الإكوادور تتقدم الصفوف: صفعة جديدة لجماعة الإخوان من قلب أمريكا اللاتينية

الإكوادور تتقدم الصفوف: صفعة جديدة لجماعة الإخوان من قلب أمريكا اللاتينية

الإكوادور تتقدم الصفوف: صفعة جديدة لجماعة الإخوان من قلب أمريكا اللاتينية
الإكوادور

في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا أمنية واستراتيجية تتجاوز حدود أمريكا اللاتينية، أقدم رئيس الإكوادور، دانيال نوبوا، على إصدار مرسوم رئاسي يدين جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى وجود تهديد محتمل للأمن القومي من جهات تحمل أفكارًا متطرفة. القرار، الذي جاء في توقيت دقيق يشهد فيه العالم تنامي مخاوف من انتشار الفكر المتشدد عبر قنوات غير تقليدية، يفتح فصلًا جديدًا في تعاطي دول الجنوب العالمي مع التنظيمات العابرة للحدود، خاصة تلك التي تتوارى خلف ستار الدعوة والعمل الخيري.

 لم تكن الإكوادور، الواقعة في قلب القارة اللاتينية، من الدول التي ارتبط اسمها تقليديًا بمكافحة التطرف، لكن التهديدات الخفية التي رصدتها أجهزتها الأمنية دفعتها للتحرك المبكر، ومع هذا المرسوم، تتحول كيتو إلى ساحة اختبار جديدة لنفوذ جماعة الإخوان وشبكاتها المتعددة الوجوه، وسط تنسيق متزايد مع أجهزة دولية، وتكامل سياسي مع شركاء إقليميين مثل الإمارات ومصر.

*خطوة غير مسبوقة*


في الثالث من مايو 2025، وقّع رئيس الإكوادور دانيال نوبوا مرسومًا رئاسيًا يحمل الرقم 620، يعلن فيه بوضوح رفض الدولة لتأثيرات جماعة الإخوان المسلمين، في سابقة من نوعها في تاريخ أمريكا اللاتينية الحديث. 

القرار، الذي فُسّر بأنه خطوة أمنية استباقية، كلّف مركز الاستخبارات الاستراتيجية بمتابعة ملف الجماعة، والتنسيق مع جهات استخباراتية دولية عند الضرورة.

ورغم عدم كشف السلطات الإكوادورية عن فحوى التقرير الأمني الكامل، إلا أن الوثيقة الرسمية أوردت إشارات صريحة إلى ما وصفته بـ"تهديد محتمل للأمن القومي"، مع التنويه إلى نشاط أفراد يعتنقون أيديولوجيات متطرفة، في ما بدا أنه إشارة إلى الجماعة كواجهة فكرية لتحركات تتسم بالتخريب المنظم.

*تحولات أمنية*


الخطوة لم تكن معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة تحولات أمنية وسياسية متسارعة في الإقليم. حيث تشير تقارير استخباراتية إلى استغلال بعض المساجد والمراكز الثقافية لتمرير أجندات أيديولوجية، تحت غطاء العمل الدعوي. 

ما يثير القلق أن هذا النشاط يتم في بيئات رخوة قانونيًا، وسط جاليات قادمة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وغالبًا بتمويلات يصعب تتبع مصادرها.

وبحسب متابعين للشأن اللاتيني، فإن الإكوادور قد فتحت الباب أمام مقاربة جديدة، ترى في الجماعات العابرة للحدود خطرًا مركبًا، لا يقتصر على العنف المباشر، بل يمتد إلى بناء شبكات نفوذ داخل المجتمعات المستهدفة، وتحقيق اختراقات فكرية واقتصادية قد تؤدي لاحقًا إلى زعزعة الاستقرار السياسي.

الرمزية السياسية للمرسوم لم تغب عن المراقبين؛ إذ اعتُبر بمثابة إعلان نوايا للاقتراب من دول عربية حازمة تجاه الجماعة، وعلى رأسها الإمارات التي صنفت الإخوان تنظيمًا إرهابيًا منذ عام 2014، ومصر التي خاضت مواجهات مفتوحة مع التنظيم منذ عام 2013، فضلًا عن دعم ضمني من موسكو والرياض.

*اختراق المجتمعات*


يرى منير أديب الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن القرار الإكوادوري ليس مجرد رد فعل أمني، بل يمثل تحولًا في رؤية النخب السياسية اللاتينية تجاه ما يُعرف بـ"الإسلام السياسي المعولم".

ويضيف في حديثه لـ"العرب مباشر"، هذا المرسوم يعكس فهمًا متقدمًا لخطورة استخدام بعض الحركات الإسلامية لمظاهر دينية ناعمة لاختراق المجتمعات واستقطاب الأنصار، تحت غطاء العمل الخيري أو الثقافي.

ويشير أديب، أن جماعة الإخوان تمثل، في السياق اللاتيني، ظاهرة جديدة وغير مألوفة، ما يُسهل عليهم تحقيق اختراقات أولية.

لكنه يؤكد أن الوعي الأمني بدأ يتشكل بوضوح، خاصة مع الدعم الإماراتي والمصري في مجال مكافحة التطرف.

ويتابع: "ما حدث في كيتو قد يكون بداية سلسلة تحركات إقليمية في البرازيل وكولومبيا، وغيرها من الدول التي كانت غائبة عن هذا الملف، لكنه أصبح الآن حاضرًا وبقوة في أجندات الأمن القومي".

ويختم: "الإخوان خسروا الكثير من مساحات الحركة في الشرق الأوسط، وهم الآن يحاولون زرع نفوذهم في بيئات أقل مقاومة، لكن اليقظة الإكوادورية تشير أن هذا الخيار أصبح محفوفًا بالمخاطر".