زلزال عمّان يهز إخوان لبنان.. صراع الأجنحة على القيادة والسلاح

زلزال عمّان يهز إخوان لبنان.. صراع الأجنحة على القيادة والسلاح

زلزال عمّان يهز إخوان لبنان.. صراع الأجنحة على القيادة والسلاح
جماعة الإخوان

في لحظة يتشابك فيها المحلي بالإقليمي، وتضطرب فيها الحسابات الداخلية بفعل الهزات الخارجية، تعصف ارتدادات الزلزال السياسي في الأردن، والذي أفضى إلى حظر جماعة الإخوان بتنظيم الجماعة الإسلامية في لبنان، الفرع اللبناني للتنظيم الدولي، فبين ضغوط الدولة اللبنانية لضبط السلاح الخارج عن السيطرة، والانقسامات الداخلية المتفاقمة حول القيادة والمستقبل، تتعمق الشروخ داخل هذا الكيان الذي لطالما حافظ على تماسك نسبي رغم الرياح المتغيرة، اليوم، يقف "إخوان لبنان" على مفترق طرق، تتنازعهم تيارات تقليدية وأخرى صاعدة، فيما تلقي علاقاتهم العابرة للحدود، خصوصًا مع حركة حماس، بثقلها على المسار الداخلي، وبينما تسعى الدولة اللبنانية لإنهاء الوجود المسلح على أراضيها، يجد التنظيم نفسه في قلب مرير بين القديم والجديد، بين الولاء للتنظيم العالمي والانخراط في اللعبة اللبنانية، وبين السياسة والبندقية. فهل تتجه الجماعة إلى الانشقاق، أم تجد تسوية تُبقيها على قيد النفوذ ولو شكليًا؟


*ظلال ثقيلة*


أخذت الأزمة التنظيمية في صفوف الجماعة الإسلامية اللبنانية – الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين – منحىً تصاعديًا في الأسابيع الأخيرة، بعد أن باتت تداعيات قرار الأردن بحظر الجماعة تُلقي بظلالها الثقيلة على كافة فروع التنظيم في المنطقة، وبشكل خاص على الساحة اللبنانية الهشة أصلًا.

في بيروت، لم تكن الضغوط الأمنية والسياسية من قبل الدولة اللبنانية وليدة قرار الأردن، لكنها تزامنت مع تراجع كبير في الدعم الإقليمي الذي كانت تتلقاه بعض أجنحة الجماعة، وخصوصًا تلك المرتبطة بحركة حماس.

وهكذا، وجدت الجماعة نفسها فجأة في قلب عاصفة إقليمية، تستدعي إعادة هيكلة داخلية، وربما إزاحة رموز القيادة الحالية.
في صلب الأزمة، يقف محمد طقوش، الأمين العام الحالي للجماعة، والذي اعتلى منصبه عام 2022 خلفًا لعزام الأيوبي.

*دعم السنوار*


طقوش، المنتمي للجيل الرابع من الجماعة، لم يكن خيار التيار التقليدي أو القادة التاريخيين، بل جاء بدعم واضح من حركة حماس، وتحديدًا من جناحها العسكري بقيادة يحيى السنوار.

ومع مقتل السنوار في رفح، وتراجع حماس إقليميًا، خسر طقوش أهم داعم له، وبدأت دعوات الإطاحة به تكتسب زخمًا جديدًا.
القيادات التاريخية، وفي مقدمتهم عزام الأيوبي، تتهم طقوش بتحويل الجماعة إلى واجهة لأجندة إقليمية غير لبنانية، وتطالب بتصحيح المسار عبر استعادة القيادة.

ويقود هذه الحملة النائب عماد الحوت، الذي يُعد واجهة برلمانية مؤثرة، ويحظى بدعم مباشر من الأيوبي وبعض أطراف التنظيم الدولي.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن خطة الإطاحة بطقوش تتضمن مقترحًا بتولي الحوت إدارة شؤون الجماعة فعليًا، فيما يبقى طقوش في موقعه كواجهة تنظيمية حتى نهاية ولايته في 2026، دون صلاحيات حقيقية.

هذه "التسوية المؤقتة" قُدمت كبديل عن خيار العزل المباشر الذي قد يفجّر التنظيم من الداخل.

*قوات الفجر*


الخلاف الأبرز حاليًا يتمحور حول الجناح العسكري للجماعة، المعروف بـ"قوات الفجر". فبينما يرى تيار الأيوبي والحوت ضرورة حل هذا الجناح لضمان بقاء الجماعة ضمن إطار الشرعية السياسية اللبنانية، تصر مجموعة طقوش على الاحتفاظ به كورقة قوة وضمانة للنفوذ، خصوصًا في ظل الحديث المتزايد عن نزع سلاح حماس في لبنان.

في هذا السياق، علم أن رئيس مكتب حماس في الخارج، خالد مشعل، حاول التدخل عبر وسطاء لبنانيين، متعهدًا بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنصة للعمل العسكري، في محاولة لحماية وجود الحركة في لبنان من الانهيار الكامل.

غير أن هذه الوعود لم تخفف من ضغط الأجهزة الأمنية اللبنانية التي تتابع بدقة تحركات حماس و"إخوان لبنان".

وقد بدأت بالفعل بعض مؤسسات الجماعة المقربة من القيادة التاريخية اتخاذ خطوات عملية، عبر إدارة الاجتماعات مع مسؤولين لبنانيين، وإعادة هيكلة العمل السياسي الداخلي، في مشهد يعكس تقليصًا تدريجيًا لنفوذ طقوش ومجموعته الأمنية.

ورغم هذه التحركات، ما تزال الصراعات الداخلية محتدمة، خصوصًا مع بروز أسماء مثل أحمد العمري، الذي خسر الانتخابات أمام طقوش عام 2022، ويضغط اليوم لإجراء انتخابات مبكرة، وأيضًا إيهاب نافع، رئيس المكتب السياسي، الذي يتحرك هو الآخر على خط الوساطات لتشكيل تحالف جديد يُبعد الجناح العسكري عن مركز القرار.

المراقبون يرون، أن الجماعة الإسلامية في لبنان تترنح اليوم بين نموذجين: الأول يدعو إلى تكيّف براغماتي يضمن بقاءها في الحياة السياسية اللبنانية، حتى ولو على حساب حضورها العقائدي والمسلح؛ والثاني يتمسك بالبنية القديمة كامتداد عضوي للتنظيم الدولي، حتى وإن كلفها ذلك العزلة والاندثار.


وأشار مراقبون، أن الزلزال الأردني قد حفّز ارتدادات أشد عنفًا في بيروت، حيث لم تعد المعركة بين تيارات إخوانية فقط، بل باتت معركة بقاء في بلد لم يعد يحتمل تعدد الجيوش ولا ازدواجية الولاءات.