محلل سياسي يمني: الحوثيون حوّلوا المساجد إلى منصات تجنيد طائفي وبث للكراهية
محلل سياسي يمني: الحوثيون حوّلوا المساجد إلى منصات تجنيد طائفي وبث للكراهية

في انتهاك صارخ لقدسية المساجد ومكانتها الدينية، كثّفت ميليشيا الحوثي استخدام دور العبادة خلال عيد الأضحى لنشر أفكارها الطائفية والتحريضية، وتحويل المنابر الدينية إلى أدوات سياسية تُستخدم لخدمة أجندة الجماعة المتطرفة.
وأفادت مصادر محلية في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بأن الجماعة فرضت على خطباء العيد خطبًا مكتوبة سلفًا من قبل ما يُعرف بـ"الهيئة الثقافية" التابعة للحوثيين، تتضمن تمجيدًا لقيادات الجماعة، وهجومًا على خصومهم السياسيين، وتحريضًا مباشرًا على القتال والانخراط في صفوف الميليشيا.
وقال شهود عيان إن خطب العيد التي ألقيت في عشرات المساجد خلت تمامًا من معاني التسامح والتكافل الاجتماعي التي تحث عليها الشعائر الإسلامية، وركّزت بدلًا من ذلك على بث الكراهية وتكفير المخالفين، ووصم المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بـ"العدوان الخارجي"، في محاولة لتبرير استمرار الحرب والانتهاكات.
وفي محافظة ذمار، تم تسجيل طرد عدد من الأئمة الذين رفضوا قراءة الخطب الحوثية، واستبدالهم بخطباء موالين للجماعة، بينما في محافظة إب أجبر المصلون في بعض المساجد على الاستماع لخطب تعبئة وتحشيد، تضمنت مقاطع مصورة لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، تُعرض عبر شاشات داخل المساجد، في سابقة أثارت استياء واسعًا بين الأهالي.
من جهته، اعتبر الناشط الحقوقي اليمني ماجد السقاف أن ما يحدث يمثل "جريمة ثقافية ودينية مزدوجة، هدفها تدمير النسيج المجتمعي واستغلال الدين لخدمة مشروع طائفي إرهابي يتناقض مع تعاليم الإسلام"، مطالبًا بتحرك عاجل من علماء الدين في العالم الإسلامي لكشف هذه الممارسات وفضح خطورتها.
وأضاف - في تصريح لـ"العرب مباشر" - تأتي هذه التحركات ضمن حملة حوثية متواصلة للسيطرة على الخطاب الديني وتوظيفه في خدمة مشروعها الانقلابي، منذ استيلائها على العاصمة صنعاء في 2014، حيث عمدت إلى إقصاء خطباء وأئمة المساجد غير المنتمين لها، وإنشاء برامج تأهيل طائفية لأئمة المساجد الجدد، في إطار مشروعها الذي يسعى لتغيير هوية اليمن الثقافية والدينية.
أكد المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن ميليشيا الحوثي تُمارس انتهاكًا ممنهجًا لقدسية المساجد، من خلال استغلالها لنشر الفكر الطائفي والتحريض على العنف، خاصة خلال المناسبات الدينية الكبرى مثل عيد الأضحى.
وقال التميمي - في تصريح لـ"العرب مباشر" - : إن ما جرى هذا العام في خطب العيد بمناطق سيطرة الحوثيين يمثل "تجريفًا خطيرًا للهوية الدينية المعتدلة في اليمن، واستبدالها بخطاب طائفي مؤدلج يخدم المشروع الإيراني في المنطقة".
وأشار إلى أن الحوثيين يعملون منذ سنوات على "تفخيخ المساجد بالفكر المتطرف"، عبر تعيين خطباء موالين للجماعة، وإقصاء الأئمة المعتدلين، مضيفًا: "المساجد لم تعد مكانًا للعبادة والوعظ، بل تحولت إلى منابر لتجنيد المقاتلين، وتكفير الخصوم، وتقديس الزعيم الحوثي".
وأوضح التميمي أن هذه الممارسات ليست عشوائية، بل تأتي ضمن استراتيجية ثقافية وعقائدية متكاملة تهدف إلى صناعة جيل جديد مؤمن بالعنف الطائفي وأحقية الجماعة بالحكم، مشددًا على أن "صمت المجتمع الدولي تجاه هذا العبث الديني يشجّع الحوثيين على التمادي، ويمنحهم فرصة لفرض هيمنتهم الفكرية على مجتمع بأكمله".
ودعا التميمي علماء الدين في اليمن وخارجه إلى فضح هذا التوظيف الخطير للدين، والعمل على حماية المساجد من الاستغلال السياسي والطائفي، مشيرًا إلى أن "تحرير الخطاب الديني هو جزء أساسي من معركة استعادة الدولة اليمنية".