لماذا فشلت دعوة النهضة للتظاهر ضد الرئيس قيس سعيد في تونس؟

فشلت دعوات حركة النهضة الإخوانية للتظاهر ضد الرئيس التونسي قيس سعيد

لماذا فشلت دعوة النهضة للتظاهر ضد الرئيس قيس سعيد في تونس؟
صورة أرشيفية

حالة ضخمة من الجدل تشهدها تونس، منذ تظاهرات التونسيين المطالبة بتغيير الحكومة ومحاكمة راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية ما دفع  الرئيس التونسي قيس سعيد لاتخاذ عدة قرارات ، أًصدرها الأحد الماضي، بشأن تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد، وهو ما سلطت عليه الضوء الصحف التونسية لتناوله عن قرب، لكشف مدى الدعم الشعبي له، في ظل مساعي الإخوان لادعاء أنها "محاولة انقلاب" ودعوات زعيم النهضة راشد الغنوشي للتظاهر . 

ولم تلقَ دعوات الغنوشي للتظاهر  صدًى يُذكر في الشارع التونسي 

صفعة قوية

تضامنت العديد من الصحف التونسية مع قرارات سعيد، مؤكدة أنها استندت على مبادئ دستورية وشرعية، حيث أوضحت صحيفة "الشروق" التونسية، أن المادة الـ80 التي استند إليها الرئيس قيس سعيد تنص على أنه "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذٌر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، ويعلًن عن التدابير في بيان إلى الشعب"، مضيفة أنه يجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال.

يقول الكاتب نجم الدين العكاري، رئيس تحرير صحيفة الأحرار التونسية، في مقاله بالصحيفة إن استقرار الأوضاع في تونس بعد قرارات قيس سعيد، التي لاقت دعما وتأييدا من الجميع، ودخولها حيز التنفيذ، متوقعا أن يتقدم بعض نواب البرلمان للعدالة بعد رفع الحصانة عنهم.

ويرى العكاري أنه بعد قرارات سعيد التي انعكست بالاطمئنان والقبول بين أفراد الشعب، من المرجح أن تشهد الفترة المقبلة بعض الإصلاحات في الداخل والخارج وتغيير النظام الانتخابي، وتشكيل حكومة غير منتمية لأى حزب سياسي، وتجنب بعض الخيبات التي وقعت فيها الحكومات الإخوانية التي تولت المنصب، مشيرا إلى أن حزب النهضة معروف بخطورته وعمله السري وأدواره السابقة في اغتيال الساسة وتكميم الأفواه، لذلك حسم الرئيس الأمر بتلك القرارات وتصريحاته القوية.

بينما أكد باسل الترجمان، المحلل السياسي التونسي، في تصريحاته الأخيرة أن الرئيس قيس سعيد أقدم على تلك القرارات بعد الفشل الذي أصاب المنظومة التونسية جراء حكم الإخوان، حيث خرج الشعب التونسي فى الشارع للاحتفال والتهليل مرحبا بها.

ويشير  الترجمان أنه من المحتمل إعادة تفعيل المؤسسات فى تونس وإعادة الثقة لموظفيها لأنه كان هناك حالة من الانكسار بين الموظف والمواطن ومؤسسات الدولة، مع إلغاء القوانين التى كان بها استهداف للسيادة التونسية بشكل خطير وغير مقبول، مؤكدا أن تونس ستطوي صفحة الإخوان من تاريخها، موضحاً أنه سيكون هناك حكومة مصغرة تقوم بإدارة الشأن العام خلال هذه المدة في انتظار ما سيتم الاتفاق عليه مع مؤسسات العمل المدني وكل الجهات المعنية.

تضامن شعبي 

ويأتي ذلك في ظل ترحيب شعبي واسع بقرارات سعيد،  لذلك فشلت دعوة النهضة للتظاهر ضد قرارات الرئيس بالبلاد، حيث أعلن التيار الشعبي في تونس دعمه للرئيس، واصفا إياها بـ"خطوة مهمة" لإنقاذ مؤسسات الدولة، داعيا لإعلان خارطة طريق يتم فيها تحديد أفق زمني وسياسي لهذه القرارات، محذرا من "محاولات جر التونسيين إلى العنف والفوضى".

