لبنانيون يروون لـ"العرب مباشر" معاناتهم من ارتفاع الأسعار وتجاهل الحكومة

يعيش الشعب اللبناني أزمات طاحنة وسط تجاهل الحكومة

لبنانيون يروون لـ
صورة أرشيفية

يشهد اللبنانيون أزمة معيشية طاحنة، نتيجة غياب الكثير من السلع والخدمات الأساسية، ولاسيما منذ اندلاع ثورة أكتوبر عام 2019، وما تلاها من أحداث على رأسها انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، وإعلان لبنان إفلاسه في العام نفسه.

وتراجعت قدرة مصرف لبنان على تلبية قرار الحكومة بدعم الأدوية والمواد الأساسية المدرجة على لوائح الدعم؛ ما أدى إلى انخفاض مخزون المحروقات والأدوية وحليب الأطفال في الصيدليات وفقدان بعض الأدوية وتراجع مخزون المستلزمات الطبية في المستشفيات، وفقدان المواد الغذائية المدعومة.

"العرب مباشر"، التقى بعض اللبنانيين للحديث عن حجم الأزمة المعيشية التي يعيشونها في الوقت الحالي.

شبح الاحتكار

قالت المواطنة اللبنانية ليندا محبوب (تعمل بأحد المستشفيات): إن البنزين والخبز وجميع السلع الغذائية موجودة بلبنان، ولكن ما يؤرق حياة اللبنانيين هي أزمة الاحتكار، لافتة إلى أن القوة الأمنية دورها غائب.

وأكدت محبوب أن أزمة المازوت تضع الشعب أمام كارثة، لافتة أنه متوفر ولكن يتم بيع 70% منه إلى الخارج، ورغم تدخل الجيش اللبناني حيث استطاع اكتشاف الكثير من المخزون، فمن المتوقع أن يرفع الجيش يده مرة أخرى بسبب الانقسام الطائفي بلبنان.

وتروي محبوب عن إحدى جاراتها قائلة: "لدي جارة أنجبت طفلين توأم يحتاجان حليب الأطفال، ولكنها تعطيهما حليبا طبيعيا رغم أن ما لديها حليب يكفي لإرضعاهما، فحاليا وهما في عمر الـ7 شهور تسعى لفطمهما حتى تتغلب على أزمة غياب حليب الأطفال وارتفاع أسعارها حتى بات ثمن علبة الحليب 400 دولار".

كما كشفت أن مرضى السرطان يتم إرسالهم على منازلهم في مراحلهم المتأخرة، قائلة: "يقول لهم الطبيب الأعمار بيد الله ولكن ما في أمل، ويرسلهم على المنزل رغم حاجتهم للرعاية الصحية"، لافتة أن المستشفيات بتقوم بإطفاء أنوارها وإغلاق أبوابها حتى في كبرى المستشفيات.

الحزن على الماضي والحاضر

فيما اعتبرت أماني الشامي، سيدة أعمال لبنانية، أن الحزن الذي أصاب اللبنانيين أكبر من المعاناة المعيشية، قائلة: "الحزن بداخلنا أكبر من معاناة الحياة المعيشية، لأن لبنان تعز علينا، لبنان الثقافة والحضارة، المواطن يشق على قلبه كيف أصبح لبنان بعد أن كان في مكانة أكبر".

وأشارت الشامي لـ"العرب مباشر"، أن ما يجري بلبنان جزء من مخططات خارجية تتحكم بالشعب اللبناني ويتم إدارتها داخل لبنان، مردفة: "وأكيد هناك متواطئون مع هذه القوة الخارجية حتى يجري بلبنان ما نراه".

وأكدت أن ما يحدث لعبة سياسية خارجية كبيرة أكبر من الشعب اللبناني، مضيفة: "فيما هناك خونة قاعدون على الكراسي قادوا البلد إلى الانهيار والدمار، وليس لديهم طرق لإدارة الأزمة".

