أبو لولو في قبضة العدالة.. من قائد ميداني إلى متهم بجرائم حرب في دارفور

أبو لولو في قبضة العدالة.. من قائد ميداني إلى متهم بجرائم حرب في دارفور

أبو لولو في قبضة العدالة.. من قائد ميداني إلى متهم بجرائم حرب في دارفور
أبو لولو

في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في السودان بعد الحرب، ألقت قوات "تأسيس" القبض على أحد أبرز ضباطها، العميد عمر الفاتح عبد الله إدريس المعروف بلقب "أبو لولو"، المتهم بالإشراف على مجازر مروّعة في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، الرجل الذي كان قبل أسابيع يُقدم في مقاطع الفيديو كقائد ميداني لا يُرد له أمر، صار اليوم في قبضة زملائه السابقين بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، في إثبات من قيادة "تأسيس" للمجتمع الدولي التزامها بالمساءلة.

اعتقال أبو لولو


أعلنت قوات "تأسيس" السودانية، وهي الكيان العسكري والسياسي الذي تشكل مؤخرًا من اندماج قوات الدعم السريع مع فصائل مسلحة أخرى، عن اعتقال العميد عمر الفاتح عبد الله إدريس، الشهير بـ"أبو لولو"، أحد أبرز قادتها الميدانيين في ولاية شمال دارفور، وأوضحت -في بيان رسمي-، أنها "لن تتهاون مع أي عنصر يثبت تورطه في انتهاكات ضد المدنيين"، مشددة على أنها أحالت المتهم إلى جهات التحقيق تمهيدًا لتقديمه إلى العدالة.

تزامن الإعلان مع تصاعد الانتقادات الدولية لقوات "تأسيس" بعد مجازر الفاشر التي وُصفت بأنها "الأعنف منذ اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة"، واعتبر مراقبون أن توقيت اعتقال أبو لولو جاء كاستجابة مباشرة للضغوط التي مارسها مجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوقية طالبت بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت عقب سقوط المدينة في أيدي قوات حميدتي نهاية أكتوبر الماضي.

إعدام ميداني


وبحسب مصادر ميدانية في دارفور، فإن "أبو لولو" كان يتولى قيادة وحدة ميدانية مسؤولة عن أمن الأحياء الغربية في الفاشر، قبل أن تتسرب مقاطع فيديو تُظهره يشرف على عمليات إعدام ميداني لمواطنين بناءً على انتمائهم القبلي.

أحد المقاطع، الذي انتشر كالنار في الهشيم، وثّق لحظة استجوابه أحد المدنيين قبل إطلاق النار عليه من مسافة قريبة، في مشهد صادم أثار موجة غضب عارمة داخل السودان وخارجه.

هذه التسجيلات دفعت ناشطين وحقوقيين إلى المطالبة بالتحقيق الفوري، وبعد أيام قليلة، اعترف قائد قوات "تأسيس" محمد حمدان دقلو "حميدتي" ضمنيًا بوقوع "تجاوزات فردية"، معلنًا فتح تحقيق شامل ووعدًا بالشفافية، في كلمة مصوّرة بثّها عبر منصاته، أمر قواته بالانسحاب من الأحياء السكنية، متعهدًا بإحلال وحدات من الشرطة العسكرية لضبط الأمن في المدينة.

تطهير الصفوف


من جانبها، أكدت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، لا يزال نحو 800 ألف مدني محاصرين داخل الفاشر، في ظل تدهور الخدمات وانقطاع الإمدادات الإنسانية، وسط استمرار أعمال النهب والاعتقالات العشوائية، وتشير تقديرات منظمات الإغاثة إلى أن الوضع الإنساني "كارثي".

في المقابل، تقول قيادة "تأسيس" إنها تعمل على "تطهير صفوفها" من العناصر التي ارتكبت تجاوزات، وتؤكد أن اعتقال أبو لولو "يمثل بداية لمسار العدالة داخل المؤسسة العسكرية نفسها".

مع ذلك، يعتقد مراقبون أن القبض على أبو لولو، حتى وإن جاء تحت الضغط، يمثل "سابقة جديدة" في تاريخ الحروب السودانية، إذ لم يسبق أن أعلنت فصائل مسلحة عن محاسبة أحد قادتها بهذا الشكل العلني، ويأمل ناشطون أن تكون هذه الخطوة "بداية لتفكيك ثقافة الإفلات من العقاب" التي ترسخت في دارفور منذ عقدين.