إدانة أممية شاملة لأطراف حرب السودان وتمسّك دولي بخارطة الرباعية للحل

إدانة أممية شاملة لأطراف حرب السودان وتمسّك دولي بخارطة الرباعية للحل

إدانة أممية شاملة لأطراف حرب السودان وتمسّك دولي بخارطة الرباعية للحل
الرباعية الدولية

في لحظة تتقاطع فيها الانهيارات الإنسانية مع ضغوط المجتمع الدولي، عاد الملف السوداني إلى واجهة مجلس حقوق الإنسان في جنيف بقرار يحمل لهجة غير مسبوقة من الإدانة لكافة أطراف النزاع، فمنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، ظل المدنيون الحلقة الأضعف في معادلة العنف، بينما تتكاثر الاتهامات بالجرائم والانتهاكات في ظل غياب مسار سياسي قادر على وقف النزف.


القرار الأممي الأخير لم يكتفِ بتسجيل المخالفات، بل وضع إطارًا صارمًا للمساءلة، وأعاد التأكيد على أن الطريق الوحيد للخروج من الكارثة يمر عبر حل سياسي يقوده المدنيون، بعيدًا عن هيمنة القوات المتحاربة، وبينما تواصل الرباعية الدولية الدفع بخارطة طريق تستند إلى هدنة إنسانية وانتقال آمن وشامل، تتصاعد التحذيرات من تفاقم الوضع الميداني، لا سيما في الفاشر التي تحولت إلى بؤرة نزاع دموي.

إدانة واضحة لجميع الأطراف

أعاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تسليط الضوء على الانتهاكات الواسعة التي يشهدها السودان منذ اشتعال الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بإقرار قرار جديد يُدين جميع الأطراف دون استثناء، القرار، الذي جاء في جلسة خاصة عقدت في جنيف، وصف ما يجري بأنه يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقًا لتقييم خبراء حقوقيين تابعوا مسار الحرب وتداعياتها على المدنيين.

ما يميّز القرار الأممي هذه المرة، أنه تجنّب انتقاء طرف واحد في توجيه الاتهام، وتعامل مع الانتهاكات كمنظومة متداخلة يتحمل مسؤوليتها الطرفان معًا، وأكد نص القرار أن لا حل عسكريًا للأزمة، داعيًا إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وتفعيل آلية مستقلة لمراقبة وقف الأعمال العدائية، هذه النقطة تحديدًا تعكس إدراكًا دوليًا بأن الأطراف المتحاربة تفتقر إلى القدرة على تحقيق نصر حاسم، وأن الاستمرار في الحرب سيقود إلى تفكيك ما تبقى من الدولة السودانية.

تحقيق دولي موسّع حول أحداث الفاشر

وتضمن القرار تكليف بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بتوثيق الانتهاكات الأخيرة في مدينة الفاشر، التي تصاعدت فيها أعمال القتل والهجمات ضد المدنيين خلال الأسابيع الماضية، وستكون مهمة البعثة – وفق التفويض الجديد – تحديد هوية الضالعين في تلك الانتهاكات حيثما أمكن لضمان محاسبتهم.

وبحسب مصادر شاركت في الجلسة، رفض مندوب السودان توسيع ولاية البعثة، في وقت شدد فيه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، على أن ما يحدث يمثل "استخدامًا للقسوة لإخضاع شعب بأكمله".

خطة الرباعية الدولية 


وتنص المبادئ المشتركة لإنهاء الصراع في السودان التي أقرتها المجموعة الرباعية الدولية ( الإمارات، مصر، السعودية، الولايات المتحدة) على:

أولًا: سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية للسلام والاستقرار.

ثانيًا: لا يوجد حل عسكري مجدٍ للصراع، واستمرار الوضع الراهن يُسبب معاناة غير مقبولة ومخاطر على السلم والأمن.

ثالثًا: يجب على جميع أطراف النزاع تسهيل الوصول السريع والآمن للمساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، ومن خلال جميع الطرق اللازمة، وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي الإنساني، والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية.

رابعًا: إن مستقبل حكم السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية، ولا يخضع لسيطرة أي طرف متحارب، ودعت الرباعية إلى هدنة إنسانية، لثلاثة أشهر بصفة أولية، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، بما يؤدي بشكل فوري إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم يتم إطلاق عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية وإبرامها في غضون تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مستقلة بسلاسة بقيادة مدنية تتمتع بشرعية ومسؤولية واسعة النطاق، وهو أمر حيوي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة فيه، إن مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه الجماعات المتطرفة العنيفة التي تنتمي أو ترتبط بشكل موثق بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

خامسًا: إن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يؤدي إلى زيادة حدة النزاع وإطالة أمده والإسهام في عدم الاستقرار الإقليمي، وبناءً على ذلك، فإن إنهاء الدعم العسكري الخارجي هو ضرورة لإنهاء النزاع.

إجماع دولي على خطورة الانتهاكات


من جهتها، اعتبرت مجموعة "محامو الطوارئ" أن القرار يعكس إجماعًا دوليًا متناميًا حول خطورة الأوضاع الإنسانية في السودان، داعية الجيش والدعم السريع إلى وقف جميع الانتهاكات فورًا وضمان حماية المدنيين وحرية تنقلهم.

كما شددت المجموعة على ضرورة التعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق وتوفير المعلومات والشهادات اللازمة لضمان المساءلة، هذا الموقف يشير إلى دعم حقوقي وقانوني واسع للجهود الدولية الرامية إلى وضع حد لدوامة الإفلات من العقاب التي ظلت ملازمة للحروب السودانية المتعاقبة.

الإمارات تدعم خارطة الطريق وتتعهد بتمويل إضافي

وفي إطار المواقف الإقليمية، أكدت دولة الإمارات، أن "بيان الرباعية" يمثل الطريق الواقعي لإنهاء النزاع، داعية إلى هدنة إنسانية عاجلة تمهّد لوقف دائم لإطلاق النار. وخلال الجلسة الأممية، دانت الإمارات الهجمات الأخيرة في الفاشر والانتهاكات المستمرة في أنحاء السودان.

المندوب الإماراتي جمال المشرخ شدد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، محذرًا من استخدام الغذاء والدواء كسلاح في الصراع.

 كما لفت إلى أن الدولة تعهدت مؤخرًا بتقديم 100 مليون دولار إضافية لدعم العمليات الإنسانية في الفاشر، معتبرًا أن السودان يمر بأحلك لحظاته، وأن دعم استقراره يمثل مصلحة إقليمية ودولية.