مؤسسة بحثية هولندية تفند أزمة إمدادات الغذاء التي تهدد العديد من الدول العربية

فندت مؤسسة بحثية هولندية أزمة إمدادات الغذاء التي تهدد العديد من الدول العربية

مؤسسة بحثية هولندية تفند أزمة إمدادات الغذاء التي تهدد العديد من الدول العربية
صورة أرشيفية

قالت مؤسسة "فنك" الهولندية البحثية المهتمة بالشأن الشرق أوسطي: إنه خلال الفترة الماضية، شهد العالم العديد من التطوّرات السياسية والاقتصادية الخطيرة، التي فاقمت من أزمة إمدادات الغذاء العالميّة، وخاصة على مستوى مادتي القمح والأرز.

تداعيات خطيرة

وأضافت أنه من الواضح أنّ هذه الأزمة ستترك تداعيات خطيرة على مستوى الأمن الغذائي في بعض المجتمعات العربيّة، مثل تونس ولبنان ومصر والسودان، حيث تعاني هذه الدول أساسًا من صعوبات في استيراد أبسط الاحتياجات الغذائيّة الأساسيّة. كما من المتوقّع أن يؤدّي ارتفاع كلفة المواد الغذائيّة المستوردة إلى مفاقمة الأزمات النقديّة والماليّة، التي تعاني منها هذه الدول منذ سنوات عدّة.

أزمة إمدادات القمح

في شهر يوليو 2023، أعلنت روسيا انسحابها من “مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب”، وهو ما أحدث صدمة كبيرة لأسواق القمح العالميّة. فهذه المبادرة التي وافقت عليها روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة في يوليو 2022، كانت قد سمحت باستئناف تصدير المواد الغذائيّة الأوكرانيّة، عبر ممر إنساني بحري آمن حيّدته روسيا عن أعمالها العسكريّة. وفي مقابل هذه التسهيلات، تم الاتفاق على استثناء الصادرات الغذائيّة الروسيّة من العقوبات التجاريّة الغربيّة، التي تم فرضها على روسيا منذ بدء حربها مع أوكرانيا.

وأشارت المؤسسة في تقريرها إلى أنه رغم انسحاب روسيا من هذه المبادرة اليوم، سيعني تلقائيًا عودتها إلى استهداف شحنات الغذاء المتجهة من الموانئ الأوكرانيّة إلى الأسواق الدوليّة. وهذا ما بدأت روسيا بالقيام به بالفعل، من خلال استهدافها ميناء أوديسا الأوكراني ومنشآت تخزين الحبوب الموجودة فيه، بمجرّد انسحابها من المبادرة. وعلى المقلب الآخر، سيعني هذا التطوّر إلغاء الاستثناءات التي حظيت بها الصادرات الغذائيّة الروسيّة، والتي سمحت بتصدير هذه المواد بمعزل عن العقوبات المفروضة على روسيا.

ولفهم خطورة هذه التطوّرات على مستوى الأمن الغذائي العالمي، تكفي الإشارة إلى أنّ أوكرانيا وروسيا ظلّتا تصدّران معًا نحو ثلث حاجة العالم من القمح، حتّى بعد اندلاع الحرب بين الدولتين مؤخّرًا. أمّا أوكرانيا بالتحديد، فما زالت توفّر غالبيّة واردات الحبوب لدول شرق وجنوب إفريقيا، التي تعاني من تداعيات الجفاف وتقلّص حجم المحاصيل الزراعيّة.

ارتفاع أسعار القمح 

وبالنتيجة، وبعد انسحاب روسيا من المبادرة، تحمّلت أسواق الغذاء الدوليّة عبء خسارة الإمدادات التي أمنها اتفاق الحبوب على مدى سنة كاملة، وهو ما انعكس تلقائيًا بارتفاع أسعار القمح بنسبة 17% بحلول 26 يوليو 2023، مقارنة ببداية الشهر نفسه، كما خسر برنامج الأغذية العالمي المصدر الأساسي الذي اعتمد عليه لشراء القمح ذي التكلفة المنخفضة من أوكرانيا، لدعم حالات الطوارئ الإنسانيّة في اليمن والقرن الإفريقي وأفغانستان.

أزمة طويلة الأمد

وفي الوقت الراهن، حسب التقرير، تشير جميع المعطيات إلى أنّ أزمة انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب قد تطول لأشهر من الزمن، في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعمال هذه الورقة للضغط على الدول الغربيّة، من أجل إلغاء المزيد من القيود المفروضة بموجب العقوبات على روسيا. وفي الوقت عينه، وبعد موافقة الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان على انضمام السويد لحلف الناتو، وبعد اتخاذه قرارات اعتبرتها موسكو محابية لأوكرانيا، تقلّصت قدرة أردوغان على التوسّط مع بوتين، لإعادة إحياء الاتفاق أو تمديده، كما جرى في مراحل سابقة.

حظر تصدير الأرز الهندي

ويوضح التقرير أن الهند تمثل أكبر مصدّر للأزر على الإطلاق، حيث تؤمّن المزارع الهنديّة وحدها أكثر من 40% من حاجة الأسواق العالميّة للأرز الأبيض والبسمتي.

لكن على نحو مفاجئ، وبعد ساعات قليلة من إعلان روسيا انسحابها من اتفاق الحبوب، أعلنت الهند منع تصدير الأرز الأبيض من الهند “بمفعول فوري”، وهو ما تسبب بصدمة كبيرة على مستوى إمدادات الأرز العالميّة، بعدما تسبب القرار الروسي بصدمة مماثلة على مستوى إمدادات القمح.

وجاء هذا القرار في محاولة لخفض أسعار الأرز في السوق الهنديّة المحليّة، بعدما ارتفعت أسعاره بنسبة 11.5% خلال السنة الماضية، وبنسبة 3% خلال الشهر الماضي. مع الإشارة إلى أنّ ارتفاع أسعار الأرز محليًا جاء بفعل تداعيات تغيّر المناخ، وانخفاض معدّلات الإنتاج، بعد موجة الجفاف التي ضربت مساحات واسعة من الهند. وتشير الأرقام إلى أنّ الهند صدّرت خلال العام الماضي نحو 22 مليون طن من الأرز، نصفها من صنف الأرز الأبيض الذي يخضع اليوم لحظر التصدير، وهو ما يشير بوضوح إلى حجم الانخفاض المتوقّع في معروض الأرز في السوق العالميّة.