إعادة الإعمار وكسر العزلة الدولية.. ما وراء زيارة بشار الأسد الأخيرة للصين؟

يزور بشار الأسد الصين

إعادة الإعمار وكسر العزلة الدولية.. ما وراء زيارة بشار الأسد الأخيرة للصين؟
الرئيسان السوري والصيني

تُعدّ زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الصين للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية خُطوة جادة لمحاولة كسر العزلة الدبلوماسية عن سوريا، حيث حرص الرئيس السوري على لقاء نظيره شي جين بينغ في مدينة هانغتشو شرقي الصين حيث تقام دورة الألعاب الآسيوية، حيث كانت هذه الزيارة الأولى للرئيس السوري إلى الصين منذ عام 2004.  

وذكرت وسائل الإعلام الصينية، أن الأسد سيحضر حفل إطلاق الدورة (التاسعة عشرة) لدورة الألعاب الآسيوية التي ستفتتح في 23 أيلول المقبل، في مدينة هانغتشو الصينية، وتعكس هذه الزيارة لبشار الأسد التنسيق الكبير بين موسكو وبكين، إذ من المرجح أن الروس دفعوا لهذه الزيارة في هذا الوقت بالتحديد، ولعل بشار الأسد يحاول من خلال زيارته للصين إيصال رسالة محددة حول بدء "الشرعنة الدولية" لنظامه، ويعتبر انضمام سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق في يناير 2022 مؤشرًا على إمكانية تنفيذ مشاريع صينية حيوية، لا سيما أنها تقع بين العراق وتركيا، مما يجعلها ممراً حيوياً للطرق البرية نحو أوروبا. 
 
إعادة إعمار 

وأكدت مجلة "مودرن دبلوماسي" الأميركية، أن زيارة بشار الأسد إلى الصين تأتي في محاولة لجذبها إلى مشاريع إعادة الإعمار في المناطق المتضررة في سوريا، حيث تتمتع الصين بالقدرة على استكمال البنية التحتية لإعادة الإعمار في المناطق السكنية والمدنية بسرعة استثنائية، وهو نفس ما أعلنه السفير الصيني لدى سوريا شي هونغ وي في أغسطس 2023، عن أن الشركات الصينية تشارك بشكل فعّال في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا.  

وتابعت أن الحرب في سوريا أدت إلى دمار هائل في البنية التحتية وتدمير العديد من القطاعات الحيوية للاقتصاد السوري، بما في ذلك النفط، فيما تخضع الحكومة السورية لعقوبات دولية قاسية، وأبدى الجانب الصيني اهتماماً كبيراً بمشاريع إعادة الإعمار في سوريا، مثل حضور أكثر من ألف شركة صينية للمشاركة في (المعرض التجاري الأول لمشاريع إعادة إعمار سوريا في بكين)، فيما تعهدوا باستثمارات تقدر بـ "ملياري دولار". 

وأضافت أن الصين لعبت دورًا فاعلاً من خلال التحركات الدبلوماسية في سوريا، حيث شاركت في عملية أستانا، وعرقلت قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا، لتؤكد موقفها الداعم لدمشق، وفي سبتمبر 2017، صنف النظام السوري الصين، إلى جانب روسيا وإيران، على أنها “حكومات صديقة” تعطي الأولوية لمشاريع إعادة الإعمار، لذلك أكد الأسد خلال لقائه الرئيس الصيني أن: "هذه الزيارة مهمة من حيث توقيتها وظروفها، إذ يتشكل اليوم عالم متعدد الأقطاب سيعيد التوازن والاستقرار للعالم، ومن واجبنا جميعا أن نغتنم هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد". 
 
كسر العزلة 

وأوضحت المجلة أن الصين تتبع سياسة كسر العزلة الدبلوماسية عن الرؤساء والدول الغاضبة منها أميركا، لذا فإن زيارة بشار الأسد تأتي ضمن سلسلة زيارات شهدتها الصين خلال العام الحالي 2023، إلى الرؤساء المعزولين دوليًا من قبل الولايات المتحدة الأميركية، مثل: الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. 

وتابعت أن الصين تحرص أيضًا على إجراء مقابلات في صحفها ومواقعها الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم مع العديد من رؤساء ومسؤولي الدول المعزولة دوليا ودبلوماسيا من قبل الولايات المتحدة الأميركية والغرب، مثل حرص الصين على إجراء ونشر مقابلة مع وزير الخارجية السوري فيصل مقداد بتاريخ سبتمبر 2023، واستعرض الصينيون تصريحاته، قائلين إن “الولايات المتحدة الأميركية نهبت النفط والغاز الطبيعي وموارد أخرى من سوريا، وتسببت في خسائر بقيمة 115 مليار دولار”. 

 كما ركزت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية المقربة من الحزب الشيوعي الحاكم، على الدور الأكبر للولايات المتحدة في تدهور “سوريا من الاستقرار إلى الفوضى”، وقارنت الصحيفة الصينية ذلك بسياسة الصين التي تدعو باستمرار إلى الحوار السلمي وتعارض “التدخل الأجنبي”. 

وأكدت المجلة الأميركية أن الأسد يحاول من خلال زيارته للصين إرساء أسس التعاون المشترك بين الصين وسوريا في إطار مبادرة الحزام والطريق، مع الدعم الصيني الكامل لانضمام سورية إلى منظمة شنغهاي للتعاون. شريك الحوار. وتؤكد الصين دائماً دعمها الثابت للجهود التي تبذلها سوريا ضد التدخلات الأجنبية، مع رفض الصين تمركز قوات غير شرعية على الأراضي السورية وتبذل الصين أيضًا جهودًا كبيرة مع العديد من الدول لرفع العقوبات والحصار الاقتصادي غير القانوني على الشعب السوري، بالإضافة إلى الدعم الصيني لبناء القدرات السورية في مجال مكافحة الإرهاب، ما يعني أن زيارة الأسد إلى الصين لها مسار سياسي أكبر، وأن بكين تحاول أن تلعب دوراً أكبر في مسألة حل الصراعات أو أن يكون لها دور فعلي أكبر في المفاوضات المتعلقة بالقضايا الحساسة في المنطقة.