مليون ليرة غير كافية

إلى ذلك، أشار فرانسواه إلياس، صحفي بمجال الفن، أن الشعب اللبناني يعيش مأساة كبيرة وحقيقية، لافتا أن تجربته كشخص ليس لديه أطفال ويجد صعوبة بالمعيشة، يجعله يتساءل فما بال الأسر التي لديها أطفال؟.

وأضاف إلياس لـ"العرب مباشر": "في عملي أتقاضى راتبي بالليرة اللبنانية وبتعرفي الليرة صارت ملايين، كل يوم أقف ساعة حتى أجد وسيلة مواصلات أذهب بها إلى عملي، وكل هذا لأنه ليس هناك مازوت،  وإذا جاءت سيارة الأجرة المنتظرة من ساعة، نجد أن الأجرة عشرة آلاف أو 15 ألف ليرة، بسبب ارتفاع سعر البنزين".

تابع: "إذا سيارة الأجرة تدفع لها 15 ألفا، والراتب مليون ليرة، يدفع منه إيجار سكن ٨٠٠ ألف أو ٦٠٠ ألف، ولو خلال اليوم الشخص أكل سندوتش  ٣٠ ألفا و٤٠ ألفا، وغيره من الالتزامات الراتب لا يمكن أن يصمد"، فأكبر معاناة نعانيها أن كل شيء بلبنان أسعاره باتت مرتفعة للغاية.

كما أكد أن مع كل ذلك فإن الرواتب والمعاشات في بعض الأماكن مقطوعة بسبب أزمة السيولة.

ولفت إلى أن العام الدراسي القادم معرض للإلغاء بلبنان، كون أزمة الكهرباء لن تساعد على افتتاح المدارس وعملها، وحتى الدراسة الأونلاين ستكون صعبة لنفس السبب.

اختتم حديثه قائلا: "القصة بلبنان ليست فقط عدم وجود أموال مع المواطنين، ولكن حتى الميسور لا يستطيع فعل شيء لأنه لا يوجد ما يشتريه أو يقدم له خدمة".

ارتفاع أسعار جنوني 

فيما قال مراد وهاب، موظف خدمة عملاء، إن الوضع بلبنان سيئ لأبعد درجة، وارتفاع الأسعار بات أكبر من استيعابه.

ويروي وهاب في حديثه لـ"العرب مباشر" قائلا: "منذ يومين طفل أعرفه مرض، وذهبت أمه إلى المستشفى فقطعت السيارة منها بسبب نفاد البنزين، وقفت بالمحطة والولد في حالة شديدة المرض، تبكي لعامل محطة البنزين وتستجديه أن يضع لها بالسيارة بنزين بـ40 ألف ليرة، بقيت تبكي بالشارع لأنه لا يوجد بنزين، اتصلت برفيقتها جاءت أوصلتها للمستشفى لتجد أن المستشفى يرفض استقبال الطفل لعدم وجود كهرباء ولا مستلزمات للرعاية الطبية".
  
جوانا جرجيوس.. غير قادرين على البقاء أو الخروج

تروي جوانا فؤاد، موظفة علاقات عامة بإحدى الشركات العامة، أنها قررت السفر من البلد في الوضع الراهن، وكان جواز سفرها يحتاج إلى تجديد فذهبت إلى المصلحة الحكومية لتفاجأ بأنها متوقفة عن العمل بسبب عدم وجود ورق.

وتابعت جرجيوس لـ"العرب مباشر": "المكتب أغلق بابه لأن ليس هناك ورق لتقديم الخدمات للمواطنين"، مضيفة: "كان بدي أسافر، لكن اكتشفت أننا غير قادرين على البقاء أو الخروج من البلاد".

وقالت: إن السياسيين في لبنان باتوا تجار دم وفساد، فجميعهم يبحثون عن مصالحهم، مردفة: "هم جوعونا وبعد انفجار المرفأ ازداد سوءا، ولم يتراجعوا لمصلحة البلد، لتأتي أزمة انفجار عكار لتفسد حياة اللبنانيين عن بكرة أبيهم".