قصف مطار بن غوريون يكشف هشاشة الدفاعات الجوية الأمريكية- الإسرائيلية
قصف مطار بن غوريون يكشف هشاشة الدفاعات الجوية الأمريكية- الإسرائيلية

أكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن إسرائيل شهدت صباح اليوم الأحد، حالة استنفار أمني قصوى بعد سقوط صاروخ أُطلق من الأراضي اليمنية في محيط مطار بن غوريون الدولي قرب تل أبيب؛ ما أدى إلى تعليق حركة الطيران في المطار لمدة نصف ساعة، بحسب الجيش الإسرائيلي.
ورغم محاولات متكررة لاعتراض الصاروخ، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية، أن عملية الاعتراض باءت بالفشل، وما زالت نتائج التحقيق في الحادث قيد المراجعة.
وأفاد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بأن منظومة "آرو" (Arrow) لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى قد أُطلقت للتصدي للصاروخ، كما أن الولايات المتحدة نشرت في إسرائيل منظومة الدفاع المتقدمة "ثاد" (THAAD). ومع ذلك، فإن الصاروخ تمكن من الوصول إلى هدفه، في حادث يُعد اختراقًا غير مسبوق لأحد أكثر المواقع حراسة في البلاد.
التحقيقات الأولية والتداعيات الأمنية
تُظهر الصور المتداولة من محيط المطار حطامًا ناجمًا عن الانفجار متناثرًا على الطرق المؤدية إلى مبنى الركاب الرئيسي، فيما سُمع دوي الانفجار بوضوح في محيط المطار.
كما أُجبرت السلطات على وقف حركة القطارات المؤدية من وإلى المطار، وطلبت من الجمهور تجنّب الاقتراب من المنطقة.
وفي مقاطع مصوّرة نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر دخان أسود كثيف يتصاعد من موقع الانفجار، ما يعكس قوة الضربة التي تلقتها إسرائيل.
الحوثيون يتبنون الهجوم
أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن، المدعومة من إيران، مسؤوليتها عن الهجوم، مشيرة أنه جاء ردًا على ما وصفته بـ"جريمة الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة.
وقال يحيى سريع، المتحدث باسم الجماعة: إن مطار بن غوريون استُهدف بصاروخ باليستي فرط صوتي، وأكد أن الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية فشلت في اعتراضه.
ويُعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي تنجح فيها جماعة الحوثيين في إصابة مطار دولي داخل إسرائيل، في تطور يُعد مؤشرًا خطيرًا على قدرتها على تنفيذ هجمات بعيدة المدى ودقيقة.
تحذيرات إسرائيلية وردود متوقعة
وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من رد إسرائيلي قاسٍ، مؤكدًا أن "كل من يهاجمنا سنهاجمه أضعافًا مضاعفة".
ومن المتوقع أن يعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية اجتماعًا طارئًا مساء الأحد لمناقشة تداعيات الحادث.
ويُشكّل الهجوم خرقًا أمنيًا كبيرًا يعيد التساؤلات حول قدرة منظومة الدفاع الإسرائيلية المتقدمة على التصدي للهجمات الصاروخية، خصوصًا من طراز "فرط صوتي" الذي يبدو أنه بات يشكل تهديدًا حقيقيًا.
ووصف أمير بار شالوم، المحلل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الصاروخ الحوثي بأنه يتمتع بدقة عالية بشكل مذهل، خصوصًا بالنظر إلى المسافة التي قُذف منها، والتي تصل إلى أكثر من 2000 كيلومتر.
وقال: إن هذه الدقة تفرض على إسرائيل "أخذ التهديد على محمل الجد"، مطالبًا بمراجعة عميقة لكافة العوامل التقنية التي أدت إلى فشل الاعتراض.
وأشار بار شالوم، أن إيران تطور حاليًا صواريخ طويلة المدى قادرة على المناورة لتفادي الدفاعات الجوية، وأنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه التكنولوجيا قد انتقلت إلى الحوثيين.
دعم من حماس وتصاعد الهجمات من اليمن
في سياق متصل، أصدرت حركة حماس بيانًا أشادت فيه بالهجوم، ووصفت اليمن بأنه "توأم فلسطين" في مقاومة قوى القمع والعدوان.
واعتبر البيان، أن الشعب اليمني يواصل تحديه رغم الضربات التي يتعرض لها، مؤكدًا وحدة القضية الفلسطينية واليمنية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الهجوم الأخير هو الثالث خلال ثلاثة أيام تتعرض فيه إسرائيل لهجمات صاروخية من اليمن.
صواريخ الحوثيين
تزعم جماعة الحوثيين أن صواريخها الفرط صوتية تتميز بتكنولوجيا الشبح، ومدى يصل إلى 2150 كيلومترًا، مع قدرة على المناورة وسرعة تصل إلى "ماخ 16"، ما يعزز قدرتها على الإفلات من أنظمة الاعتراض المتقدمة مثل "القبة الحديدية" و"ثاد".
وتشهد إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023 تصاعدًا في الهجمات الصاروخية، ليس فقط من حماس في القطاع، بل من حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، الذين يعلنون صراحةً تضامنهم مع الفلسطينيين.
تصعيد أمريكي فاشل في اليمن
وأشارت الشبكة الأمريكية، أنه رغم الضربات الجوية المتكررة التي تنفذها إسرائيل ضد الحوثيين، والتي شملت منشآت للطاقة وموانئ بحرية في يناير الماضي، فإن الولايات المتحدة هي التي تقود حملة أوسع وأكثر كثافة.
فقد شنت واشنطن في الأسابيع الأخيرة هجمات جوية موسعة على أهداف للحوثيين، في محاولة لإضعافهم ووقف هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر، والتي تسببت في اضطرابات كبيرة في التجارة العالمية.
كما تهدف الحملة الأمريكية إلى وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل والسفن التجارية وسفن البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط.
وقد بلغت تكلفة العمليات الأمريكية نحو مليار دولار خلال ثلاثة أسابيع فقط، بما في ذلك نشر قاذفات "بي-2" الشبح واستخدام ذخائر عالية الكلفة.
ورغم هذا التصعيد، لم تنجح هذه الحملة في الحد من قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، ما يثير تساؤلات جدية حول نجاعة هذا النوع من الردع العسكري.