محلل دولي: تحركات الإخوان في فرنسا تكشف استراتيجية عابرة للحدود لإنشاء مجتمعات موازية
محلل دولي: تحركات الإخوان في فرنسا تكشف استراتيجية عابرة للحدود لإنشاء مجتمعات موازية

كشفت أجهزة الاستخبارات الفرنسية عن تفاصيل مثيرة بشأن تمدد جماعة الإخوان داخل البلاد، عبر شبكة خفية تعمل على إنشاء مجتمعات موازية تتحدى قيم الجمهورية الفرنسية ومبادئها العلمانية.
ووفقًا لما نقلته وسائل إعلام فرنسية، فإن تقريرًا استخباراتيًا حديثًا حذر من تصاعد النفوذ الإخواني داخل بعض الجمعيات والمراكز الثقافية والدينية، التي تستغل قوانين حرية التنظيم والعمل المدني لنشر خطاب ديني متشدد، والترويج لأجندات تتعارض مع القيم الفرنسية.
التقرير أشار أن الجماعة تعتمد على استراتيجية "التمكين الهادئ"، حيث تسعى لاختراق المؤسسات التعليمية والجمعيات المحلية، لبناء حاضنة فكرية واجتماعية تابعة لها.
كما أظهرت المعلومات، أن الجماعة تستخدم واجهات قانونية لجمع التمويلات من الداخل والخارج، تحت غطاء العمل الخيري والخدمات الاجتماعية.
المخاوف تصاعدت لدى الأجهزة الأمنية من أن هذه التحركات قد تؤدي إلى خلق "مجتمعات منعزلة" داخل المدن الفرنسية، ما يهدد النسيج الوطني ويغذي التطرف والانغلاق.
وأكدت السلطات الفرنسية، أنها تتابع عن كثب هذه الأنشطة، وأنها ستتخذ إجراءات أكثر صرامة في مراقبة الجمعيات والمراكز التي يشتبه في ارتباطها بأجندات متطرفة، في إطار حماية الأمن القومي وتعزيز مبادئ الجمهورية.
يُذكر أن فرنسا كانت قد اتخذت عدة خطوات سابقة للحد من تغلغل الإخوان، شملت إغلاق بعض الجمعيات والمراكز، وتعديل قوانين مكافحة التطرف، في ظل توجه رسمي لمواجهة الإسلام السياسي بكافة أشكاله.
حذر الدكتور ماهر الكردي، الخبير في الشؤون الدولية، من خطورة ما كشفته الاستخبارات الفرنسية مؤخرًا بشأن نشاط جماعة الإخوان داخل البلاد، مؤكدًا أن ما يحدث في فرنسا ليس حالة معزولة، بل جزء من استراتيجية إخوانية ممنهجة للتمدد داخل المجتمعات الأوروبية عبر "شبكات خفية" وأذرع متعددة تعمل تحت غطاء العمل المدني والديني.
وفي تصريحات خاصة للعرب مباشر، أوضح الكردي، أن جماعة الإخوان تسعى إلى تشكيل ما يُعرف بـ"المجتمعات الموازية"، وهي كيانات اجتماعية وثقافية تتبنى خطابًا مغايرًا لقيم الدولة؛ مما يُسهم في خلق عزلة فكرية وثقافية، ويهدد التماسك الوطني للدول المستهدفة.
وأشار أن استخدام الجماعة لجمعيات دينية ومراكز ثقافية كواجهات لنشاطها الفكري والتنظيمي، يُعد تطورًا خطيرًا، خاصة مع تزايد الدعم المالي من جهات خارجية، ما يثير تساؤلات حول أهداف هذه التمويلات ودورها في تقويض استقرار الدول الأوروبية من الداخل.
وأكد الكردي، أن التحرك الفرنسي الأخير يمثل تحولًا مهمًا في كيفية تعامل الحكومات الأوروبية مع ظاهرة الإسلام السياسي، داعيًا إلى تنسيق أوروبي مشترك لمواجهة هذا التغلغل الأيديولوجي، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل عبر تجفيف منابع الدعم والتمويل ومراقبة الخطاب داخل المؤسسات المجتمعية.
واختتم الخبير تصريحه بالتأكيد على ضرورة تعزيز الاندماج الحقيقي داخل المجتمعات الأوروبية، ومواجهة أي محاولات لعزل فئات من المواطنين عن محيطهم الثقافي والسياسي، سواء من قبل الإخوان أو غيرهم من التيارات المتشددة.