محلل سياسي سوري: عودة داعش مرتبطة بصراعات النفوذ وتراجع التنسيق الدولي

محلل سياسي سوري: عودة داعش مرتبطة بصراعات النفوذ وتراجع التنسيق الدولي

محلل سياسي سوري: عودة داعش مرتبطة بصراعات النفوذ وتراجع التنسيق الدولي
تنظيم داعش الإرهابي

كشفت مصادر عسكرية سورية عن مؤشرات خطيرة تؤكد عودة تنظيم "داعش" إلى الساحة مجددًا، وسط تقارير استخباراتية تشير إلى تحضيرات لهجمات منسقة قد تستهدف مدنًا رئيسية، في خطوة تعكس تحوّلًا في استراتيجية التنظيم المتطرف.

ويخطط التنظيم لشن هجمات واسعة النطاق، تنطلق من مدينة حمص، وتهدف إلى السيطرة على عددٍ من الأحياء الحيوية في توقيت متزامن، بما يشبه "الضربة المركبة" التي تهز الاستقرار وتربك أجهزة الدولة.

وأضاف المصدر: أن المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة العسكرية السورية تفيد بأن الخطة تشمل استهداف أماكن عبادة ومقامات دينية، في محاولة لإحراج الحكومة السورية، وخلق مناخ من التوتر الطائفي يعيد البلاد إلى أجواء الفوضى التي غذّت صعود التنظيم في السابق.

حرب العصابات 


في تحوّل واضح عن تكتيكات المرحلة السابقة، يعتمد "داعش" الآن على حرب العصابات، ويقوم بتجنيد عناصر محلية من مناطق منهكة اقتصاديًا ومهمشة أمنيًا، مستفيدًا من الشعور بالتهميش ونقص الخدمات في بعض الأطراف الريفية.

ويعتمد التنظيم، وفق المصادر، على التسلل من البادية السورية والمناطق الصحراوية، حيث ما زال يحتفظ بشبكات نائمة، إلى المراكز الحضرية، مستغلًا صعوبة التغطية العسكرية لهذه المساحات الواسعة، بالإضافة إلى ضعف التنسيق الأمني بين القوى المختلفة على الأرض.

استجابة أمنية مكثفة 


في المقابل، تكثف السلطات السورية جهودها الاستخباراتية والعسكرية لمواجهة هذا التهديد وتركز الإجراءات الحالية على عزل التنظيم عن أي حاضنة اجتماعية محتملة، خصوصًا في المناطق التي شهدت تمدده سابقًا.

كما يجري التنسيق مع شركاء دوليين لرصد تحركات خلايا "داعش"، وقطع طرق الإمداد والتمويل، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أن عودة التنظيم، حتى ولو بشكل محدود، قد تعرقل جهود الاستقرار وإعادة الإعمار، خاصة في المناطق التي شهدت تحسنًا أمنيًا نسبيًا خلال العامين الماضيين.

ويرى مراقبون، أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الهجمات، بل في الخطاب الذي يعيد تدوير مشاعر الإحباط والتهميش، ويستقطب فئات جديدة لم تدخل سابقًا في دوائر التطرف.

واعتبر المحلل السياسي السوري د. كرم الشوفي، أن عودة تنظيم داعش إلى واجهة المشهد الأمني في سوريا ليست تطورًا عشوائيًا، بل ترتبط بـ"تحولات إقليمية ودولية عميقة، وصراعات نفوذ تخلق فراغات تستغلها التنظيمات الإرهابية".

وفي تصريح خاص لـ"للعرب مباشر"، أشار الشوفي إلى أن تحركات "داعش" الأخيرة تعكس تراجع التنسيق الأمني بين القوى الدولية والمحلية الفاعلة في سوريا، وغياب رؤية موحدة لإدارة الملف الأمني، مما سمح للتنظيم باستعادة أنفاسه وتوجيه ضربات نوعية.

ويؤكد الشوفي، أن التنظيم بات يراهن على هجمات عالية التأثير وقليلة الكلفة، هدفها زعزعة الثقة في قدرة الدولة على تأمين المواطنين، وخلق حالة من الفوضى تسهّل عليه الانتشار مجددًا.

وأضاف: "داعش لم يعد بحاجة للسيطرة على الأرض، كل ما يريده هو أن يظهر مجددًا كقوة قادرة على ضرب المدن، وإرباك حسابات القوى المتصارعة على سوريا. وللأسف، البيئة ما زالت مهيأة، بفعل الفقر والاحتقان الطائفي وانعدام الأفق السياسي".

وختم المحلل السياسي السوري بالتأكيد على أن مواجهة عودة التنظيم تحتاج إلى ما هو أبعد من العمليات العسكرية: "نحن بحاجة إلى مقاربة شاملة: أمنية، سياسية، اقتصادية، تنموية. داعش ليس مجرد عدو مسلح، بل فكرة تجد طريقها في لحظات الفراغ، وكلما غابت الدولة، وابتعد الحل السياسي، اقترب التنظيم من العودة".