محلل سياسي : القبض على قيادات النهضة ورفض الشارع لوجودها يؤكد رفض تنظيم الإخوان في تونس
محلل سياسي : القبض على قيادات النهضة ورفض الشارع لوجودها يؤكد رفض تنظيم الإخوان في تونس
واصلت حركة النهضة التونسية، المصنفة ضمن أذرع تنظيم الإخوان الإرهابية، تكبد خسائر سياسية وتنظيمية متلاحقة خلال الفترة الماضية، في ظل تضييق قانوني وأمني متزايد، وتراجع واضح في حضورها داخل المشهد العام التونسي، ما يعكس حالة انحسار غير مسبوقة في نفوذ التنظيم داخل البلاد.
وخلال عام 2025، واجهت الحركة سلسلة من الضربات المتتالية، تمثلت في ملاحقات قضائية بحق عدد من قياداتها، وفتح ملفات تتعلق بتمويلات مشبوهة وقضايا أمنية وسياسية عالقة، إضافة إلى استمرار التحقيقات المرتبطة بفترة حكمها وما شهدته من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية.
وأسهمت هذه التطورات في إضعاف البنية التنظيمية للحركة، وتقليص قدرتها على إعادة ترتيب صفوفها أو استعادة حضورها السابق.
سياسيًا، تراجع تأثير النهضة داخل الساحة الحزبية والبرلمانية، مع استمرار تجميد الحياة البرلمانية وتغير موازين القوى، ما أفقد الحركة أحد أهم أدواتها في التأثير وصناعة القرار.
كما شهدت قواعدها التنظيمية حالة من الانقسام والارتباك، في ظل خلافات داخلية حول القيادة وخيارات المواجهة أو الانسحاب من المشهد السياسي.
وعلى المستوى الشعبي، أظهرت مؤشرات متعددة تآكلا في القاعدة الجماهيرية للحركة، نتيجة تحميلها مسؤولية جانب من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها تونس خلال السنوات الماضية.
وتراجع ثقة الشارع في خطاب النهضة، وسط تصاعد رفض مجتمعي واسع لأي عودة محتملة للتنظيم إلى السلطة أو المشهد السياسي المؤثر.
تنظيميًا، كشفت تطورات العام الجاري عن صعوبات مالية وتنظيمية تواجه الحركة، مع تقلص مصادر التمويل وتراجع الدعم الخارجي، في وقت تعاني فيه من عزلة سياسية متزايدة على المستويين الداخلي والخارجي.
ويرى مراقبون، أن هذه العوامل مجتمعة أسهمت في إضعاف قدرة النهضة على الاستمرار كفاعل رئيسي داخل تنظيم الإخوان الإرهابية في المنطقة.
وفي هذا السياق، يؤكد محللون، أن ما تتعرض له النهضة التونسية يعكس مسارا عاما لانحسار نفوذ تنظيم الإخوان في عدد من الدول العربية، بعد سنوات من التمدد السياسي.
ويشيرون إلى أن استمرار الخسائر التي تتكبدها الحركة قد يفتح الباب أمام تفكك أوسع في هياكل التنظيم، خاصة في ظل غياب مشروع سياسي مقنع أو قدرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة.
ومع استمرار الضغوط القانونية والسياسية، تبدو حركة النهضة أمام مرحلة فارقة في تاريخها، حيث يواجه تنظيم الإخوان في تونس واحدة من أصعب لحظاته، وسط تساؤلات متزايدة حول مستقبل الحركة وقدرتها على البقاء في المشهد العام بعد سلسلة الخسائر المتتالية.
وقال الدكتور اسامة عويدات محلل سياسي تونسي: إن حركة النهضة تعيش واحدة من أصعب مراحلها منذ تأسيسها، في ظل استمرار القبض على عدد من قياداتها البارزة، واتساع دائرة الرفض الشعبي والسياسي لوجودها داخل المشهد العام، وهو ما يعكس تراجعًا حادًا في نفوذ تنظيم الإخوان داخل تونس.
وأوضح المحلل التونسي للعرب مباشر، أن الإجراءات القضائية التي طالت قيادات الصف الأول في النهضة، وما صاحبها من تحقيقات وملفات مفتوحة تتعلق بفترة حكم الحركة، شكلت ضربة قوية للبنية التنظيمية، وأفقدت الحركة قدرتها على المناورة أو إعادة التموضع سياسيًا.
وأضاف: أن غياب القيادة الفاعلة داخل التنظيم أدى إلى حالة من الارتباك والانقسام الداخلي بين أجنحة عاجزة عن تقديم رؤية واضحة للمستقبل.
وأشار إلى أن الشارع التونسي بات أكثر رفضًا لعودة حركة النهضة إلى المشهد السياسي، بعد تحميلها مسؤولية جانب كبير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن هذا الرفض لم يعد سياسيا فقط، بل أصبح مجتمعيا، ما يقلص من أي فرص لاستعادة الحضور أو التأثير.
وأكد المحلل التونسي، أن ما تشهده النهضة التونسية يندرج ضمن سياق أوسع لتراجع تنظيم الإخوان في المنطقة، مع سقوط أوراقه السياسية وتآكل خطابه، لافتًا إلى أن استمرار الضغوط القانونية والسياسية سيجعل من الصعب على الحركة تجاوز أزمتها الحالية أو استعادة دورها السابق.
وختم بالقول: إن مستقبل حركة النهضة بات معلقا على متغيرات معقدة، إلا أن المؤشرات الراهنة تؤكد أن التنظيم يواجه مسارًا انحداريًا، قد ينتهي بتحوله إلى كيان هامشي خارج معادلة التأثير في الحياة السياسية التونسية.

العرب مباشر
الكلمات