ضربة إسرائيلية وسط فوضى طائفية.. سوريا على صفيح ساخن
ضربة إسرائيلية وسط فوضى طائفية.. سوريا على صفيح ساخن

أدانت سوريا بشدة التدخلات الأجنبية في أراضيها، وذلك على خلفية ضربة إسرائيلية نادرة استهدفت منطقة قريبة من العاصمة دمشق أول أمس الأربعاء، في ظل تصاعد العنف الطائفي الذي أودى بحياة عدد من الأشخاص. وأفادت السلطات السورية بأن الضربة الإسرائيلية أسفرت عن مقتل ضابط أمني على الأقل وإصابة أشخاص آخرين عدة.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ ضربة على مشارف العاصمة السورية، مستهدفًا مجموعة متطرفة زعم أنها هاجمت الطائفة الدرزية، وهي أقلية دينية في سوريا.
وفي بيان مشترك صدر يوم الأربعاء، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أن العملية التي استهدفت بلدة صحنايا، جنوب غرب دمشق، كانت بمثابة إجراء تحذيري ضد مجموعة مسلحة لم يُكشف عن هويتها، كانت تستعد لمواصلة الهجمات ضد السكان الدروز.
بيان سوري
ردًّا على ذلك، أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا جددت فيه التزامها الثابت بحماية جميع السوريين، بما في ذلك الطائفة الدرزية الموقرة.
ووفقًا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، شنت القوات الحكومية السورية عملية واسعة النطاق في المناطق المحيطة بصحنايا لاعتقال عصابات خارجة عن القانون، وذلك بعد أن هاجمت مجموعة مسلحة مجهولة نقطة تفتيش تابعة للحكومة السورية ليلة الثلاثاء، مما أدى إلى إصابة ثلاثة ضباط.
وفي الوقت نفسه، فتحت مجموعات أخرى النار على سيارات مدنية وأمنية في مناطق مجاورة، مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات.
ودعا مفتي سوريا الشيخ أسامة الرفاعي جميع السوريين إلى الهدوء وتجنب التصعيد، مؤكدًا في بيان نُشر يوم الأربعاء عبر وكالة سانا أنه يجب على الجميع الابتعاد عن دعوات الانتقام والثأر، والسماح للعدالة باتخاذ مجراها في التعامل مع الأحداث الأخيرة في صحنايا.
اشتباكات في سوريا
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن صحفيين محليين في دمشق، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأسباب أمنية، أن الاشتباكات في صحنايا اندلعت بين مقاتلين موالين للحكومة السورية ومسلحين من الطائفة الدرزية.
وتأتي هذه التطورات في سياق حساس، حيث تسعى إسرائيل، منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، إلى تقديم نفسها كحامية للطائفة الدرزية في سوريا، وهي جماعة عربية تتبع فرعاً من الإسلام وتنتشر بشكل رئيسي في سوريا ولبنان وإسرائيل. ورحب عدد قليل من الدروز بعروض إسرائيل، فيما أدان آخرون هذه التحركات علناً، خشية من نظام جديد تقوده عناصر جهادية سابقة.
يُذكر أن عددًا كبيرًا من الدروز يعيشون ضمن الحدود المعترف بها دوليًا لإسرائيل، ويحملون الجنسية الإسرائيلية، ويخدمون في جيشها.
وفي المقابل، يتواجد عدد كبير من الدروز السوريين في هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، ويرفض معظمهم الجنسية الإسرائيلية ولا يخدمون عادة في الجيش الإسرائيلي.
وفي جنوب سوريا، حيث يعيش العديد من الدروز، أعلنت إسرائيل منطقة عازلة بعد سقوط نظام الأسد.
وأشار البيان المشترك لنتنياهو وكاتس إلى أنه في يوم الذكرى للجنود الإسرائيليين الذين سقطوا، ومع تكريم مساهمة الطائفة الدرزية في أمن إسرائيل، فإن إسرائيل تؤكد التزامها بحماية إخوانهم في سوريا. كما حث المسؤولون الإسرائيليون الحكومة السورية على منع أي أذى قد يلحق بالطائفة الدرزية.
تدخلات إسرائيلية
ومساء الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أن ثلاثة مواطنين سوريين دروز تم إجلاؤهم إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي بعد إصابتهم في سوريا. من جانبه، عبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، عن قلقه العميق إزاء العنف غير المقبول في سوريا، خاصة في ضواحي دمشق، وأعرب عن صدمته من تقارير الهجمات الإسرائيلية، داعيًا إلى وقف هذه الهجمات واحترام سيادة سوريا بالكامل.
وتظل الأوضاع على الأرض متقلبة، حيث أفاد سكان لشبكة "سي إن إن" بأن صحنايا لا تزال تشهد اشتباكات متقطعة وهجمات متفرقة من قبل مجموعات محلية مجهولة تستخدم قذائف الهاون والرشاشات متوسطة العيار. وتستمر جهود المسؤولين الحكوميين ووسطاء المجتمع المحلي لتهدئة التوترات، وفقًا لسكان عدة في المنطقة.
ويبقى المشهد معقدًا مع استمرار التحقيقات لتحديد الأسباب الكامنة وراء هذه الاشتباكات والهجمات، وسط مخاوف من تصعيد التوترات الطائفية في ظل التدخلات الخارجية والتغيرات السياسية المتسارعة في سوريا.