بيان الغضب الأوروبي: لا لتهجير الفلسطينيين.. ولا لاستمرار المجازر في غزة
بيان الغضب الأوروبي: لا لتهجير الفلسطينيين.. ولا لاستمرار المجازر في غزة

بينما يختنق قطاع غزة تحت نيران القصف ونقص الغذاء والدواء، تصاعدت الأصوات الأوروبية، هذه المرة على شكل بيان مشترك نادر من سبع دول، تطالب فيه إسرائيل بفك الحصار ووقف العمليات العسكرية فورًا.
البيان الذي حمل لهجة حازمة غير معتادة، لم يكتف بالإدانة، بل طالب بإلغاء كامل للحصار المفروض على القطاع، محذرًا من كارثة إنسانية تزداد قتامة كل يوم، في خلفية هذا النداء، تتزايد أرقام القتلى والمشردين، ويزداد التوتر في الضفة الغربية والقدس الشرقية وسط تصعيد إسرائيلي وتوسع استيطاني مستمر، يعكس التحرك الأوروبي إدراكًا متأخرًا ربما، لكنه صريح، بخطورة الوضع، ودعوة جادة للدخول في مسار تفاوضي يؤدي إلى وقف إطلاق نار شامل، وإعادة إطلاق مسار حل الدولتين، وبينما يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته الجوية المكثفة على غزة، يطفو سؤال أخلاقي وسياسي على السطح: هل ما زال هناك متسع من الوقت لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في هذا النزاع المستعر؟
*قلق أوروبي*
في موقف جماعي نادر، خرجت سبع دول أوروبية، يوم الجمعة، بموقف صريح تطالب فيه إسرائيل برفع الحصار عن قطاع غزة فورًا، محذّرة من أن استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى "مجاعة جماعية" وسقوط المزيد من الضحايا المدنيين في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
وجاء البيان المشترك الصادر عن قادة كل من أيرلندا، أيسلندا، إسبانيا، لوكسمبورغ، مالطا، سلوفينيا، والنرويج، ليعبّر عن تصاعد القلق الأوروبي إزاء التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر في القطاع المحاصر منذ سنوات، والذي ازداد عنفًا منذ اندلاع الحرب الأخيرة.
وقال القادة الأوروبيون -في بيانهم-: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الكارثة التي تُصنَع على مرأى من العالم في غزة"، داعين حكومة إسرائيل إلى التراجع الفوري عن سياستها الحالية، ووقف الحصار بشكل كامل، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية من دون تأخير أو عراقيل، عبر آليات دولية نزيهة وفعالة.
وتابع البيان، أن أكثر من 50 ألف إنسان، من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، لقوا حتفهم جراء العدوان المستمر، بينما يتهدد الجوع والموت البطيء عشرات الآلاف الآخرين في ظل انعدام الأمن الغذائي وانهيار البنية التحتية الصحية والمعيشية داخل القطاع.
*ليس غزة فقط*
ولم يقتصر البيان الأوروبي على غزة فقط، بل أدان القادة أيضًا التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بما في ذلك العنف المتزايد من قبل المستوطنين، وتوسيع المستوطنات غير القانونية، والعمليات العسكرية المتصاعدة، معتبرين أن "أي تغيير ديمغرافي قسري في هذه المناطق يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي، ولن يتم القبول به تحت أي ظرف".
الدول السبع طالبت المجتمع الدولي بتكثيف دعمه للمنظمات الإنسانية العاملة على الأرض، وتسهيل وصولها الآمن إلى كافة مناطق القطاع، مشددة على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق جميع الرهائن المحتجزين، كخطوة أولى نحو تسوية شاملة للنزاع.
وأكد البيان على ضرورة العودة إلى المفاوضات السياسية الجادة، مشيرًا إلى أن السلام المستدام والعادل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تنفيذ حل الدولتين، بما يضمن للشعب الفلسطيني حقه الكامل في تقرير المصير، في إطار قانوني ترعاه الأمم المتحدة.
وبينما كان القادة الأوروبيون يوجهون بيانهم هذا، أعلن الجيش الإسرائيلي من جانبه أنه بدأ "ضربات مكثفة" على غزة خلال الساعات الماضية، واصفًا العمليات بأنها جزء من "المرحلة الأولية لتوسيع المعركة" بهدف تحقيق ما وصفه بـ "كافة أهداف الحرب، وعلى رأسها القضاء على حركة حماس وإطلاق سراح الرهائن".
*خطر المجاعة*
هذا التصعيد العسكري يأتي في وقت تشهد فيه غزة واحدة من أكثر فصول الحرب تدميرًا، حيث تشهد البنية التحتية الصحية في المستشفيات انهيارًا شبه كامل، في ظل نقص حاد في الوقود والكهرباء والمياه النظيفة.
كما أظهرت تقارير أممية حديثة، أن نسبة كبيرة من سكان القطاع يواجهون خطر المجاعة، بينما يعيش معظمهم في ظروف لا تليق بالبشر.
ورغم أن البيان الأوروبي قد لا يُحدث تحولًا جذريًا في موقف الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه يشير إلى تنامي التوتر داخل أوروبا بشأن استمرار الدعم غير المشروط لتل أبيب، خصوصًا في ظل ضغوط داخلية من الرأي العام الأوروبي الذي بدأ يتململ من صمت الحكومات إزاء الجرائم الموثقة في غزة.
وفي انتظار استجابة إسرائيلية رسمية على هذا البيان، يبقى الموقف الإنساني في غزة في تدهور مستمر، في ظل عجز دولي صارخ، يضع العالم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى، أو التواطؤ بالصمت على مجازر تحدث في وضح النهار.