تشاؤم إيراني وتهديد أمريكي.. كواليس انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات النووية الجديدة

تشاؤم إيراني وتهديد أمريكي.. كواليس انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات النووية الجديدة

تشاؤم إيراني وتهديد أمريكي.. كواليس انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات النووية الجديدة
رئيس إيران

تنطلق اليوم الجمعة الجولة الخامسة من المحادثات النووية عالية المخاطر في العاصمة الإيطالية روما بين إيران والولايات المتحدة، وسط تشاؤم متزايد في طهران بشأن فرص التوصل إلى اتفاق، فيما تتبنى واشنطن موقفًا أكثر تشددًا في المفاوضات، حسبما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.


وفقًا لمصدرين إيرانيين تحدثا إلى الشبكة الإمريكية، فإن المحادثات تبدو بعيدة عن تحقيق انفراجة، حيث تصر الولايات المتحدة على أن تقوم طهران بتفكيك برنامجها لتخصيب اليورانيوم بالكامل، وهو مطلب وصفه مسؤولون إيرانيون بأنه سيؤدي إلى انهيار المفاوضات النووية.


وأشار المصدران إلى أن مشاركة إيران في محادثات روما تهدف بشكل أساسي إلى استكشاف الموقف الأمريكي الأحدث، وليس بالضرورة السعي لتحقيق اختراق دبلوماسي.

تصريحات وزير الخارجية الإيراني


قبل مغادرته إلى روما، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على الخطوط الحمراء لطهران في المفاوضات.


وفي منشور له على منصة "X"، كتب: "إيجاد مسار للتوصل إلى اتفاق ليس بالأمر المعقد كالعلوم الصاروخية، صفر أسلحة نووية يعني أننا سنتوصل إلى اتفاق، صفر تخصيب يعني أننا لن نتوصل إلى اتفاق".


وأضاف أن إيران مستعدة لقبول مراقبة دولية مشددة من قبل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنها لن تتخلى عن حقها في متابعة برنامجها للطاقة النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم.

موقف واشنطن المتشدد


ومن جانبها، طالبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران بوقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، وهو المكون الأساسي للوقود النووي، والذي يمكن أن يُستخدم لصنع أسلحة نووية إذا تم تخصيبه إلى مستويات عالية. ويقول المفاوض الأمريكي ستيف ويتكوف إن هذا النشاط "يمكّن من التسلح النووي". في المقابل، تؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي تمامًا، وتعرب عن استعدادها للالتزام بعدم تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تصلح لصنع الأسلحة كجزء من اتفاق شامل.


لكن الولايات المتحدة، التي أرسلت في السابق إشارات متضاربة حول ما إذا كانت ستسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، تبنت في الأسابيع الأخيرة موقفًا أكثر صرامة، مصرة على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن وقفًا كاملًا لأنشطة التخصيب.


هذا التحول أثار تساؤلات في طهران حول جدية واشنطن في التوصل إلى اتفاق، حيث تؤكد إيران مرارًا أن التخصيب يمثل خطًا أحمر في المفاوضات.

شكوك إيرانية متزايدة


أعرب المصدران الإيرانيان عن تزايد الشكوك في طهران حيال نوايا الولايات المتحدة في المحادثات.


وقالا في رسالة مشتركة: "التصريحات الإعلامية وسلوك التفاوض الأمريكي خيّبا آمال دوائر صنع القرار في طهران على نطاق واسع، ومن وجهة نظر صانعي القرار في طهران، عندما تعلم الولايات المتحدة أن قبول شرط صفر تخصيب في إيران مستحيل، ومع ذلك تصر عليه، فهذه إشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى أساسًا إلى اتفاق، بل تستخدم المفاوضات كأداة لتكثيف الضغط على إيران".


وأضاف المصدران أنه في البداية، كان بعض المسؤولين الإيرانيين يعتقدون أن واشنطن قد تسعى إلى حل وسط يحقق مكاسب للطرفين، لكن الإجماع الآن في طهران هو أن إدارة ترامب تدفع المحادثات نحو طريق مسدود.


وأشارا إلى أن كلا الطرفين لا يرغبان في مغادرة طاولة المفاوضات، لكن الموقف الأمريكي يجعل المحادثات غير منتجة، ومن غير المرجح أن تستمر الاجتماعات الرسمية لفترة طويلة.

تأثير الموقف الإسرائيلي


وأوضح المصدران أن طهران لم تعد تأخذ على محمل الجد محاولات الولايات المتحدة للتمييز بين موقفها وموقف إسرائيل المتشدد تجاه إيران.


ويرون أن المقترحات الأمريكية تتماشى مع أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يصر على منع إيران من أي نشاط لتخصيب اليورانيوم.


وفي روما، يهدف الوفد الإيراني إلى استكشاف ما إذا كانت الولايات المتحدة قد عدلت نهجها. وألمح المصدران إلى أن طهران ستتبنى موقفًا أكثر صرامة ما لم تقدم واشنطن تنازلات ملموسة.

عقوبات أمريكية جديدة


تزامنًا مع استمرار المحادثات الدبلوماسية، واصلت الولايات المتحدة الضغط على إيران من خلال فرض عقوبات جديدة وتهديدات بشن الحرب.


وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت يوم الأربعاء عن إجراءات جديدة، حيث حددت قطاع البناء الإيراني على أنه "خاضع للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة" من قبل الحرس الثوري الإسلامي، إلى جانب عشر مواد استراتيجية قالت إن إيران تستخدمها في برامجها النووية والعسكرية وبرامج الصواريخ الباليستية.


وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس: "مع هذه القرارات، تمتلك الولايات المتحدة سلطات عقوبات أوسع لمنع إيران من الحصول على مواد استراتيجية لقطاع البناء الخاضع لسيطرة الحرس الثوري وبرامجها للتسلح".

وفي المقابل، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية تصرفات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، واصفًا العقوبات بأنها "مروعة وغير قانونية وغير إنسانية".


وكتب على منصة "X": "تؤكد جولات العقوبات الأمريكية المتتالية الاعتقاد العميق لدى شعبنا بأن صانعي القرار الأمريكيين يبذلون كل جهد خبيث لعرقلة تنمية إيران وتقدمها.


هذه العقوبات، التي أُعلن عنها عشية الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، تثير تساؤلات إضافية حول جدية الولايات المتحدة واستعدادها للدبلوماسية".

توقعات المحادثات


مع انطلاق المحادثات في روما، يسود الحذر والتشكك في الأوساط الإيرانية، حيث يرى المسؤولون أن الموقف الأمريكي الحالي قد يحول المفاوضات إلى مجرد منصة لتبادل الاتهامات بدلًا من تحقيق تقدم ملموس.


وفي الوقت نفسه، يواصل الشارع الإيراني متابعة هذه التطورات بحذر، وسط آمال متضائلة في رفع العقوبات الاقتصادية القاسية التي تُثقل كاهل البلاد.