محلل سياسي : التوغل الإسرائيلي في القنيطرة محاولة لفرض واقع أمني جديد في الجنوب السوري
محلل سياسي : التوغل الإسرائيلي في القنيطرة محاولة لفرض واقع أمني جديد في الجنوب السوري
في تصعيد جديد يعكس تعقيدات المشهد الإقليمي في الجنوب السوري، أفادت مصادر ميدانية، فجر الجمعة، بأن قوة من الجيش الإسرائيلي توغلت داخل الأراضي السورية عبر قرى ريف القنيطرة، في خطوة تُعد من أبرز التحركات الميدانية خلال الأشهر الأخيرة على خط الجبهة الهادئ نسبيًا منذ سنوات.
ووفق ما نقله وسائل إعلام سورية، فإن دورية إسرائيلية مؤلفة من خمس مركبات عسكرية دخلت قرية الصمدانية الشرقية بريف القنيطرة جنوبي سوريا، قبل أن تنصب حاجزًا على "أوتوستراد السلام"، على مسافة تقارب 40 كيلومترًا من العاصمة دمشق.
وأشار شهود عيان إلى أن القوات الإسرائيلية أوقفت بعض المارة وشرعت في عمليات استجواب محدودة للسكان المحليين، في مشهد أثار قلق الأهالي الذين رأوا في التحرك خرقًا مباشرًا للسيادة السورية.
ويأتي هذا التطور في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي لتحركاته داخل القرى الحدودية السورية خلال الأشهر الأخيرة، بزعم ملاحقة مجموعات مسلحة أو البحث عن مخازن أسلحة تابعة لفصائل مدعومة من إيران و"حزب الله".
وتشير التقارير الميدانية إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه العمليات إلى تعزيز نفوذها الاستخباراتي والعسكري في نطاق يفصل بين الجولان المحتل ومناطق سيطرة الجيش السوري.
ويرى مراقبون، أن هذا التوغل الجديد قد يحمل رسائل ردع غير مباشرة لدمشق وطهران، خصوصًا في ظل تصاعد التوتر الإقليمي على خلفية الحرب في غزة واستمرار المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على الجبهة اللبنانية.
كما يثير التحرك تساؤلات حول مستقبل اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974، الذي حدد خطوط التماس بين الجانبين بوساطة أممية.
ورغم غياب تعليق رسمي من الحكومة السورية حتى الآن، فإن مصادر محلية وصفت العملية بأنها انتهاك خطير لسيادة البلاد وتهديد لاستقرار الجنوب السوري، محذّرة من أن استمرار هذه التوغلات قد يدفع المنطقة نحو موجة جديدة من التصعيد الميداني في واحدة من أكثر النقاط حساسية في الخارطة السورية.
قال المحلل السياسي السوري الدكتور مهند العلي: إن التوغل الإسرائيلي الجديد داخل الأراضي السورية في ريف القنيطرة يعكس "نهجًا تصعيديًا واضحًا" يهدف إلى فرض واقع أمني جديد على الحدود الجنوبية، في ظل انشغال دمشق بالتحديات الداخلية وتزايد التوتر الإقليمي.
وأضاف العلي، في تصريح خاص للعرب مباشر، أن ما جرى من تحرك عسكري إسرائيلي داخل قرية الصمدانية الشرقية يشكّل "خرقًا صارخًا لاتفاق فض الاشتباك الموقّع عام 1974"، مشيرًا إلى أن إسرائيل باتت تتعامل مع الجنوب السوري "كساحة مفتوحة لعملياتها الاستخباراتية والعسكرية تحت ذريعة محاربة النفوذ الإيراني".
وأوضح، أن التوغلات الأخيرة، بما في ذلك نصب الحواجز المؤقتة واستجواب المدنيين، تمثل مؤشرات على "مرحلة جديدة من الانخراط الإسرائيلي الميداني" في الجبهة السورية، وهو ما يهدد بزعزعة الاستقرار في منطقة شديدة الحساسية جيوسياسيًا.
ولفت العلي إلى أن توقيت العملية "ليس بريئًا"، بل يتزامن مع تصاعد المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على الجبهة اللبنانية، ومع محاولات إسرائيل توجيه رسائل ردع مزدوجة إلى دمشق وطهران.
وختم بالقول: إن استمرار هذه التوغلات "قد يفتح الباب أمام تصعيد غير محسوب"، خصوصًا إذا ما قررت القوات السورية الرد أو تحركت فصائل محلية في الجنوب، معتبرًا أن المشهد الحالي "ينذر بعودة التوتر إلى خطوط التماس في الجولان بعد سنوات من الهدوء الحذر".

العرب مباشر
الكلمات