الغزيون يعودون إلى مدنهم المدمّرة بعد عامين من الحرب

الغزيون يعودون إلى مدنهم المدمّرة بعد عامين من الحرب

الغزيون يعودون إلى مدنهم المدمّرة بعد عامين من الحرب
حرب غزة

بدأ آلاف الفلسطينيين، الجمعة، رحلة العودة الطويلة سيرًا على الأقدام من جنوب قطاع غزة إلى شماله، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند منتصف النهار، في خطوة يأمل الوسطاء أن تمهّد لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل وحركة حماس، حسبما رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

مشهد العودة إلى الشمال

على الطرق الساحلية المليئة بالغبار، شوهدت حشود ضخمة من المدنيين يتحركون باتجاه أنقاض مدينة غزة التي أُجبروا على مغادرتها قبل أسابيع. 

حمل الرجال أكياسًا صغيرة، والنساء أطفالًا صغارًا، فيما تمسك الأطفال الأكبر سنًا بأيدي ذويهم في طريق العودة إلى مناطقهم المدمرة. ورغم الخراب المحيط، خيّم شعور بالأمل والفرح على وجوه العائدين.

قال شهمخ الدبس، وهو أحد النازحين الذين فرّوا جنوبًا الشهر الماضي: "الناس سعداء للغاية، حتى وإن كانوا يعودون إلى الدمار".

اتفاق وقف إطلاق النار وتفاصيل الصفقة

أعلنت إسرائيل في الساعات الأولى من صباح الجمعة موافقتها على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، على أن يبدأ سريانه ظهر اليوم نفسه.

 ويتضمن الاتفاق - بحسب بيان الجيش الإسرائيلي- إفراج حماس عن جميع الرهائن المتبقين في غزة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، إضافة إلى انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من داخل القطاع.

وينص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط انتشار جديدة داخل غزة، تمتد جنوب مدينة غزة وحتى مشارف دير البلح، تمهيدًا لمرحلة أولى من التهدئة.

وساطة أمريكية وزيارة مرتقبة لترامب

وأضافت الصحيفة، أن الاتفاق بُني على مقترح قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أسبوع، والذي وصفه مراقبون بأنه أكثر خطة واقعية لوقف الحرب حتى الآن. 

وأكد متحدث باسم الكنيست الإسرائيلي، أن ترامب من المتوقع أن يزور القدس، يوم الاثنين المقبل؛ لإلقاء كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي احتفالًا ببداية تنفيذ الخطة.

من جانبه، أعلن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أن الجيش الأمريكي تحقق من التزام إسرائيل بسحب قواتها إلى الخطوط المتفق عليها داخل القطاع؛ مما فتح نافذة زمنية مدتها 72 ساعة أمام حماس لتسليم الرهائن المتبقين لديها.

نتنياهو: لن نتنازل عن نزع سلاح حماس

وفي تصريح مسجل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: إن وقف إطلاق النار سيمكن إسرائيل من استعادة جميع الرهائن مع الحفاظ على وجودها العسكري في غزة.

وأضاف: أن بلاده لن تتنازل عن مطالبها الأساسية، وأبرزها نزع سلاح حركة حماس، وضمان أن تكون غزة منزوعة السلاح بالكامل.

وأكد نتنياهو، أن إسرائيل تفضل تحقيق هذه الأهداف عبر الوسائل الدبلوماسية، لكنه حذر من أن الجيش مستعد لاستخدام القوة إذا لزم الأمر.

حماس ترفض نزع السلاح وتعتبره استسلامًا

وفي المقابل، ترى حركة حماس، أن مطلب نزع السلاح يعني عمليًا الاستسلام لإسرائيل، مؤكدة أن المقاومة المسلحة تمثل حقًا مشروعًا في مواجهة الاحتلال. 

ولم تُدلِ الحركة بتصريحات رسمية حول تفاصيل الاتفاق، لكنها أكدت أنها تدرس بنوده المتعلقة بتبادل الأسرى.

فرحة العودة رغم الخوف

وعلى الطريق الساحلي، قال موسى رجب، طالب تمريض يبلغ من العمر 22 عامًا: إنه بدأ السير نحو غزة فور سماعه نبأ وقف إطلاق النار.

وأضاف: "نريد فقط أن نرى بيوتنا بأعيننا، سمعنا أن منزلنا تضرر جزئيًا، لكننا بحاجة إلى التأكد بأنفسنا".

ورغم المخاوف من انهيار الهدنة كما حدث في اتفاقات سابقة، عبّر رجب عن تفاؤله: "أرجو أن تكون هذه المرة الأخيرة التي نسلك فيها هذا الطريق الطويل".

تحذيرات إسرائيلية 

أكد المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أن الجيش سيسمح للفلسطينيين في جنوب غزة بالتحرك نحو الشمال عبر الطرق الرئيسية، لكنه حذر من الاقتراب من مناطق محددة ما تزال تشهد وجودًا عسكريًا إسرائيليًا، واصفًا إياها بأنها خطيرة للغاية.

وفي المقابل، أعلنت الدفاع المدني في غزة، أن غارة إسرائيلية ليل الخميس استهدفت مبنى سكنيًا شمال القطاع؛ ما أدى إلى وقوع ضحايا بين المدنيين، في حين قالت إسرائيل: إن الموقع كان يُستخدم من قبل مقاتلين من حماس يشكلون تهديدًا مباشرًا لقواتها.

تفاصيل إطلاق الأسرى

وفقًا لبيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ستبدأ القوات الإسرائيلية بالتحرك إلى خطوط انتشار جديدة داخل غزة بحلول صباح السبت. وسيكون أمام حماس مهلة 72 ساعة لإطلاق جميع الرهائن، بمن فيهم أولئك الذين قُتلوا خلال الحرب.

كما وافقت الحكومة الإسرائيلية على إطلاق سراح 250 أسيرًا فلسطينيًا محكومين بالسجن المؤبد، إضافة إلى 1,722 معتقلًا من سكان غزة تم احتجازهم خلال الحرب ولم يشاركوا في هجمات السابع من أكتوبر 2023، بينهم 22 قاصرًا.

ونشرت إسرائيل قائمة بأسماء المفرج عنهم، تضمنت العديد ممن أدينوا بتنفيذ هجمات ضد إسرائيليين، لكنها لم تشمل شخصيات بارزة كانت حماس تأمل الإفراج عنها، ما أثار جدلًا حول ما إذا كانت القائمة نهائية.