كما طالبت جمعية القضاة التونسية الرئيس "بضرورة التسريع في إنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية والإفصاح عن آليات استئناف المسار الديمقراطي الحامي للحقوق والحريات وللسير العادي لمؤسسات الدولة في إطار خيارات وطنية تشارك فيها جميع القوى الوطنية المدنية وتعمل على تصحيح المسار الديمقراطي وتضع كافة الضمانات لإنجاحه".

وأعرب الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، دعمه للقرارات الرئاسية، مشيرا إلى أن الحل يكمن في "حكومة كفاءات"، حيث سبق أن حذرت من الوصول إلى هذه المرحلة بسبب الوضع السياسي المتأزم والتجاذبات والمهاترات وخطابات الكراهية والتحريض على العنف وتعطيل دواليب الدولة، مما جعل الحكومات المتعاقبة رهينة ائتلافات حاكمة تخدم مصالحها الخاصة.

ما مصير الإخوان في تونس؟

بعد حالة التضامن الشعبية مع سعيد والرفض الضخم للإخوان ما تجلى عبر الصحف ورشق الغنوشي ونواب النهضة بالحجارة أمام مقر البرلمان، بات مصير الإخوان محفوفا بالرفض والمقت الشعبي، حيث أوضحت صحيفة "بيزنس تونس" أن هيئة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري أفادت أن "حركة النهضة تعد متستّرة على قضايا الإرهاب، مشيرة إلى أنّه يوجد شكايات حول الجهاز السري للحركة  مازالت على الرفوف ولم يتم النظر فيها لأنّ النهضة متمكنة من القضاء، فراشد الغنوشي انتفض للحفاظ على المنظومة التي تحميه وسريّة القضايا التي تورط الحركة الإسلامية في قضايا إرهاب وأنه بسقوطه وسقوط من يحميه داخل القضاء وداخل وزارة العدل فإنّ الملفات سوف تنكشف ومنها آلاف قضايا الإرهاب التي عطّلها المكلف بمهمة حماية الشيخ في مجال القضاء، بشير العكرمي، الذي تولّى تعطيل مسار العدالة من أجل الحفاظ على صورة الحزب الإسلامي ورئيسه".

واعتبرت أن ترؤس سعيد للنيابة العمومية قرار قانونيّ، مطالبة بإحالة القضايا التي تقدمت بها الهيئة ضد الجهاز السري للنهضة، وأن يتم الكشف عن القضايا التي تمت إخفاؤها في الرفوف وتجاهلها وإثارة التتبع ضدّ كل من يكشف عنه البحث، بالإضافة لضرورة التحقيق في أموال راشد الغنوشي وإيقاف التعامل معه لأنه متورط في الاعتداء على أمن الدولة الداخلي.

فيما كشف المحلل التونسي محمد صالح العبيدي، عبر قناة "التونسية" أن هناك حالة رفض شعبية واسعة ضد حركة النهضة التابعة لجماعة الإخوان، لرفض سياساتها الفاشلة على المستوى السياسي والاجتماعي، والتورط في عمليات الاغتيال السياسي، حيث شعر التونسيون بالظلم الاجتماعي خلال حكم الإخوان لذا هبّوا في ثورة عليهم.

وتوقع العبيدي أن يقيل الرئيس التونسي قيس سعيد كل الأشخاص التابعين للإخوان بجانب إعطاء إجازة يومين لمنع تسريب أي بيانات أو أوراق من الموظفين، مشيرا إلى أن حركة النهضة في حالة إفلات سياسي وأخلاقي ولا يوجد لديها ظهير في الشارع، لذلك ستفنى وتتجه للانشقاق التام، خاصة بعد صبر التونسيين وقيس سعيد لمدة عام ونصف عليهم دون أي تطور ملموس وإنما قادوا البلاد للانهيار وحالة الاحتقان الحالية.