قررت حركة "جيل زد 212" الشبابية في المغرب، السبت، تعليق احتجاجاتها "مؤقتًا" بعد أسبوعين من التظاهرات المتواصلة التي شهدتها مدن عدة، للمطالبة بإصلاحات جذرية في قطاعي الصحة والتعليم، وذلك عقب الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة أمام البرلمان.

وقالت الحركة، في بيان صدر صباح السبت: إن قرار التوقف عن التظاهر خلال عطلة نهاية الأسبوع "يأتي كخطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التنظيم الداخلي والتنسيق بين أعضائها، وضمان أن تكون المرحلة المقبلة أكثر فعالية وتأثيرًا"، مشددة في الوقت ذاته على أن مطالبها "ثابتة وغير قابلة للمساومة"، وعلى رأسها محاسبة المسؤولين المتورطين في الفساد، وتحميل الحكومة الحالية مسؤولية "تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية".

وأضاف البيان: أن الحركة ستعلن -في وقت لاحق من اليوم- عن موعد جديد للتظاهر، موضحة أن الاحتجاج المقبل "سيكون موجهًا ضد الحكومة وكل من يعرقل تحقيق مطالب الشعب المغربي في الكرامة والعدالة والمحاسبة". 

كما ناشدت "جيل زد 212" الملك محمد السادس التدخل المباشر لإطلاق إصلاحات عميقة تلبي تطلعات الشباب المغربي.

ويأتي قرار الحركة بعد خطاب الملك محمد السادس، مساء الجمعة، الذي دعا فيه إلى تسريع تنفيذ برامج التنمية الموجهة لتشغيل الشباب والنهوض بقطاعي التعليم والصحة، مؤكدًا ضرورة أن تحقق هذه البرامج "وتيرة أسرع وأثرًا أقوى" في حياة المواطنين، لا سيما في المناطق الريفية والمهمشة.

وشدد العاهل المغربي خلال خطابه السنوي أمام البرلمان على أهمية "تشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية لتوفير فرص الشغل للشباب"، مع التركيز على النهوض بالخدمات الصحية والتعليمية في مختلف أنحاء البلاد.

وقال المحلل السياسي المغربي د. عبد الرحيم العسري: إن قرار حركة "جيل زد 212" بتعليق احتجاجاتها مؤقتًا بعد أسبوعين من التظاهر، يعكس "تطورًا في وعي الحركات الشبابية وقدرتها على قراءة المشهد السياسي بدقة"، مشيرًا إلى أن الخطوة "تحمل بعدًا تكتيكيًا أكثر من كونها تراجعًا عن المطالب".

وأوضح العسري، في تصريحات للعرب مباشر، أن الحركة "تسعى من خلال هذا التوقف المؤقت إلى إعادة ترتيب صفوفها، وضمان استمرار زخمها الشعبي بطريقة منظمة، خصوصًا بعد خطاب الملك محمد السادس الذي أشار بوضوح إلى أولوية إصلاح قطاعي التعليم والصحة".

وأضاف: أن التزام الحركة بالتهدئة خلال عطلة نهاية الأسبوع "يعكس نضجًا سياسيًا ورغبة في تجنب أي استغلال خارجي أو انزلاق في الشارع"، لافتًا أن "الكرة الآن في ملعب الحكومة التي يجب أن تقدم خطوات عملية وسريعة تترجم التوجيهات الملكية إلى إجراءات ملموسة يشعر بها المواطن".

وشدد العسري على أن "جيل زد 212" تمثل نموذجًا جديدًا من الحركات الاجتماعية في المغرب، إذ تعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي في التعبئة وتستمد قوتها من مطالبها الواقعية وابتعادها عن الانتماءات الحزبية، مؤكدًا أن تعامل السلطات مع هذه الظاهرة الجديدة يحتاج إلى "حوار مباشر ومنفتح يعكس روح الخطاب الملكي الداعي إلى إشراك الشباب في صناعة القرار والإصلاح".

يذكر أن حركة "جيل زد 212" كانت قد أعلنت -في وقت سابق- أنها امتنعت عن تنظيم احتجاجات الجمعة "احترامًا لجلالة الملك"، مؤكدة أن ذلك "لا يعني التراجع عن المطالب الشعبية التي خرج من أجلها آلاف الشباب في مختلف المدن المغربية".