حزمة عقوبات أوروبية جديدة مشددة تستهدف نفط وبنوك روسيا مع رفع فيتو سلوفاكيا
حزمة عقوبات أوروبية جديدة مشددة تستهدف نفط وبنوك روسيا مع رفع فيتو سلوفاكيا

وافق الاتحاد الأوروبي على فرض جولة جديدة من العقوبات على روسيا، تستهدف قطاعي الطاقة والمال في البلاد، في محاولة لتشديد الخناق على آلة الحرب الروسية والضغط من أجل وقف مؤقت لإطلاق النار في أوكرانيا.
وبحسب شبكة "يورو نيوز" الأوروبية، فقد جاء هذا القرار بعد مفاوضات مكثفة توجت برفع رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو فيتو بلاده الذي كان يعرقل المصادقة على هذه العقوبات.
تفاصيل العقوبات الجديدة
وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع سفراء في بروكسل يوم الجمعة، على حزمة العقوبات الثامنة عشرة منذ بدء الخرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022.
تشمل العقوبات حظر جميع التعاملات مع 22 بنكًا روسيًا، والصندوق الروسي للاستثمار المباشر وفروعه، بالإضافة إلى الاستخدام المباشر وغير المباشر لخطوط أنابيب نورد ستريم البحرية، التي توقف تشغيلها حاليًا لكن موسكو تسعى لإعادة تشغيلها مستقبلًا.
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز فعالية العقوبات، قرر الاتحاد تحويل سقف سعر النفط الخام الروسي، الذي كان محددًا عند 60 دولارًا للبرميل منذ ديسمبر 2022، إلى آلية ديناميكية ستظل أقل بنسبة 15% من متوسط سعر السوق.
وبحسب مصادر دبلوماسية، سيبدأ السقف الجديد عند 47.6 دولارًا للبرميل، مع تعديله تلقائيًا كل ستة أشهر، وإمكانية إجراء تعديلات استثنائية إذا اقتضت تقلبات السوق ذلك.
ولم تحظ هذه المراجعة التنازلية بدعم الولايات المتحدة، التي كانت من أبرز الداعمين لسقف الأسعار في إطار مجموعة السبع خلال الإدارة السابقة.
استهداف الأسطول الظلّي
تضمنت العقوبات أيضًا منع 105 سفن إضافية تابعة لما يُعرف بـ"الأسطول الظلّي"، وهي ناقلات نفط قديمة تستخدمها روسيا للتحايل على سقف الأسعار، من الوصول إلى موانئ الاتحاد الأوروبي أو الاستفادة من خدماته.
وبذلك، يرتفع عدد السفن المدرجة على القائمة السوداء لهذا الأسطول إلى أكثر من 400 سفينة.
وفي إجراء لسد ثغرة بارزة، حظر الاتحاد استيراد المنتجات البترولية المكررة من النفط الخام الروسي والتي كانت تُباع في دول الاتحاد تحت علامات تجارية مختلفة، وتأتي بشكل رئيس من الهند وتركيا.
كما استهدفت العقوبات 11 شركة خارج روسيا، بما في ذلك أربع شركات في الصين القارية وثلاث في هونغ كونغ، بتهمة تسهيل التحايل على العقوبات.
ردود فعل القادة الأوروبيين
وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الحزمة بأنها تستهدف "قلب الآلة الحربية الروسية"، مؤكدة أن "الضغط سيستمر حتى يوقف بوتين هذه الحرب".
ومن جانبها، اعتبرت الممثلة العليا للشؤون الخارجية كايا كالاس هذه الحزمة واحدة من "أقوى" الحزم حتى الآن.
رفع الفيتو السلوفاكي
جاء الاختراق السياسي بعد أن وافق رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو على رفع فيتو بلاده، الذي كان يعيق المصادقة على العقوبات.
وكان اعتراض سلوفاكيا مرتبطًا بقضية منفصلة تتعلق بخطة الاتحاد الأوروبي للتخلص التدريجي من جميع الوقود الأحفوري الروسي بحلول نهاية عام 2027.
