأتي في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي التصعيد دبلوماسيًا وعسكريًا في المنطقة.

 
وأوضح أبو زيد -في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"-، أن حكومة بنيامين نتنياهو تواجه في الأيام الأخيرة ضغوطًا غير مسبوقة على الساحة الدولية، بعد ثلاث ضربات دبلوماسية متتالية تمثلت في إدانة مجلس الأمن لانتهاكات إسرائيل ضد قطر، واعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يؤكد حل الدولتين، إلى جانب الحراك النشط الذي تقوده عواصم عربية وإسلامية لعزل إسرائيل سياسيًا.

وأضاف: أن قمة الدوحة قد تفضي إلى بيان قوي يعمّق العزلة الدبلوماسية لتل أبيب، ويوازن بين الإجراءات العملية مثل إعادة النظر في مستوى العلاقات الدبلوماسية أو تعليق التعاون في بعض المجالات، وبين التحركات القانونية عبر المحافل الدولية
لمحاسبة إسرائيل على خروقاتها المستمرة.

ورأى أبو زيد أن التوقيت بالغ الأهمية، فنجاح القمة في توحيد الموقف العربي والإسلامي سيشكل رادعًا استراتيجيًا، ويرسل رسالة واضحة بأن أمن قطر هو خط أحمر، وأن استمرار التصعيد الإسرائيلي لن يمر دون تكلفة سياسية ودبلوماسية باهظة.

إرهاب الدولة


قال الدكتور فهد الشليمي، المحلل السياسي الكويتي ورئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام: إن القمة العربية – الإسلامية التي تستضيفها الدوحة تمثل محطة استراتيجية لإيصال رسالة حازمة ضد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على دول المنطقة، وفي مقدمتها الهجوم الأخير على قطر.

 وأكد الشليمي، أن هناك شبه إجماع عربي ودولي على رفض هذه الاعتداءات، ما يجعل القمة فرصة سانحة لتحويل هذا الإجماع إلى خطوات عملية تضيق الخناق على حكومة الاحتلال.

وأشار الشليمي -في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"-، أن حكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفها بـ"المثلث المتطرف" في إشارة إلى نتنياهو ووزرائه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يديرون سياسة عدوانية تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، بينما تمارس ما وصفه بـ"إرهاب الدولة" ضد الفلسطينيين ودول عربية لم تبادر بعداء أو تهديد لإسرائيل.

 وأضاف: أن القمة ستناقش رزمة من الإجراءات الرادعة، منها تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي في الدول المطبعة مع إسرائيل، فرض مقاطعة اقتصادية وتجارية مؤقتة، منع السفن الإسرائيلية من الرسو في الموانئ العربية، وإغلاق الأجواء أمام الطيران الإسرائيلي.

 كما شدد على أهمية التنسيق بين القمة العربية والقمة الإسلامية المقبلة لصياغة موقف موحد.

ولفت إلى أن الإجراءات القانونية ستكون حاضرة على الطاولة، عبر الدفع نحو تحريك قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين، وفي مقدمتهم نتنياهو الذي يواجه بالفعل دعاوى معلقة. 

ورأى الشليمي، أن هذه الخطوة قد تسرع من عزلة تل أبيب دوليًا، خصوصًا في ظل قبول أوروبي وروسي وصيني متزايد لأي تحرك عربي منظم ضد الانتهاكات الإسرائيلية.

واعتبر الشليمي، أن الضغط الاقتصادي والدبلوماسي يشكل الخيار الأمثل حاليًا في ظل موازين القوى الدولية وتعقيدات المشهد الإقليمي، مضيفًا أن القمة ستعيد التأكيد على حل الدولتين وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية كالممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. 

وختم بالقول: إن الفرصة مواتية لعزل حكومة نتنياهو دوليًا، وإظهار أن الاعتداء على قطر أو أي دولة عربية سيقابل بموقف جماعي حازم يعيد رسم قواعد الاشتباك السياسي والدبلوماسي مع إسرائيل.