العيد حزين في اليمن.. فرحة تغيب تحت أنقاض الجوع

العيد حزين في اليمن.. فرحة تغيب تحت أنقاض الجوع

العيد حزين في اليمن.. فرحة تغيب تحت أنقاض الجوع
اليمن

مع حلول عيد الأضحى، يجد ملايين اليمنيين أنفسهم أمام خيار صعب بين الحفاظ على شعائرهم الدينية وبين تلبية احتياجاتهم المعيشية الملحّة، في ظلّ ارتفاع حاد في أسعار الأضاحي يجعل تكاليفها بعيدة عن متناول معظم العائلات، في بلد أنهكته سنوات من الحرب والانهيار الاقتصادي.


وأكدت وكالة "شينخوا" الصينية، أن العيد الذي يحل هذا العام، كان يُعد في السابق مناسبة للفرح والتقارب الأسري، وتُحييه الأسر اليمنية عادة بذبح الأغنام أو الماعز أو الأبقار تقربًا إلى الله، إلا أن بهجة المناسبة تلاشت في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي باتت تخيّم على معظم اليمنيين.

أسواق المواشي خارج عدن تعكس واقعًا قاسيًا

وفي أسواق المواشي الواقعة على أطراف مدينة عدن، شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعًا غير مسبوق، وبحسب عدد من التجار المحليين، تتراوح أسعار الخراف حاليًا ما بين 140 و170 دولارًا أمريكيًا، بينما تصل أسعار الماعز إلى أكثر من 230 دولارًا، وهي أرقام خيالية مقارنة بقدرات العائلات المتوسطة أو الفقيرة، التي تشكّل الغالبية في المجتمع اليمني.

وقال فهد بليد -أحد تجار المواشي في عدن-: إن تدهور سعر صرف الريال اليمني وارتفاع تكاليف النقل ساهما في سحق القوة الشرائية للمواطنين. 

ويبلغ سعر صرف الريال حاليًا نحو 2535 ريالًا مقابل الدولار الأمريكي، ما دفع العديد من التجار إلى تسعير المواشي بالعملة الأجنبية.

الأمهات والآباء بين الأضحية ولقمة العيش

اضطرت العديد من العائلات اليمنية هذا العام للتخلي عن شعائر طالما كانت جزءًا من هويتهم الدينية والاجتماعية. 

وقالت أم مازن، وهي أم لأربعة أطفال، إنها لن تتمكن هذا العام من شراء أضحية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مؤكدة أن أولويتها ستكون تأمين الطعام لأطفالها.

أما حمزة، وهو سائق سيارة أجرة، فأوضح أنه كان يدّخر على مدار عام كامل من أجل شراء أضحية العيد، إلا أن مرض طفله اضطره لاستخدام تلك الأموال للعلاج. 

وأضاف بأسى: "هذا العيد سأكتفي بشراء دجاجة، لا يمكنني تحمل تكلفة خروف".

أعباء العيد تمتد إلى ملابس الأطفال


لم تقتصر المشقة على شراء الأضاحي فحسب، بل طالت أيضًا التحضيرات الأخرى المرتبطة بالعيد، وعلى رأسها ملابس الأطفال الجديدة. 

وارتفعت أسعار ملابس الأطفال بأكثر من 150% مقارنة بالعام الماضي، ما دفع العديد من الأسر إلى الاكتفاء بإعادة استخدام ملابس العيد الماضية بعد غسلها.

قال صلاح حمادي، وهو موظف حكومي: إن راتبه لا يغطي حتى الحاجات الأساسية لأسرته، وأوضح أن شراء ملابس جديدة لأطفاله أصبح أمرًا خارج حساباته، لذلك ستقوم زوجته بتنظيف ملابسهم القديمة لاستخدامها مرة أخرى.

انهيار اقتصادي شامل يحتاج تدخلًا عاجلًا

وصف الباحث الاقتصادي رمزي سلطان المشهد الاقتصادي في اليمن بأنه انهيار شامل للهيكل المالي والمعيشي في البلاد، محملًا المسؤولية لسنوات من السياسات الفاشلة، والانقسام المؤسسي، واستمرار الحرب دون أفق للحل. 

وأشار أن الأوضاع ماضية نحو مزيد من التدهور في حال غياب تدخلات جذرية وسريعة.

وأفادت بأن الصورة القاتمة لعيد الأضحى هذا العام تعكس أزمة إنسانية أعمق يعيشها اليمن، فوفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يُتوقع أن يعاني أكثر من 17 مليون شخص، أي ما يقارب نصف سكان البلاد، من انعدام حاد في الأمن الغذائي هذا العام. 

الغالبية العظمى من هؤلاء يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي في الشمال.

وقد خلّفت الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ورغم الجهود الدبلوماسية المتكررة، ما يزال السلام المستدام بعيد المنال.

وسط هذا الواقع القاتم، يحلّ عيد الأضحى على اليمنيين هذا العام بثقل غير مسبوق، تتقدم فيه ضرورات البقاء على حساب بهجة الطقوس، وتتحوّل فيه شعائر التضحية إلى رمز لألم متجذر لا يعرف موعدًا للانتهاء.