رجل الظل يفتح أبواب دمشق.. من هو جوناثان باس مهندس التقارب بين الشرع وترمب؟
رجل الظل يفتح أبواب دمشق.. من هو جوناثان باس مهندس التقارب بين الشرع وترمب؟
لم تكن الأصداء التي تلت اللقاء المفاجئ بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض مجرد ضجيج سياسي عابر، بل بدت أقرب إلى تمهيد لمرحلة جديدة في العلاقات السورية – الأميركية، مرحلة تتقاطع فيها صفقات الطاقة مع حسابات النفوذ الإقليمي، وبينما امتنعت واشنطن رسميًا عن التعليق على ما تردد بشأن دعوة وُجهت لترمب لزيارة دمشق وقبوله المبدئي لها، ظهرت شخصية أميركية مثيرة للفضول في خلفية المشهد، رجل الأعمال جوناثان باس، الذي يصفه مقربون بأنه عرّاب خطوط الاتصال غير المرئية بين العاصمتين، لم يكن "باس" مجرد وسيط اقتصادي، بل لاعبًا يتقاطع حضوره مع رغبة ترمب في تحقيق اختراق دبلوماسي يوازي مبادرته التاريخية تجاه كوريا الشمالية.
ومع احتدام النقاش الأميركي حول رفع العقوبات وتوسيع الشراكة الأمنية، بدأت الأنظار تتجه إلى هذا الرجل الذي يحرّك الخيوط الهادئة خلف ستار السياسة الصاخبة، ويقترح مشاريع طاقة قد تعيد تشكيل مستقبل سوريا والمنطقة. فمن هو جوناثان باس؟
زيارة محتملة
تشير مصادر سياسية في واشنطن إلى أنّ الحديث عن زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى دمشق لم يعد مجرد شائعة دبلوماسية، ورغم رفض البيت الأبيض تأكيد أو نفي وجود ترتيبات فعلية، إلا أن المؤشرات المتراكمة منذ لقاء الشرع وترمب في المكتب البيضاوي توحي بأن الأمر يخضع لنقاش جدي داخل الإدارة الأميركية، فقد أشارت مصادر مطلعة وفقًا لـ"سي إن إن"، إلى أن اللقاء الأخير كان حدثًا مفصليًا، ركّز على تعزيز الشراكة الأمنية، وضمان انضمام سوريا رسميًا إلى التحالف الدولي ضد داعش، بالإضافة إلى اتفاق مبدئي على تعليق بعض بنود "قانون قيصر" لمدة ستة أشهر.
وترى دوائر أميركية مطلعة، أن زيارة ترمب المحتملة للعاصمة السورية ستكون الأولى من نوعها منذ أن زار الرئيس الأسبق بيل كلينتون دمشق عام 1994، ما يجعلها خطوة ذات رمزية عالية.
ويعتبر مراقبون، أن إدارة ترمب تسعى، عبر هذه الزيارة، إلى إعادة صياغة موقع سوريا ضمن التوازنات الإقليمية في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة، ولمّح ترمب خلال استقباله الشرع إلى إمكانية لقاء آخر، وهو تصريح رأت فيه دوائر قريبة من البيت الأبيض ترجمة لرغبة حقيقية في الدفع نحو خطوات أكثر جرأة، وعندما سُئلت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عن هذه الإشارة، اكتفت بالقول: "إن الإدارة تدرس خيارات لزيارات رئاسية متبادلة"، دون تقديم أي تفاصيل إضافية.
من هو جوناثان باس؟
وسط هذا المشهد المعقد ظهر اسم رجل الأعمال الأميركي جوناثان باس كأحد أبرز الفاعلين غير الرسميين في ملف التقارب بين واشنطن ودمشق. وبحسب مصادر سورية وأميركية، فقد لعب باس دورًا مركزيًا في إنشاء قنوات تواصل مباشرة بين مسؤولين في إدارة ترمب والقيادة السورية الجديدة.
يُعرف باس بصفته المدير التنفيذي لشركة "أرجنت" المتخصصة في مشاريع الغاز الطبيعي المسال، كما يعد من أبرز الداعمين الاقتصاديين لترمب في الدورات الانتخابية الماضية، ويصفه مقربون بأنه شخصية مؤثرة لديها قدرة استثنائية على الجمع بين مصالح المال والسياسة والدبلوماسية في شبكة واحدة.
وفق المعلومات المتاحة، يعمل باس إلى جانب المبعوث الأميركي توم برّاك على ترتيب زيارة ترمب المحتملة، بما في ذلك التنسيق الأمني مع الجانب السوري والإشراف على مسار الزيارة إلى قصر الشعب في دمشق، وتشير تسريبات إلى أن باس يسعى لتحديد موعد الزيارة في يناير المقبل، لكن الأمر ما يزال رهن التطورات الإقليمية وعلى ارتباط مباشر بمفاوضات الطاقة وإعادة الإعمار.
مشروع SyriUS Energy
لا يقتصر دور باس على الوساطة السياسية، بل يمتد إلى ملفات اقتصادية ضخمة، أبرزها طرحه مشروعًا مشتركًا بين دمشق وواشنطن تحت اسم SyriUS Energy، يقوم المشروع على إعادة تأهيل قطاع النفط والغاز السوري، وإدراج الشركة في بورصة نيويورك مع تخصيص 30% من أسهمها لصندوق الطاقة السوري الحكومي، ويقترح باس رقمنة وزارة النفط السورية وإعادة بناء البنية التحتية للحقول، مع تعهدات بمحاربة الفساد داخل القطاع.
لكن هذه الخطة أثارت اعتراضات واسعة في أوساط المعارضة السورية، التي اتهمت باس بأنه مستثمر يهودي يسعى لنهب الثروات السورية وبأنه يمهد لـ"اختراق إسرائيلي اقتصادي" عبر بوابة الاستثمار، ورغم هذه الاتهامات، يرى مقربون من الشرع أن المشروع يمكن أن يمثل نقطة تحول في المفاوضات مع واشنطن ويمنح سوريا منفذاً اقتصادياً جديداً بعد سنوات من العزلة.
وتؤكد المصادر، أن باس كان ضمن الوفد الاقتصادي الذي زار دمشق قبل أشهر، حيث التقى بالرئيس أحمد الشرع ونقل إلى ترمب رسائل متعددة، بينها: استعداد دمشق للموافقة على مشاريع استراتيجية، بل وعرض بناء برج ترمب في العاصمة السورية ضمن اتفاق أوسع يشمل الوصول إلى حقول الغاز والنفط مقابل رفع العقوبات.
ويمثل حضور باس عند تقاطع السياسة والاقتصاد مؤشرًا على محاولة إدارة ترمب صياغة مقاربة جديدة تجاه سوريا تقوم على النفاذ عبر بوابة الطاقة، وعلى بناء علاقة طويلة الأمد مع القيادة الجديدة.

العرب مباشر
الكلمات