القاعدة الشعبية للإخوان تتآكل في تونس خلال 2024 و2025
القاعدة الشعبية للإخوان تتآكل في تونس خلال 2024 و2025

تعيش حركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس، واحدة من أسوأ فتراتها السياسية خلال عامي 2024 و2025، مع تآكل واضح في قاعدتها الشعبية وتراجع نفوذها داخل الشارع التونسي، في ظل عزلة سياسية متصاعدة ورفض شعبي متنامٍ.
فمنذ قرارات الرئيس قيس سعيّد التي جمدت عمل البرلمان في يوليو 2021 ثم حلّه لاحقًا، لم تنجح الحركة في استعادة مكانتها، بل دخلت في حالة ارتباك سياسي وتنظيمي انعكست بقوة خلال العامين الأخيرين.
الانتخابات المحلية والبلدية التي جرت في 2024 شهدت غيابًا شبه كامل لأي حضور شعبي أو رمزي للنهضة، وسط مقاطعة من جمهورها التقليدي، ما كشف حجم الانهيار في قاعدتها الجماهيرية.
كما أن الخطاب السياسي للنهضة خلال 2024 اتسم بالتشتت والتناقض، في ظل محاولات للعب على ورقة "العودة إلى الديمقراطية"، دون أن تقنع الشارع الذي يحمل الحركة مسؤولية مباشرة عن الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها البلاد في العقد الماضي.
العام 2025 لم يحمل جديدًا في موقف التونسيين، بل شهد زيادة في الرفض الشعبي للحركة، خاصة مع تكرار تسريبات واتهامات تتعلق بملفات فساد مالي وتبييض أموال وارتباطات خارجية.
وازدادت عزلة الحركة بعد اعتقال عدد من قياداتها بتهم أمنية، ما أثار تساؤلات حتى داخل قواعدها القديمة عن مستقبلها السياسي.
في المقابل، حافظت مؤسسات الدولة على خطاب حازم تجاه من تصفهم بـ"منظومة الفشل السابقة"، ووضعت ملفات النهضة والإخوان ضمن إطار ما تسميه "تطهير الحياة السياسية".
وبحسب مراقبين، فإن القاعدة الشعبية للإخوان في تونس تمر حاليًا بمرحلة "تفكك شبه تام"، وأن عودتها إلى المشهد تبدو شبه مستحيلة دون مراجعات فكرية جذرية، وهو أمر لا يبدو أن قيادة الحركة مستعدة له في الوقت الراهن.
قال المحلل السياسي التونسي الدكتور سامي الفهري: إن حركة النهضة تواجه "أكبر أزمة شعبية في تاريخها" خلال عامي 2024 و2025، مشيرًا أن تراجع القاعدة الجماهيرية للحركة يعود بشكل رئيسي إلى "فشلها في تقديم بدائل حقيقية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس".
وأضاف الفهري -في تصريح خاص للعرب مباشر -، أن "الحركة لم تستطع استعادة ثقة التونسيين بسبب التناقضات الداخلية وضعف القيادة، فضلاً عن الضغوط السياسية والأمنية التي زادت من عزلة النهضة".
ولفت، أن "تكرار الاتهامات بالفساد والتورط في ملفات غير واضحة زاد من تشكيك الجمهور في مصداقيتها".
وأشار المحلل، أن "عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة للحركة، وعدم قدرتها على التكيف مع واقع السياسة الجديدة في تونس، جعلها تفقد دعم قواعدها بشكل سريع خلال الانتخابات المحلية في 2024".
وختم الدكتور الفهري بالقول: "إذا لم تُجرِ النهضة إصلاحات جذرية تعيد بناء ثقة جمهورها، فإن مستقبلها السياسي سيظل غامضًا ومهددًا بالانهيار الكامل".