حادث واشنطن يكشف تفاقم التوترات بين ترامب ونتنياهو.. ماذا يحدث خلف الأبواب المغلقة؟
حادث واشنطن يكشف تفاقم التوترات بين ترامب ونتنياهو.. ماذا يحدث خلف الأبواب المغلقة؟

كشفت مجلة "بولتيكو" الأمريكية، أن التوترات بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتفاقم بصورة كبيرة على الرغم من تأكيد ترامب على دعمه القوي لإسرائيل.
وجاء هذا الدعم في أعقاب حادث إطلاق نار مأساوي في واشنطن أسفر عن مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية، وهو الحادث الذي كشف عن وجهات نظر متباينة بين الطرفين حول كيفية التعامل مع الأزمات الإقليمية والداخلية.
خلفية الحادث وردود الفعل
في يوم الأربعاء الماضي، هزّت العاصمة الأمريكية جريمة قتل موظفي السفارة الإسرائيلية على يد ناشط مؤيد للفلسطينيين، وهو الحادث الذي وصفته السلطات الإسرائيلية بأنه "جبهة جديدة" في الحرب الإقليمية الأوسع التي تشمل حماس في غزة وإيران ووكلائها في المنطقة.
وفي المقابل، يبدو أن إدارة ترامب تنظر إلى الحادث من منظور داخلي، حيث يرى ترامب أن هذا الهجوم يُعزز الحاجة إلى تكثيف الجهود لمكافحة معاداة السامية داخل الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن "شرّ معاداة السامية يجب أن يُستأصل من مجتمعنا"، مشيرة إلى أولوية الإدارة في معالجة هذه القضية، خاصة في الجامعات الأمريكية.
توترات شخصية ودبلوماسية
واشارت المجلة الأمريكية إلى أنه على الرغم من تأكيد ترامب على أنه "الرئيس الأكثر تأييدًا لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة"، كشف خمسة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين عن توترات متصاعدة بينه وبين نتنياهو.
ويعود هذا التوتر إلى اختلافات في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع الأزمات في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والمفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي.
ويُشار إلى أن نهج نتنياهو في التعامل مع العلاقات مع الولايات المتحدة يفتقر إلى الدبلوماسية التي يفضلها ترامب وفريقه، مما أثار استياء العديد من المسؤولين في الإدارة.
ووفقًا لمصدر مقرب من البيت الأبيض، يُعتبر نتنياهو "الشخصية الأصعب في التعامل معها" في ملفات الشرق الأوسط. ويُضاف إلى ذلك أن هناك مجموعة داخل الإدارة لا تربطها علاقة خاصة بإسرائيل، وترى فيها شريكًا استراتيجيًا ولكن ليس بالضرورة حليفاً يستحق تقديم تنازلات كبيرة له.
تفاصيل الخلاف
تتجلى الفجوة بين الطرفين في الطريقة التي يتعاملان بها مع قضايا المنطقة. ففي حين تصر إسرائيل على أن الهجوم في واشنطن هو جزء من حرب إقليمية أوسع، تركز إدارة ترامب على معالجة معاداة السامية داخلياً، مما يعكس رؤية ترامب التي تفصل بين دعمه لإسرائيل وبين جهوده لمكافحة معاداة السامية. وقد أثار هذا التباين استياءً في الأوساط الإسرائيلية، التي ترى أن الولايات المتحدة لا تقدم الدعم الكافي في مواجهة التحديات الإقليمية.
ومن جهة أخرى، ضغطت إدارة ترامب على الحكومة الإسرائيلية للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المدمر. كما أن ترامب اتخذ خطوات للابتعاد عن سياسات إسرائيل، مثل التوصل إلى هدنة مع الحوثيين في اليمن دون إشراك إسرائيل، والسعي للتوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي رغم معارضة نتنياهو. وأثارت زيارة ترامب الأخيرة إلى الشرق الأوسط، التي لم تشمل إسرائيل، تساؤلات حول ما إذا كانت تمثل إشارة علنية إلى توتر العلاقة.
تحديات دبلوماسية وآمال معلقة
كان ترامب يأمل في تحقيق انتصارات دبلوماسية سريعة في ملف إسرائيل، بما في ذلك التطبيع المنشود بين إسرائيل والسعودية.
وأرسل مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، للتوسط في هدنة بين إسرائيل وحماس قبل تنصيبه، لكن الاتفاق انهار في مارس الماضي.
وأوضحت الرياض أن التطبيع لن يتحقق دون وقف دائم لإطلاق النار في غزة وخطوات كبيرة نحو إقامة دولة فلسطينية، وهي شروط يرفضها نتنياهو حتى الآن.
مع ضعف حماس وتراجع نفوذ إيران، يرى العديد في إدارة ترامب فرصة لإنهاء القتال في غزة والتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران. لكن نتنياهو يصر على مواصلة الحرب ويعارض أي اتفاق مع إيران، مما يعقد العلاقة مع واشنطن.
انقسام داخلي في الإدارة الأمريكية
تتعدد الآراء داخل إدارة ترامب حول كيفية التعامل مع إسرائيل.
فمن جهة، يتبنى وزير الخارجية ماركو روبيو ونائب رئيس الأركان ستيفن ميلر ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف مواقف مؤيدة بقوة لإسرائيل، بينما تدعو مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد إلى نهج أكثر اعتدالًا. ونتيجة لهذا الانقسام، قلّت تصريحات ترامب العلنية عن إسرائيل في الأسابيع الأخيرة.
تحول في التحالفات الإقليمية
تكشف التوجهات الأخيرة لترامب عن تحول في أولوياته الإقليمية، حيث يبدو أكثر التزامًا تجاه السعودية والإمارات مقارنة بإسرائيل.
ووفقًا لمصدر مقرب من فريق الأمن القومي لترامب، فإن الحلفاء العرب "يلعبون لعبته" من خلال تقديم دعم مالي كبير وتأييد للمفاوضات النووية مع إيران.
وفي المقابل، يرى ترامب أن استمرار الحرب في غزة يعيق رؤيته لإعادة إعمار القطاع وتوسيع اتفاقيات أبراهام، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.