مخاوف متصاعدة من تهديدات إسرائيل باستهداف بيروت.. ما القصة؟

مخاوف متصاعدة من تهديدات إسرائيل باستهداف بيروت.. ما القصة؟

مخاوف متصاعدة من تهديدات إسرائيل باستهداف بيروت.. ما القصة؟
قصف لبنان

في وقتٍ تتزايد فيه التهديدات الإسرائيلية باستهداف بيروت، يعود شبح الحرب ليخيم مجددًا على لبنان. بين دعوات أميركية للتفاوض المباشر مع تل أبيب، وضربات إسرائيلية متكررة تطال الجنوب، تتقاطع مخاوف اللبنانيين من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الهش، مع تحذيرات من جر البلاد إلى مواجهة جديدة، قد لا تبقى محصورة في الحدود الجنوبية.

تصاعد الغارات في الأيام الأخيرة، مقرونًا بتصريحات إسرائيلية عدائية، أعاد للأذهان أجواء ما قبل حرب 2006، فيما تبدو الحكومة اللبنانية عالقة بين ضغوط دولية لاحتواء حزب الله، ومطالب داخلية بالدفاع عن السيادة الوطنية.

تصعيد جديد يعيد أجواء الحرب رغم اتفاق وقف إطلاق النار

قُتل أربعة أشخاص، ليل السبت – الأحد، في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب لبنان، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تصعيد عسكري شامل بعد تكثيف إسرائيل ضرباتها ضد معاقل حزب الله خلال الأيام الماضية.

وأوضحت الوزارة، أن الغارة الإسرائيلية على بلدة كفررمان في قضاء النبطية أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، فيما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة رباعية الدفع بصاروخ موجه قرابة العاشرة والثلث مساءً بالتوقيت المحلي.

تصعيد متواصل رغم اتفاق وقف النار

يأتي هذا التطور رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى في نوفمبر 2024 حربًا استمرت قرابة عام بين حزب الله وإسرائيل، برعاية أميركية وفرنسية.

ورغم الاتفاق، أبقت إسرائيل قواتها في خمس نقاط استراتيجية داخل جنوب لبنان، وتواصل تنفيذ غارات جوية بشكل منتظم، تقول بيروت إنها تشكل خرقًا واضحًا لبنود الاتفاق.

واتهم الرئيس اللبناني جوزيف عون إسرائيل بالرد على دعوات بلاده للتفاوض بمزيد من التصعيد العسكري، بينما تؤكد الدولة العبرية أن حزب الله يعمل على إعادة بناء قدراته العسكرية في الجنوب.

واشنطن تدفع نحو مفاوضات مباشرة

وفي موازاة التصعيد، دعا الموفد الأميركي توم باراك، خلال مشاركته في “حوار المنامة” بالبحرين، لبنان إلى التفاوض مباشرة مع إسرائيل من أجل تخفيف التوتر.وقال باراك: “يجب أن يكون الحوار مع إسرائيل فقط، وإسرائيل مستعدة لذلك. أجروا محادثة، فهذا لن يضر”.

لكن دعوة باراك قوبلت ببرود رسمي لبناني، في ظل رفض حزب الله لأي شكل من أشكال التطبيع أو التفاوض المباشر.

تل أبيب تهدد: بيروت في مرمى النيران

من جانبه، أطلق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأحد، تهديدًا صريحًا باستهداف العاصمة اللبنانية بيروت في حال شنّ حزب الله أي هجوم على شمال إسرائيل.

وقال كاتس -في مقابلة مع القناة 14 -: إن إسرائيل “ستتعامل مع أي تهديد”، مشيرًا إلى أن المبعوثين الأميركيين أبلغوا الحكومة اللبنانية بهذه الرسالة.

وأضاف الوزير: أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا على بيروت لنزع سلاح حزب الله، وأن إسرائيل “تمنح هذه الجهود فرصة” قبل اتخاذ إجراءات عسكرية.

وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن “إعادة تسليح حزب الله ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على أمن إسرائيل ومستقبل لبنان”، معتبرًا أن “إزالة الإرهاب ضرورية لاستقرار المنطقة”.

القاهرة تدعو للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب

من جانبه، دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إسرائيل إلى الانسحاب الفوري من النقاط الخمس التي ما زالت تحتلها داخل لبنان، مؤكدًا دعم القاهرة الكامل لاستقرار ووحدة الأراضي اللبنانية.

وقال مدبولي -خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اللبناني نواف سلام-: إن الشركات المصرية مستعدة للمشاركة في إعادة إعمار الجنوب اللبناني، مشددًا على أن مصر “ترفض أي وجود إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية”.

وأشار مدبولي إلى الزخم في العلاقات الثنائية بين البلدين، لافتًا إلى أنه سيزور بيروت في ديسمبر المقبل على رأس وفد وزاري رفيع لبحث التعاون في ملفات الطاقة والإعمار.

لبنان في مهبّ المجهول

من جانبه قال المحلل السياسي اللبناني مصطفى علوش، أنه يبدو أن الجنوب اللبناني يقف مجددًا على حافة مواجهة جديدة، مع استمرار إسرائيل في خرق وقف إطلاق النار، وتصاعد التهديدات المتبادلة، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى احتواء التوتر عبر مسار تفاوضي لم يلقَ قبولًا واسعًا في بيروت.

وأضاف -في تصريحات للعرب مباشر-: " التهديدات الإسرائيلية الأخيرة “ليست مجرد استعراض عسكري، بل ضغط ممنهج لفرض واقع جديد في الجنوب”، مشيرًا إلى أن “تل أبيب تحاول استثمار الموقف الأميركي لانتزاع تنازلات لبنانية تتعلق بسلاح حزب الله ومواقع الجيش”.

واعتبر أن بيروت ترفض الانجرار إلى مواجهة مفتوحة، لكنها في الوقت نفسه “لن تقبل بفرض شروط أمنية تمسّ بسيادتها”، معتبرًا أن “المنطقة أمام اختبار حقيقي لمدى صمود التفاهمات التي أنهت الحرب السابقة”.