بعد استئناف إدخال المساعدات.. غزة ما تزال تعاني الجوع وإسرائيل تخدع العالم مجددًا 

بعد استئناف إدخال المساعدات.. غزة ما تزال تعاني الجوع وإسرائيل تخدع العالم مجددًا 

بعد استئناف إدخال المساعدات.. غزة ما تزال تعاني الجوع وإسرائيل تخدع العالم مجددًا 
حرب غزة

بدأت إسرائيل، صباح أمس الأحد، تنفيذ وقفات إنسانية يومية في ثلاث مناطق مكتظة بالسكان داخل قطاع غزة، في محاولة للرد على الضغوط الدولية المتزايدة بشأن الأزمة الإنسانية والمجاعة الكارثية التي تعصف بالقطاع المحاصر منذ أشهر، حسبما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية عن إجراءات إضافية تشمل استئناف إسقاط المساعدات جوًا، وتشغيل محطة لتحلية المياه، وتوفير ممرات إنسانية لتسهيل تسليم مساعدات الأمم المتحدة داخل غزة.

كارثة إنسانية شاملة في غزة


تشهد غزة أزمة مجاعة غير مسبوقة. ففي الأسبوع الماضي فقط، تحولت حالة انعدام الأمن الغذائي إلى مجاعة فعلية، حيث توفي العشرات جوعًا. 

وأفاد برنامج الأغذية العالمي، بأن 90 ألف امرأة وطفل في حاجة ماسة لعلاج من سوء التغذية، في حين يُحرم ثلث سكان القطاع من الغذاء لعدة أيام متتالية.

ويعاني الأطباء في مستشفيات غزة من تدفق أعداد هائلة من المصابين بسوء التغذية دون وجود إمكانات كافية لعلاجهم.

وذكر الدكتور أحمد الفرا، مدير قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي، أن جناح علاج سوء التغذية في المستشفى مكتظ تمامًا، مما اضطر بعض الأطفال إلى النوم على الأرض.

وطالت الأزمة الجميع في القطاع، حتى موظفي وكالات الإغاثة أنفسهم، حيث وصفتهم تقارير الأمم المتحدة بأنهم "هياكل عظمية تسير على الأرض".

انقطاع شبه كامل للمساعدات منذ مارس

منذ استئناف القتال في منتصف مارس، فرضت إسرائيل حظرًا كاملاً على دخول المساعدات إلى القطاع لأكثر من شهرين ونصف، في محاولة منها للضغط على حركة حماس من أجل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.

وفي مايو، سمحت إسرائيل بإدخال كميات محدودة من المساعدات، معظمها عبر مؤسسة "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي اقترحتها إسرائيل كبديل عن قنوات الأمم المتحدة، زاعمة – دون تقديم دليل – أن حماس كانت تستولي على المساعدات الأممية.

وخلال تلك الفترة، لقي أكثر من 1000 فلسطيني مصرعهم أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، معظمهم قرب نقاط توزيع تابعة لـ GHF. 

ومنذ مايو، دخلت نحو 4500 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة إلى غزة، بمعدل يومي لا يتجاوز 70 شاحنة، وهو عدد بعيد جدًا عن معدل ما قبل الحرب البالغ 500–600 شاحنة يوميًا، الذي تعتبره الأمم المتحدة الحد الأدنى المطلوب لإنقاذ الوضع الصحي في القطاع.

إعلانات إسرائيلية دون تفاصيل كافية

رغم الإعلان الإسرائيلي عن استئناف إسقاط المساعدات جوًا، وصفت منظمات الإغاثة هذا الإجراء بأنه غير ذي جدوى ملموسة نظرًا لضآلة الكميات المسقطة. 

كما تحدثت إسرائيل عن فتح ممرات إنسانية لتسهيل دخول شاحنات الأمم المتحدة، لكنها لم تحدد عدد الشاحنات المسموح بها يوميًا.

واعتبرت المنظمات غير الحكومية هذه الخطوات إيجابية ولكن غير كافية، مؤكدة أن المجاعة وصلت بالفعل إلى مستويات كارثية، وتتطلب استجابة أكبر بكثير. 

وطالبت تلك المنظمات بوقف إطلاق نار شامل كشرط ضروري لتقديم المساعدات على نطاق واسع.

وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة الأونروا: إن العودة إلى المستوى السابق من إدخال المساعدات – أي 500–600 شاحنة يوميًا – هو السبيل الوحيد لاحتواء المجاعة، مؤكدة أن الأونروا كانت قد أنقذت غزة سابقًا من المجاعة، ويمكن أن تفعل ذلك مجددًا إذا تم السماح بتدفق غير معرقل للمساعدات.

ورغم أن إسرائيل منعت الأونروا من العمل داخل غزة منذ يناير، فإن الوكالة ما تزال تمتلك 6 آلاف شاحنة محملة بالغذاء والدواء والإمدادات الصحية في الأردن ومصر، جاهزة للدخول بمجرد السماح بذلك. 

وذكر برنامج الأغذية العالمي، أنه يمتلك ما يكفي من المساعدات لإطعام سكان غزة لمدة ثلاثة أشهر.

غياب الجدول الزمني واستمرار الضبابية

ولم يتضمن الإعلان الإسرائيلي أي معلومات حول مدة استمرار الوقفات الإنسانية أو الممرات المفتوحة؛ ما أثار قلق المنظمات الإنسانية التي تعتبر الاستقرار والوضوح عناصر أساسية في عملها.

كما أن تخفيف القيود على دور الأمم المتحدة في التوزيع داخل غزة ما يزال غامضًا. 

وأشارت الأمم المتحدة، أن التجربة أثبتت أن لديها وحدها القدرة على توزيع المساعدات بشكل منظم وآمن، في ظل الانفلات الأمني في مناطق توزيع GHF.

رد فعل حذر من الفلسطينيين

وقابل الفلسطينيون هذا الإعلان بحذر بالغ، مترددين في بناء آمالهم على وعود سبق أن تبخرت، بما في ذلك وعود بوقف إطلاق نار قريب. 

وعلى الأرض، لم يلاحظ السكان أي تحسن فعلي في توفر المواد الغذائية أو انخفاض أسعارها، باستثناء الطحين الذي انخفض سعره بنسبة 20% خلال ليلة واحدة.

ورغم بدء "الوقفات الإنسانية"، فإن تأثيرها الفعلي على الأرض لم يظهر بعد، مع استمرار معاناة السكان ونفاد الوقت المتاح لإنقاذ أرواح آلاف الجائعين.

وحذر الأطباء في غزة من أن إنهاء المجاعة لن يكون فوريًا، بل يتطلب علاجًا خاصًا للمرضى الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، بسبب خطر ما يُعرف بـ "متلازمة إعادة التغذية"، التي قد تكون قاتلة إذا عاد المرضى إلى تناول الطعام بشكل طبيعي بعد فترة طويلة من الجوع.

وقال الدكتور ثائر أحمد، الذي شارك في بعثات طبية في غزة: إن هناك مخاوف من تعقيدات صحية خطيرة قد تطال أولئك الذين حُرموا من الطعام لفترات طويلة.