في جولته الخارجية الكبرى الأولى منذ بداية ولايته الثانية، أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعجاباً واضحاً بالدول الخليجية التي زارها، معبرًا عن رغبته في أن تصبح الولايات المتحدة أكثر شبهًا بتلك الأنظمة، لا سيما من حيث المركزية السلطوية والبذخ الاقتصادي، حسبما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

ففي السعودية، حظي ترامب باستقبال ملكي فخم بسجادة أرجوانية، أعده ولي العهد محمد بن سلمان، يفوق ما ناله من مدح وإطراء من كبار مسؤولي إدارته في واشنطن.

ترحيب استثنائي وصفقات كبرى

بدأت الزيارة في الرياض بخطاب ألقاه ترامب معلنًا بداية ما أسماه "العصر الذهبي لأمريكا"، مضيفًا أن "العصر الذهبي للشرق الأوسط يمكن أن يتقدم جنباً إلى جنب معنا".

 ومن المقرر أن يشهد ترامب المزيد من الفعاليات الفخمة في قطر، التي تستعد لاستقباله بطائرته الرئاسية القديمة من طراز "إير فورس وان"، رغم استعداد مضيفيه لتقديم طائرة أحدث من طراز 747-8 كهدية.

وتشمل رحلة ترامب أيضًا الإمارات العربية المتحدة، وهي لا تقدم فقط لمحات عن مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والخليج، بل تكشف أيضًا ملامح توجهات رئاسته الثانية التي تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية والسياسية بشكل واضح.

انبهار ترامب بالخليج

من خلال سعيه للحصول على استثمارات خليجية تقدر بتريليون دولار، يؤكد ترامب أن شعاره "أمريكا أولاً" ليس مجرد خطاب سياسي، بل هو استراتيجية اقتصادية أيضًا. 

وتدلّ جولته التي طغت عليها لغة الصفقات والانبهار بالمشاريع العملاقة على تقاربه الأيديولوجي مع قادة الخليج، لا سيما مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث تحمل الزيارة ضمنيًا دعمًا لأعمال أبناء ترامب في دول المنطقة، وهو أمر لم يُطرح للانتقاد العلني في الرياض.

وفي قطر، الدولة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 2.5 مليون نسمة، يُسجل تحول كبير في موقعها الجيوسياسي، إذ أصبحت لاعباً محوريًا في الوساطة الدولية، فهي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع أطراف متصارعة تشمل الولايات المتحدة، إيران، روسيا، أوكرانيا، حماس، إسرائيل، لبنان، طالبان، والكونغو. 

وتُعرف الدوحة بلعبها دور "الأمم المتحدة المصغرة"، خصوصاً في المسائل المعقدة كتحرير الرهائن وتسوية النزاعات المسلحة.

لكن ما أثار إعجاب ترامب فعلاً كان التغيير العمراني والثقافي في الخليج، فقد عبّر في الرياض عن دهشته من ناطحات السحاب الحديثة، قائلاً: إنها "عبقرية مذهلة"، وأشاد بتحولات مدن مثل دبي، أبوظبي، الدوحة، ومسقط، بالنسبة له، هذه المدن تمثل نموذجاً جديداً للشرق الأوسط لا يقوم على الفوضى، بل على التجارة والتكنولوجيا.