مواطنون تونسيون: الصراعات السياسية جعلت الحكومة تنسى همومنا

يعيش الشعب التونسي حالة من التقشف نتيجة سياسات الحكومة الإقتصادية الفاشلة

مواطنون تونسيون: الصراعات السياسية جعلت الحكومة تنسى همومنا
صورة أرشيفية

تنتظر تونس عقد اتفاق صندوق النقد الدولي المقرر إتمامه في غضون ثلاثة أشهر، فما زالت الدولة تعاني من أزمة مالية طاحنة، تسعى للتغلب عليها من خلال اقتراحات لخفض الأجور ، والإلغاء التدريجي للإعانات.


وقال وزير المالية التونسي علي الكولي: إن تونس تتوقع الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي في غضون ثلاثة أشهر، مع استمرار المحادثات بشأن إصلاحات الاقتصاد المضطرب في البلاد.


وقال كولي: إن المناقشات مستمرة بشأن حجم أي قرض قد يقدمه المقرض الذي يتخذ من واشنطن مقراً له.


واستجاب مسؤولو صندوق النقد الدولي بشكل إيجابي للإصلاحات التي اقترحتها تونس، ووصفوها بأنها "واقعية" و"قابلة للتطبيق"، على حد قوله، دون إعطاء تفاصيل عن الخطوات المتوخاة.
 
إلغاء الدعم

وأظهرت وثيقة أن تونس تسعى للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية من خلال الإلغاء التدريجي للدعم وتقليص فاتورة الأجور العامة، بحسب ما نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.


وكافحت تونس مهد انتفاضات الربيع العربي لتحقيق توافق سياسي في العقد الذي انقضى منذ إجبار الرئيس زين العابدين بن علي على التنحي عن السلطة. 


وأعاق عدم الاستقرار الجهود المبذولة للحد من بطالة الشباب والفساد، وهما المحركان الرئيسيان للثورة، بينما أدت الهجمات الإرهابية المتكررة إلى إبطاء صناعة السياحة الحاسمة حتى قبل جائحة فيروس كورونا الذي أدى إلى انخفاض السفر العالمي.


ووفقا للوكالة الأميركية، تدرس تونس الإلغاء التدريجي للدعم على المواد الغذائية والكهرباء والغاز الطبيعي بحلول عام 2024، واستبدالها بتحويلات نقدية مباشرة لمن هم في أمس الحاجة إليها، بحسب وثيقة سرية كتبتها الحكومة والبنك المركزي تقول إنها تتضمن توصيات من المشرعين والنقابات العمالية وقادة الأعمال والمجتمع المدني.


وتقول: إن مقترحات الوثيقة ستخضع لمزيد من المناقشات، كما يتم التفكير في حملة تسريح طوعية من شأنها أن تساعد في خفض فاتورة أجور الحكومة إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي من 17.4% في عام 2020.
 
مقترحات أخرى

ووفقا للوكالة الأميركية، فإن المقترحات الأخرى تشمل إنشاء وكالة لإدارة الديون كجزء من السعي لتحقيق توازن أولي إيجابي اعتبارًا من عام 2022 وإعادة هيكلة ديون الشركات المملوكة للقطاع العام وزيادة رؤوس أموالها.


كما تتضمن إلغاء إجمالي دعم الغاز المسال في النصف الثاني من عام 2021، وهو وقود يستخدم على نطاق واسع في التدفئة وتوليد الطاقة وإدخال مقايضات العملات وأسعار الفائدة لتنويع أدوات إدارة المخاطر، بما في ذلك الدينار التونسي وضريبة جديدة على العقارات.


وقال المحلل السياسي التونسي مهدي عبد الجواد: إن هناك صراع رئاسات على الحكم في حين يعيش التونسيون وضعا صعبا صحيا واقتصاديا واجتماعيا.

وتابع "لذلك فإن هذا الصراع العبثي لا يتعلق بالبحث عن مصلحة تونس أو الشعب التونسي ويتم وسط ارتفاع منسوب الغضب من الرئاسات الثلاث، ولا يجب أن ننسى أن هذا الصراع يعطل كل شيء في البلاد". 
 
معاناة المواطنين

وفي ظل اشتعال الأزمة يتبادل السياسيون التونسيون الاتهامات وسط دوامة التراجع الاقتصادي، حيث أدت الخلافات في المشهد السياسي المنقسم في تونس إلى تأخير الإصلاحات وتفاقم الركود الاقتصادي.


وبحسب مجلة "ذا ناشونال" الدولية، فقد تلاشت آمال المواطنين في التوصل إلى حل سياسي للأزمة الاقتصادية في تونس بسرعة بين أولئك الذين يعيشون على خط الفقر الذين يقولون إنهم يكافحون من أجل البقاء مع استمرار الاقتصاد في الانهيار.


