حاملة ترومان في قلب البحر الأحمر.. واشنطن تتأهب لمواجهة مفتوحة مع الحوثيين وإيران
حاملة ترومان في قلب البحر الأحمر.. واشنطن تتأهب لمواجهة مفتوحة مع الحوثيين وإيران

أظهرت صورة فضائية جديدة التقطتها الأقمار الصناعية الأوروبية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية يوم 3 مايو، تمركز حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس هاري إس ترومان" في شمال البحر الأحمر، وذلك في وقت تتصاعد فيه العمليات العسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن، بالتوازي مع التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران، التي يُنظر إليها باعتبارها الداعم الإقليمي الأبرز للحوثيين، حسبما نقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
تعزيز التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط
تأتي هذه التحركات الأمريكية في إطار تعزيز الحضور العسكري في منطقة الشرق الأوسط، لمواجهة التهديدات المتزايدة من قبل الحوثيين في اليمن، في ظل تعثر المحادثات النووية مع إيران، والتصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي لوّح فيها بإمكانية شن هجوم على طهران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وأكدت المجلة، أن حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" تلعب دوراً محورياً في الضربات الأمريكية ضد الحوثيين منذ منتصف مارس الماضي، وقد تعرّضت عدة مرات لهجمات بصواريخ ومسيرات دون أن تُسجّل أضرار مباشرة، وضمن تعزيزات أوسع، أعادت البحرية الأمريكية نشر عدد من سفنها الحربية من المحيط الهادئ إلى الشرق الأوسط.
موقع استراتيجي لعمليات عسكرية
تُظهر الصور الفضائية، أن "ترومان" تتمركز حاليًا في موقع استراتيجي في شمال البحر الأحمر، على مقربة من منتصف المسافة بين مصر والسعودية، وبعيدًا نسبيًا عن السواحل اليمنية، ما يعكس نمطًا تكتيكيًا يوازن بين تنفيذ المهام القتالية وتفادي الهجمات الحوثية المباشرة.
وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، فقد قرر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث تمديد مهمة الحاملة "ترومان" أسبوعًا إضافيًا في المنطقة، لمواصلة الدعم العملياتي في المواجهة مع الحوثيين.
وكان هيغسث قد تعهد في مارس بأن تستمر الحملة العسكرية ضد الجماعة حتى توقفها عن استهداف الملاحة البحرية.
حملة عسكرية متصاعدة وعمليات نوعية
ومنذ اندلاع حرب غزة عام 2023، نفّذت جماعة الحوثي، المعروفة باسم "أنصار الله"، أكثر من مئة هجوم ضد سفن تجارية وعسكرية في المنطقة؛ ما أدى إلى اضطراب أحد أكثر الممرات البحرية أهمية في العالم، ودفعت هذه التهديدات واشنطن إلى اعتماد نهج أكثر هجومية في مواجهتها للجماعة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أمر في 15 مارس بتنفيذ ضربات على مواقع الحوثيين، بالتزامن مع إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون" العاملة بالطاقة النووية والمزوّدة بمقاتلات الشبح F-35C، إلى منطقة القيادة المركزية، حيث بدأت عملياتها في بحر العرب.
وفي السياق ذاته، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية، أن أكثر من ألف هدف حوثي قد تم ضربه منذ بدء الحملة.
وفي تطوّر ميداني لافت، كشفت مصادر عسكرية عن سقوط مقاتلة من طراز F/A-18E Super Hornet من على متن الحاملة "ترومان" خلال الأسبوع الماضي، دون الإشارة إلى أسباب الحادث أو نتائج التحقيق.
تحركات بحرية أمريكية إضافية
وأشارت أنه جانب "ترومان" و"فينسون"، تشارك المدمرة الأمريكية "يو إس إس ميليوس"، من فئة "آرلي بيرك"، في العمليات الجارية حاليًا في المنطقة، بعد أن كانت متمركزة في المحيط الهادئ.
وتُعَد هذه المدمرة واحدة من الوسائل الأساسية لتعزيز الردع الأمريكي في مواجهة التهديدات الإيرانية الإقليمية، لا سيما أن طهران ما تزال تنكر أي صلة لها بدعم الحوثيين، على الرغم من انتقاداتها المتكررة للضربات الأمريكية في اليمن.
وفي المقابل، حذّرت طهران من أي هجوم قد يُنفّذ ضد أراضيها، واصفة الضربات الأمريكية في اليمن بأنها "عدوانية وغير مبرّرة".
تصريحات متقابلة بين الطرفين
أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث، أن حرية الملاحة تُعد من المصالح القومية الأساسية للولايات المتحدة، وقال: "بمجرد أن يعلن الحوثيون توقفهم عن استهداف السفن والطائرات، فإن هذه الحملة ستتوقف، لكن حتى ذلك الحين، سنواصل الضغط بلا هوادة".
ومن جهته، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، يوم الأربعاء، أن "قوة الطائرات المسيّرة التابعة للقوات المسلحة اليمنية نفذت عملية عسكرية استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية 'فينسون' وعدداً من السفن الحربية التابعة لها في بحر العرب باستخدام عدد من الطائرات المسيّرة".
وأضاف سريع، أن هذه العملية جاءت بعد 24 ساعة فقط من "العملية المباركة التي أجبرت حاملة الطائرات الأمريكية 'ترومان' على التوجه شمالاً في البحر الأحمر نحو قناة السويس"، مشيرًا أن العملية أسفرت عن إسقاط مقاتلة من طراز F-18، وإحباط هجوم جوي أمريكي، ومواصلة مطاردة الحاملة بالصواريخ والطائرات المسيرة.
السيناريوهات المقبلة
من المرجّح أن تواصل الولايات المتحدة تصعيد عملياتها في المنطقة، خاصة أن استمرار تحدي الحوثيين يُظهر صعوبة تحقيق الردع العسكري الكامل حتى الآن.
في ظل هذا الواقع، يبقى التوتر في البحر الأحمر وبحر العرب مرشحًا لمزيد من التصعيد، مع احتمالات تأثيره على الملاحة العالمية والملف النووي الإيراني في آنٍ معًا.