من هو ياسر أسدي؟ قصة أول عربي مسلم يتولى قيادة كتيبة إسرائيلية قرب القدس

من هو ياسر أسدي؟ قصة أول عربي مسلم يتولى قيادة كتيبة إسرائيلية قرب القدس

من هو ياسر أسدي؟ قصة أول عربي مسلم يتولى قيادة كتيبة إسرائيلية قرب القدس
ياسر أسدي

في مشهد يفيض بالتناقضات، يطفو اسم ياسر هدايا أسدي على سطح النقاش العام داخل إسرائيل وخارجها، ليس بوصفه ضابطًا فحسب، بل باعتباره حالة سياسية اجتماعية معقدة. تعيين أسدي، العربي المسلم القادم من قرية دير الأسد في الجليل، قائدًا لكتيبة "أدوميم" العاملة في محيط القدس وخط التماس، يفتح بابًا واسعًا للأسئلة، عن معنى الاندماج وحدوده، وعن موقع الفلسطيني داخل مؤسسات أمنية تُعدّ في صلب الصراع، وعن كلفة الصعود الفردي حين يكون المسرح أرضًا متنازعًا عليها. 

هذا التقرير لا يكتفي بسرد مسيرة مهنية استثنائية داخل جهاز أمني شديد الحساسية، بل يحاول تفكيك دلالاتها، ورصد سياقها المؤسسي والسياسي، وقراءة أصدائها في مجتمع عربي يعيش داخل إسرائيل بين خيارَي الاندماج والاغتراب، وفي فضاء فلسطيني يرى في حرس الحدود عنوانًا للاحتكاك اليومي والقسري.

من هو ياسر هدايا أسدي؟

عيّنت شرطة حرس الحدود الإسرائيلي الضابط ياسر هدايا أسدي قائدًا لكتيبة "أدوميم" المسؤولة عن محيط القدس وخط التماس، ليصبح أول عربي مسلم يتولى قيادة كتيبة داخل الجهاز، وأول من يُرقى من صفوفه إلى رتبة نائب قائد شرطة.

الخبر الذي أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت قدّم الواقعة باعتبارها إنجازًا مؤسسيًا، لكنه في الوقت نفسه فجّر نقاشًا عامًا حول ما يعنيه هذا التعيين في لحظة سياسية وأمنية بالغة التعقيد.

أسدي، البالغ من العمر 52 عامًا، ينحدر من قرية دير الأسد في الجليل، التحق بحرس الحدود قبل 34 عامًا مقاتلًا ميدانيًا، وتدرّج في المواقع حتى اجتاز دورة القيادة والأركان، قبل أن يحصل على ترقية استثنائية إلى رتبة نائب قائد شرطة، مسيرته الطويلة تضم سنوات خدمة في الضفة الغربية ومحيط القدس، وهي ساحات يُقاس فيها الأداء الأمني بالقدرة على السيطرة والاحتكاك المباشر.

كتيبة "أدوميم".. موقع حساس ودور إشكالي

تقع كتيبة "أدوميم" في قلب واحدة من أكثر المناطق حساسية، إذ تشرف على محيط القدس وخط التماس، حيث تتداخل الجغرافيا بالسياسة، والأمن بالهوية.

 مهام الكتيبة، وفق البيانات الرسمية، تتركز على "مكافحة التسلل" ومنع دخول المقيمين غير النظاميين إلى إسرائيل، وهو توصيف إداري لواقع يومي يتضمن احتكاكات متكررة مع الفلسطينيين، وحواجز، وعمليات توقيف.

 قيادة هذه الوحدة تعني إدارة ضغط أمني دائم، واتخاذ قرارات سريعة في بيئة قابلة للاشتعال.

من هنا، لا يُقرأ تعيين أسدي بوصفه منصبًا إداريًا فقط، بل كاختبار لقدرة المؤسسة على تقديم نموذج "تنويع" داخل جهاز لطالما وُصف بأنه متجانس قوميًّا، وكاختبار شخصي لضابط عربي مسلم يقود قوة تعمل في مساحة الصراع ذاته.

العائلة والسيرة.. بين الخدمة والفقد

في سيرة أسدي بعدٌ عائلي لافت، اثنان من أبنائه يخدمان في مصلحة السجون الإسرائيلية، ما يعكس امتداد خيار الخدمة الأمنية داخل العائلة.

في المقابل، يحمل التاريخ العائلي جرحًا قديمًا؛ فشقيقه الأكبر، حسان هدايا أسدي، كان مقاتلًا في حرس الحدود وقُتل عام 1983 في تفجير صور خلال حرب لبنان الأولى.

هذا التداخل بين الخدمة والفقد يضيف طبقة إنسانية معقدة على مسيرة مهنية تُقدَّم عادة بلغة الأرقام والترقيات.