انهيار الخدمات الأساسية.. كيف تسعى جماعة الإخوان لتأليب الشارع التونسي؟
انهيار الخدمات الأساسية.. كيف تسعى جماعة الإخوان لتأليب الشارع التونسي؟

تعيش تونس خلال الأسابيع الأخيرة على وقع أزمات معيشية خانقة طالت أهم مقومات الحياة اليومية، من انقطاع الكهرباء والماء، إلى تكدّس النفايات وتعطيل المشاريع الحيوية، وبينما يتساءل الشارع عن أسباب هذا الانهيار المفاجئ، تتجه أصابع الاتهام نحو لوبيات زرعتها جماعة الإخوان الإرهابية داخل أجهزة الدولة خلال ما يعرف بـ" العشرية السوداء".
ففي الوقت الذي تكافح فيه الحكومة التونسية لإعادة الاستقرار الاقتصادي والإداري، تتحرك أذرع الإخوان في الخفاء، مستغلة ما تبقى من نفوذ داخل المؤسسات لخلق أزمات متتالية تهدف إلى إنهاك المواطن، وإعادة خلط الأوراق السياسية في البلاد.
الرئيس يتهم الإخوان صراحة
في موقف واضح لا لبس فيه، وجه الرئيس التونسي قيس سعيد اتهامات مباشرة لتنظيم الإخوان وحلفائه، مؤكدًا أنهم يقفون وراء مظاهر "غير طبيعية" في البلاد، أبرزها: الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء، والتأخير المتعمد في تنفيذ المشاريع، إلى جانب الاعتداءات الممنهجة على البيئة والملك العام.
وخلال لقائه برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري في قصر قرطاج، شدد سعيد على أن هذه الممارسات ليست عفوية، بل مدروسة ومنسقة بين عناصر تسعى جاهدة لإثارة السخط الشعبي، وتفخيخ الوضع الاجتماعي، خدمة لأجندات سياسية فشلت سابقاً في كسب ثقة التونسيين.
تكتيك الإخوان.. تلاعب بالمآسي وصناعة الفوضى
يقول مراقبون: إن جماعة الإخوان الإرهابية تسعى من خلال هذه التحركات إلى إعادة تدوير نفسها في المشهد السياسي، مستغلة معاناة المواطن كوقود لتحريك الشارع. فقد اعتادت الجماعة، حسب محللين، على الاستثمار في الأزمات، وإذكاء مشاعر الغضب العام لتقديم نفسها كـ"منقذ"، رغم مسؤوليتها المباشرة عن تردي الأوضاع خلال السنوات الماضية.
وتعد السيطرة على مفاصل إدارية حساسة، وتوظيف النقابات أو شبكات التوزيع في بعض القطاعات، من أبرز الوسائل التي تعتمد عليها أذرع الإخوان لشل الخدمات وتعطيل أي بوادر تعافٍ اقتصادي أو اجتماعي.
سعيد يلوح بالحسم القانوني
الرئيس التونسي أكد أن الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي، مشددًا على امتلاكها الوسائل القانونية الكفيلة بفرض هيبة القانون ومحاسبة كل من يعمل على تعطيل دواليب الدولة، وأضاف أن الوطنية والنضال هما المعياران الأساسيان في تولي المسؤوليات، لا الولاء لتنظيمات مشبوهة أو اللعب على الحبلين.
ويبدو أن الرسالة وصلت، خاصة بعد تصاعد الغضب الشعبي نتيجة تكرار الانقطاعات في الماء والكهرباء بعدد من المحافظات، أبرزها صفاقس والساحل والعاصمة، في ظل درجات حرارة تجاوزت الأربعين مئوية.
تحذيرات من سيناريو الفوضى
تحذر أصوات سياسية وإعلامية من أن جماعة الإخوان تسعى إلى تكرار سيناريوهات الفوضى التي لجأت إليها في بلدان عربية أخرى، حيث استغلت هشاشة الخدمات لتأجيج الشارع ودفعه نحو التمرد، ويقول محللون: إن الجماعة تحاول استغلال أي فجوة أو خلل في الأداء الحكومي لإحياء مشروعها الذي لفظه التونسيون عبر صناديق الاقتراع والاحتجاجات الشعبية.
تونس تقف اليوم أمام معركة متعددة الجبهات، ليس فقط في وجه التحديات الاقتصادية والظروف المناخية القاسية، بل أيضًا في مواجهة حرب خفية تقودها جماعة الإخوان الإرهابية عبر تفكيك مؤسسات الدولة من الداخل.
ويقول المحلل السياسي التونسي حازم القصوري: إن ما تشهده تونس من تعطل ممنهج في الخدمات ليس صدفة، بل هو نتاج لعناصر محسوبة على تنظيم الإخوان الإرهابي ما زالت متغلغلة داخل الدولة وتعمل وفق أجندات سياسية مشبوهة هدفها إسقاط ثقة المواطن في الدولة ومؤسساتها، وأزمة الكهرباء والماء أصبحت شبه يومية، والأغرب أن هذه الأزمات تتزامن دائمًا مع مؤشرات تحسن حكومي أو قرارات سيادية تضرب مصالح الإخوان، وكأن هناك من يريد معاقبة الشعب.
ويضيف القصوري - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن الإخوان في تونس يدركون أن عودتهم عبر السياسة مستحيلة، لذا يلجأون لسيناريو الفوضى عبر أدواتهم داخل بعض الإدارات والبلديات، مستغلين الأزمات لإشعال غضب الشارع، والآن لم نعد نثق في من يدعون أنهم مع الشعب، وكل مرة يشعر الناس بالأمل، تحدث أزمة مفتعلة، وكأن هناك من لا يريد للبلاد أن تقف على قدميها.