وكانت المفوضية الأوروبية قد كشفت عن خارطة طريق لهذا التخلص في مايو الماضي، وقدمت مشروع قانون في يونيو يعتمد على حظر تدريجي لعقود الغاز قصيرة وطويلة الأجل. واعترضت سلوفاكيا، وهي دولة غير ساحلية، بشدة على هذه الخطة، محذرة من أنها ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين، وتضعف القدرة التنافسية، وتهدد الأمن الطاقي.
وبما أن خطة التخلص تتطلب أغلبية مؤهلة، لجأت براتيسلافا إلى استخدام العقوبات، التي تتطلب إجماعًا، لانتزاع تنازلات من بروكسل.
مفاوضات مكثفة وتدخلات دبلوماسية
خلال قمة الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، رفع فيتسو مطالبه، طالبًا تعويضات مالية لم تُلبَّ. وأشار إلى أن بلاده قد تواجه دعوى قضائية من شركة غازبروم الروسية بقيمة تتراوح بين 16 و20 مليار يورو بسبب إنهاء عقد طويل الأجل يمتد حتى عام 2034.
وفي المقابل، جادلت المفوضية بأن حظر الغاز سيُعتبر "قوة قاهرة" في المحاكم، مما يحمي الحكومات والشركات من المطالبات القانونية.
كثّفت براتيسلافا وبروكسل الحوار لإيجاد حلول عملية لتنويع مزيج الطاقة في سلوفاكيا بعيدًا عن روسيا، وتعزيز الروابط مع الدول المجاورة، والتخفيف من تقلبات الأسعار. ورحب فيتسو بهذا الحوار واصفًا إياه بـ"البنّاء"، لكنه تمسك بموقفه، مما فاجأ الدبلوماسيين الذين توقعوا رفع الفيتو مبكرًا. وتدخل المستشار الألماني فريدريش ميرز ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك لكسر الجمود.
رسالة فون دير لاين واستجابة فيتسو وبحسب الشبكة الأوروبية، فقد أرسلت فون دير لاين رسالة من ثلاث صفحات إلى فيتسو، تتضمن تطمينات بشأن تنفيذ خطة التخلص التدريجي، بما في ذلك إمكانية توفير مساعدات حكومية وأموال من الاتحاد الأوروبي لـ"تعويض الآثار السلبية على الأسر والصناعة".
كما وعدت بتوضيح معايير تفعيل "فرامل الطوارئ" لتعليق حظر الغاز مؤقتًا في حالة ارتفاع الأسعار بشكل كبير، لكن الرسالة لم تتضمن تخصيص ميزانية مالية مخصصة لسلوفاكيا.
ونشر فيتسو الرسالة السرية بالكامل على وسائل التواصل الاجتماعي، معلنًا أن شركاءه في الائتلاف الحاكم رفضوا عرض المفوضية، واصفين ضماناتها بأنها "غير كافية"، بل إن البعض وصفها بـ"لا شيء".
وطالب فيتسو بإعفاء كامل من خطة التخلص لمواصلة شراء الغاز الروسي حتى انتهاء عقد غازبروم في 2034.
لكن بعد أيام، وتحت ضغط متزايد، قرر فيتسو رفع الفيتو يوم الخميس، قائلًا: "في هذه المرحلة، سيكون استمرار عرقلة الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات غير مجدٍ. لقد استنفدنا جميع الخيارات المتاحة، والبقاء في موقف العرقلة سيضر بمصالحنا".
ومع ذلك، تعهد فيتسو بمواصلة معارضته لخطة التخلص التدريجي التي وصفها بأنها "مناهضة لروسيا بشكل أيديولوجي ومهووس".
تحول في الموقف الأمريكي
يأتي الاتفاق على العقوبات في وقت يشتد فيه خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد فلاديمير بوتين، متعهدًا بإرسال مساعدات عسكرية فتاكة إلى أوكرانيا وفرض "رسوم جمركية صارمة" على روسيا، في تحول كبير رحبت به أوروبا على الفور.
ومع ذلك، رفض البيت الأبيض حتى الآن تأييد خفض سقف سعر النفط الروسي، تاركًا حلفاء مجموعة السبع الآخرين للمضي قدمًا بمفردهم.
واعتبرت بروكسل مشاركة المملكة المتحدة أمرًا أساسيًا نظرًا لسيطرتها على قطاع التأمين البحري.