ويشعر المواطنون بخيبة أمل من السياسيين في البلاد وفي ظل عدم تمكنهم من العثور على عمل، يغادر أصغر وأذكى شباب تونس إلى أوروبا وبأعداد كبيرة بأي وسيلة ممكنة، بالنسبة لأولئك الذين بقوا، فإن حياة العوز هي كل ما لديهم، حتى لو كانوا مؤهلين تأهيلا عاليا.


قال نصر الدين: "معظم الشباب هنا عاطلون عن العمل،  لدي أربع دبلومات وشهادة البكالوريا لكني لم أحصل على وظيفة منذ عامين ونصف".


على طول شارع الزهروني الرئيسي، تجمعت حشود من العاطلين عن العمل حول محطات الحافلات.


لم يرد ذكر لقبه أو عمره، لكن بحث نصر الدين غير المثمر عن عمل في الزهروني، حي مهمش في غرب تونس، مصير مألوف للشباب في العاصمة، حيث فرص العمل محدودة.


وقال "أعيش من معاش والدتي أو من خطيبتي التي تعمل في مصنع ببنزرت".
 
بطالة وهجرة جماعية

وانتشرت البطالة الجماعية في كل ركن من أركان الدولة الواقعة في شمال إفريقيا؛ ما دفع الناس إلى القيام بالعبور المحفوف بالمخاطر إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.


وسجلت أرقام الهجرة لهذا العام بالفعل أرقاما قياسية، فبحلول مارس من هذا العام، تم اعتراض أكثر من 1000 تونسي أثناء محاولتهم الوصول إلى إيطاليا.


ومع استمرار انتشار فيروس كورونا، تلاشت الآمال في إنهاء الأزمة الاقتصادية حيث أثر الفيروس على جميع جوانب الاقتصاد التونسي.


وفي شهر يناير انفجر الإحباط من عجز الحكومة عن معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تونس إلى احتجاجات، مع حملة قمع نفذتها الشرطة في أحياء مثل الزهروني وحي التنظيم على الحافة الشمالية الغربية للعاصمة.


فلا تزال نسبة البطالة في تونس حوالي 16 في المائة، ولكن في مناطق مثل الزهروني والمدن الأصغر في المناطق الداخلية من البلاد، يمكن أن تكون أعلى من الضعف.


وقال الخبير الاقتصادي التونسي البارز راضي المؤدب لصحيفة ذا ناشيونال: إن الوضع الاقتصادي في البلاد "تدهور بشكل كبير".


وأضاف أن هذا التدهور ناتج عن مزيج من الإيجارات والامتيازات الممنوحة للمقربين من السلطة.


وأشار إلى أن التراجع الاقتصادي في تونس جاء أيضا نتيجة "الإدارة الكارثية للشؤون العامة خلال السنوات العشر الماضية"، حيث أعطيت الأولوية للقضايا السياسية والمعالجات الاجتماعية على حساب تعزيز الاقتصاد.


وقد تضرر الاقتصاد، الذي كان يعاني بالفعل من أزمة قبل الوباء، ومن الإجراءات التي تم اتخاذها للتخفيف من أسوأ آثاره، بما في ذلك الإغلاق المؤقت لجميع الحدود العام الماضي.


وتابع: "أدى تقييد وإغلاق قطاعات بأكملها مثل السياحة والتموين والنقل" إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 8.8 في المائة في عام 2020. 
 
تزايد معدلات الفقر

وقالت الناشطة في المجتمع المدني، هند الشناوي، إن المأزق السياسي لا يساعد في الأزمة الاقتصادية.
وتابعت "لا أحد يفعل أي شيء لإحلال الاستقرار في البلاد".


وتبدو المناورات السياسية لقادة تونس بعيدة كل البعد عن الاهتمامات اليومية لأولئك الذين يعيشون في الزهروني، والزيادة الحادة في معدلات الفقر.


ومع التعب المحفور على وجهه، قال نصر الدين إنه عُرض عليه نوبات ليلية غير رسمية للعمل كحارس أمن لكن حظر التجول بسبب الفيروس التاجي جعل الوظيفة عفا عليها الزمن حتى قبل أن تبدأ.


وقال المحلل السياسي التونسي مهدي عبد الجواد: تونس اليوم صراع رئاسات على الحكم في حين يعيش التونسيون وضعا صعبا صحيا واقتصاديا واجتماعيا.

لذلك فإن هذا الصراع العبثي لا يتعلق بالبحث على مصلحة تونس أو الشعب التونسي ويتم وسط ارتفاع منسوب الغضب من الرئاسات الثلاث، ولا يجب أن ننسى أن هذا الصراع يعطل كل شيء في البلاد.