حين يقترب الخطر من بوابة القصر.. إسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء في دمشق

حين يقترب الخطر من بوابة القصر.. إسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء في دمشق

حين يقترب الخطر من بوابة القصر.. إسرائيل تتجاوز الخطوط الحمراء في دمشق
قصف سوريا

بهدوء لا يشبه سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة، تسلّلت طائرات إسرائيلية إلى سماء العاصمة السورية دمشق، مستهدفة مواقع حساسة في واحدة من أجرأ الضربات منذ بدء الحرب السورية.

هذه المرة، لم تكتف إسرائيل بضربات على أطراف المدن أو قواعد الميلشيات الإيرانية، بل توجهت مباشرة إلى محيط القصر الرئاسي، معلنة فعليًا مرحلة جديدة من الصراع في سوريا.

ضربة رمزية... لكنها ذات رسائل استراتيجية

الهجوم الإسرائيلي الذي طال مقر هيئة الأركان السورية ووزارة الدفاع، واقترب بشدة من القصر الرئاسي، يحمل طابعًا رمزيًا واضحًا، فالرسالة ليست موجهة فقط إلى النظام السوري، بل إلى كل من يراهن على أن هناك مناطق "خارج الحسابات" في الصراع.

التوقيت والدقة والمكان، جميعها تشير إلى أن الخطوط الحمراء القديمة تتآكل، وأن إسرائيل لم تعد ترى في العمق السوري منطقة محصنة من الردع.

صمت سوري.. وتساؤلات مفتوحة


حتى الآن، لم يصدر عن دمشق أي بيان رسمي يوضح طبيعة الأضرار أو يعقّب على اقتراب القصف من القصر.


ولكن الأسئلة تتصاعد، هل كان الرئيس السوري متواجداً في القصر خلال الضربة؟، وهل اختارت إسرائيل عمدًا الاقتراب دون إصابة الهدف كرسالة ضغط؟، أم أن الأمر مقدمة لما هو أوسع؟


الصمت السوري لا يعبر بالضرورة عن الهدوء، بل قد يكون مؤشراً على الارتباك، أو التحضير لرد محسوب، خاصة مع تشابك الأزمات في الجنوب السوري ومنطقة السويداء.

من السويداء إلى قلب دمشق.. رسائل بالنار

العملية جاءت بعد تصريحات لافتة من وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي قال بصراحة إن زمن التحذيرات انتهى، وإن الجيش "سيضرب مؤلمًا" كل من يعتدي على الدروز.


وبينما تتوالى الهجمات على السويداء، تأتي الضربة قرب القصر لتربط بين ما هو عسكري ميداني، وما هو سياسي استراتيجي.
وتؤكد إسرائيل أن جزءًا من هجماتها يهدف إلى "حماية الطائفة الدرزية"، في خطاب غير مألوف يُظهر تحولًا في الخطاب الإسرائيلي من الأمن القومي إلى "الحماية الطائفية"، وهي خطوة قد تحمل أبعادًا سياسية إقليمية تتجاوز حدود سوريا.

استدعاء الاحتياط.. وتأهب في الجولان

اللافت في الساعات التي أعقبت الضربات، لم يكن فقط ما جرى في دمشق، بل ما يجري على الحدود الشمالية لإسرائيل، أعلنت القيادة العسكرية الإسرائيلية عن استعداد لواء المظليين، وتحريك فرقتين إضافيتين إلى الجولان، في استعداد ميداني يعكس قناعة إسرائيلية بأن المواجهة قد لا تظل محصورة في الجو.


كما أكد رئيس الأركان الإسرائيلي أنه تم الدفع بوسائل إضافية للاستخبارات والاستطلاع، تحسّبًا لأي رد سوري مباشر أو غير مباشر، سواء من قوات النظام أو من حلفائه على الأرض.

وساطة أمريكية على نار هادئة

وسط كل هذا التصعيد، تتحرك الولايات المتحدة بخيوطها الدبلوماسية في الخفاء، محاولة منع الانزلاق إلى مواجهة شاملة، وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن واشنطن تلعب دور الوسيط في قنوات مغلقة، وتنقل رسائل بين الطرفين لاحتواء الموقف.
لكن الثابت حتى اللحظة أن إسرائيل لا تمانع في التصعيد، إن رأت أن ذلك سيعيد ضبط المعادلة داخل سوريا وفق رؤيتها، وهو ما يجعل أي وساطة هشّة أمام تسارع الأحداث.

مرحلة ما بعد الضربة


ما حدث في دمشق لا يمكن اعتباره مجرد ضربة عسكرية، بل هو تحوّل نوعي في شكل الاشتباك بين إسرائيل وسوريا.


فالاقتراب من القصر الرئاسي، حتى دون استهدافه المباشر، يكسر أحد أقدم "التفاهمات غير المكتوبة" في الحرب السورية، ويُظهر أن "السيادة السورية" باتت، في نظر إسرائيل، مسألة نسبية.

ولعل أخطر ما في هذا التحوّل، هو أنه يفتح الباب لتكرار الضربات في مناطق أكثر رمزية، وربما أكثر حساسية، إذا لم يتم لجم التصعيد.


ويقول الباحث السياسي السوري سلمان الشيب، إن اقتراب الضربة الإسرائيلية من القصر الرئاسي في دمشق ليس مجرد تطور عسكري، بل هو رسالة سياسية ثقيلة الوضوح، ما تفعله إسرائيل الآن هو إعادة رسم قواعد الاشتباك، بحيث لا تكون هناك خطوط حمراء حتى في أكثر المناطق رمزية داخل العاصمة السورية.

ويضيف الشيب - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - بالقول نحن أمام مرحلة جديدة عنوانها أن العمق السوري لم يعد بمنأى عن التصعيد، وهذا ينذر بمخاطر استراتيجية على استقرار المنطقة بأكملها، وليس على سوريا وحدها، واللافت أن الغارة جاءت في وقت تشهد فيه السويداء توترات داخلية، ما قد يعني أن إسرائيل تحاول استثمار المشهد الداخلي السوري لإحراج النظام، أو فرض مسارات سياسية وأمنية بالقوة".