خبير دولي: التجنيد الرقمي أخطر موجات الإرهاب المعاصر ويستهدف المراهقين بذكاء تقني
خبير دولي: التجنيد الرقمي أخطر موجات الإرهاب المعاصر ويستهدف المراهقين بذكاء تقني

في تقرير أمني جديد صدر عن وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول"، كشف خبراء مكافحة الإرهاب عن تحولات نوعية في أساليب التجنيد التي تعتمدها الجماعات المتطرفة داخل دول الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أنّ ظاهرة التجنيد الرقمي واستهداف المراهقين باتت في صدارة أولويات هذه التنظيمات.
وأوضح التقرير، الذي نُشر صباح اليوم في بروكسل، أنّ منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة المغلقة أصبحت الساحة الرئيسية التي تتحرك فيها هذه الجماعات، عبر محتوى مموّه يختلط فيه الخطاب الدعائي بمواد ترفيهية أو ثقافية موجهة للشباب. ولفت التقرير إلى أنّ متوسط أعمار المستهدفين بالتجنيد انخفض بشكل ملحوظ، حيث تتركز الجهود على فئة المراهقين بين 14 و17 عامًا، مستغلين عزلتهم الرقمية وحاجتهم للانتماء.
وبيّن التقرير أنّ التحقيقات التي أجريت في عدد من الدول الأوروبية أظهرت شبكات غير مركزية تعتمد على "خلايا افتراضية"، تقدم تدريبات عبر مقاطع فيديو وتوجيهات أمنية مشفرة، مما يصعّب مهمة الأجهزة الأمنية في الرصد والمتابعة. كما أشار إلى بروز محتوى يركز على قضايا العدالة الاجتماعية والبيئة لجذب المراهقين قبل دفعهم تدريجيًا إلى التطرف العنيف.
وأكدت "يوروبول" أنّ أجهزة الأمن الأوروبية رفعت درجة التنسيق فيما بينها، وبدأت في تنفيذ حملات توعية ميدانية ورقمية لمواجهة هذا التهديد الجديد. وأوصى التقرير بضرورة تعاون الحكومات مع شركات التكنولوجيا لتطوير أدوات رصد المحتوى المتطرف قبل انتشاره، إضافة إلى إشراك المدارس والأسر في متابعة السلوك الرقمي للمراهقين.
ويرى مراقبون أنّ هذا التقرير يعكس خريطة جديدة للإرهاب داخل أوروبا، لم تعد تعتمد على المراكز التقليدية أو المساجد المتشددة فحسب، بل على الفضاء السيبراني الذي أصبح بيئة خصبة لاستقطاب الأجيال الصاعدة، ما يفرض على الاتحاد الأوروبي مواجهة شاملة تتجاوز الأبعاد الأمنية لتشمل التعليم والإعلام والثقافة الرقمية.
وقال الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب الدولي العميد حاتم صابر: إنّ ما كشفه تقرير وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" بشأن تجنيد المراهقين عبر المنصات الرقمية، يمثل أخطر موجات الإرهاب المعاصر التي تهدد الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم.
وأوضح صابر - في تصريح خاص لـ"العرب مباشر" - أن الجماعات المتطرفة طوّرت أساليبها بشكل لافت، حيث لم تعد تعتمد على المساجد المتشددة أو اللقاءات السرية كما في السابق، بل باتت تستخدم الألعاب الإلكترونية، وتطبيقات المحادثة المغلقة، ومنصات الفيديو القصير لاستقطاب الفئات العمرية الأصغر. وأضاف: "هذه التنظيمات تدرك تمامًا أن المراهقين هم الفئة الأكثر تفاعلًا على الشبكة العنكبوتية، والأقل وعيًا بالخطاب المموّه الذي يقدَّم لهم".
وأشار الخبير إلى أن الطبيعة العابرة للحدود للإنترنت تجعل من الصعب على أجهزة الأمن السيطرة الكاملة على هذا النشاط، خصوصًا مع استخدام أساليب تشفير متقدمة وتبديل دائم للحسابات. وأكد أن التقرير الأوروبي يسلط الضوء على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا لابتكار آليات فورية لتعطيل المحتوى المتطرف قبل انتشاره.
واختتم صابر تصريحاته قائلًا: "المعركة اليوم لم تعد فقط في الشارع أو على الحدود، بل داخل هواتف وأجهزة المراهقين. من هنا يجب أن تتكامل الجهود بين الأمن والإعلام والأسرة والمدرسة لوقف هذه الموجة قبل أن تتحول إلى خلايا نائمة تنفجر في المستقبل".