شبح الحرب يخيّم على جنوب آسيا.. الهند وباكستان على حافة الانفجار

شبح الحرب يخيّم على جنوب آسيا.. الهند وباكستان على حافة الانفجار

شبح الحرب يخيّم على جنوب آسيا.. الهند وباكستان على حافة الانفجار
الأزمة الهندية الباكستانية

من جديد، تتجه أنظار العالم إلى جنوب آسيا، حيث عاد التوتر بين الهند وباكستان إلى الواجهة، ينبض على وقع التصريحات النارية والقرارات العسكرية المتسارعة. 

مشهد مألوف، لكنه هذه المرة يحمل نبرة أشد حدة، وسط تحذيرات جدية من تصعيد قد يتجاوز الخطوط الحمراء. فبين اتهامات متبادلة وتحركات ميدانية في كشمير، يتزايد الحديث عن عملية عسكرية "وشيكة"، بينما يترقب الشارعان الهندي والباكستاني، ومعهما المجتمع الدولي، الساعات المقبلة بكثير من القلق.

 التصعيد السياسي يرافقه قرع طبول الحرب، لكن هل نحن أمام مواجهة شاملة أم مجرد استعراض قوة، وماذا عن دور الوسطاء الدوليين في احتواء الموقف؟

*صراع نووي محتمل*


التوتر بين الهند وباكستان، وهما دولتان تمتلكان السلاح النووي، ليس أمرًا جديدًا على المسرح الجيوسياسي في جنوب آسيا، لكن العودة إلى التصعيد بهذه السرعة والحدة بعد الهجوم الدامي في كشمير، يعيد إلى الأذهان مشاهد عام 2019، حين تبادل الطرفان الضربات الجوية، وكاد الوضع ينفلت نحو حرب شاملة.

الشرارة الأخيرة اندلعت إثر هجوم إرهابي وقع في 22 أبريل على منتجع سياحي في القسم الهندي من كشمير، خلّف 26 قتيلاً، معظمهم من السائحين الهنود.

نيودلهي وجّهت أصابع الاتهام إلى جماعة مسلحة "تعمل من داخل باكستان"، في اتهام مباشر لا يخفى مرماه السياسي والعسكري.

إسلام أباد من جهتها سارعت إلى النفي، لكنها لم تهدّئ من قلق الداخل الهندي ولا من شهية الرد.

وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارة كشف، في تصعيد لافت، عن معلومات استخباراتية تؤكد نية نيودلهي توجيه ضربة خلال 24 إلى 36 ساعة، محذرًا من أن الرد الباكستاني سيكون "حاسمًا".

هذه اللغة لا تترك مجالًا للغموض، وتكشف عن مستوى غير مسبوق من التوتر، رغم أن مثل هذه التصريحات قد تحمل طابعًا ردعيًا أكثر منها تعبيرًا عن نية في الحرب.

*تفويض مفتوح*


في المقابل، تؤكد مصادر أمنية هندية، أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي منح الجيش "تفويضًا مفتوحًا" للرد على أي تهديد، بما يشمل توقيت وأساليب التحرك. 

هذه الصيغة تعني أن القرار لم يعد بيد القيادة السياسية فقط، بل أصبح في يد العسكر الذين باتوا يحددون شكل الرد دون تدخل مباشر من الحكومة.

في السياق، يرى د. طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن التحركات لا تشير إلى رغبة في حرب شاملة بقدر ما تمهّد لضربة محسوبة. 

برأيه، تتحرك الهند وفق منطق ردع "مدروس" لتوجيه رسالة مزدوجة: أولها داخلية لطمأنة الرأي العام، وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، وثانيتها خارجية لكبح أي نشاطات عبر الحدود. 

فهمي يشير إلى سيناريو شبيه بأحداث 2019 حين وقعت ضربة جوية هندية داخل الأراضي الباكستانية، أعقبها رد محدود ثم تهدئة.

وتابع، إن الإجراءات على الأرض توحي بالاستعداد لمرحلة ساخنة، إذ أعلنت الهند حظرًا مؤقتًا على تحليق الطائرات الباكستانية في مجالها الجوي حتى 23 مايو، وهو قرار يعكس تصعيدًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا. 

على الجهة المقابلة، كانت باكستان قد أغلقت أجواءها أمام الطيران الهندي بعد الهجوم الأخير، في خطوة مماثلة تضغط على الحركة الجوية والرمزية السيادية للطرف الآخر.

وتابع فهمي، بعيدًا عن الطائرات والدبابات، يبقى البعد الدبلوماسي حاضرًا، ولو بخجل. الإمارات وبعض الدول الغربية تحاول التوسط لاحتواء الأزمة، إلا أن الموقف الهندي يبدو حاسمًا في رفض أي تدخل خارجي، معتبرًا النزاع ثنائيًا صرفًا، مضيفًا، هذه الرؤية تعقّد مهمة الوساطات، خصوصًا مع رفض باكستان الانخراط في أي حوار لا يتناول قضية كشمير كأولوية.

واختتم، في الوقت ذاته، لا يمكن إغفال السياق السياسي الداخلي لدى البلدين، في الهند، يواجه حزب بهاراتيا جاناتا تحديات انتخابية ومطالب شعبية برد حازم على التهديدات الأمنية، بينما تستثمر القيادة الباكستانية هذا التصعيد لتعزيز تماسكها الداخلي وتأكيد استقلالية قرارها السيادي أمام خصم تقليدي.

من جهتهم، أكد مراقبون، أن الرهان حاليًا هو على عامل الوقت، فالساعات المقبلة كفيلة بتحديد وجهة الأزمة، والإجابة على سؤال هل ستتحول إلى صدام محدود تضبطه الحسابات العسكرية، أم سنشهد انزلاقًا نحو مواجهة لا يمكن التنبؤ بعواقبها؟، في كلتا الحالتين، تبقى المنطقة أمام اختبار صعب في لحظة يعاني فيها العالم من توترات متزامنة في أوكرانيا والشرق الأوسط والبحر الصيني الجنوبي.