لماذا تُثِير مدينة "سرت" الليبية لُعاب أردوغان؟

لماذا تُثِير مدينة
صورة أرشيفية

باتت أنظار العالم كله تتجه نحوها حاليًا، وهي محور الحديث بين الشرق والغرب، وسبب للتناحر والخلاف، فهي تسيل لعاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بينما تصدى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لذلك، وأكد أن المساس بها خط أحمر للقاهرة.

خط أحمر


وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال تفقده للوحدات المقاتلة للقوات الجوية بالمنطقة الغربية العسكرية: إن الجيش المصري يُعتبر من أقوى جيوش المنطقة، مشددًا على أنه جيش رشيد يحمي ولا يهدد.


وأضاف أن "الجيش المصري من أقوى جيوش المنطقة.. وقادر على الدفاع عن أمن مصر القومي داخل وخارج حدود الوطن"، مشددًا على أن أيّ تدخُّل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيًّا، وعلى أن "جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمرًا ضروريًا".


وتابع السيسي أن "أي تدخُّل مباشر في ليبيا سيهدف لتأمين الحدود ووقف إطلاق النار. مصر لم تكن يومًا من دعاة العدوان لكنها كانت تعمل على تأمين حدودها ومجالها الحيوي، نحن نسعى لوضع حدّ للتدخلات الأجنبية في ليبيا التي تغذي بؤر الإرهاب هناك".


وأكد على أن "مصر حريصة على التوصل إلى تسوية شاملة في ليبيا"، كما أنها حريصة "على سيادة ووحدة الأراضي الليبية، إن "سرت والجفرة خط أحمر"، مؤكدًا أن "ليبيا لن يدافع عنها إلا أهلها، وسنساعدهم في ذلك".

الباب الغربي لمصر


تقع مدينة "سرت" الليبية على بُعد نحو ألف كيلومتر عن الحدود المصرية، وفي منتصف المسافة بين طرابلس وبنغازي على الساحل الليبي، أي تقع على بُعد نحو 450 كيلومترًا من العاصمة طرابلس و600 كلم من بنغازي.


ترجع استراتيجيتها، لكونها المفتاح الرئيسي للسيطرة على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي بالشرق الليبي، التي تضم أكبر مخزون للنفط في البلاد، كما أنها تقع بها قواعد عسكرية مهمة منها قاعدة القرضابية الجوية التي تبعد عن جنوب سرت 16 كيلومترًا، وبالقرب منها قاعدة "الجفرة" الجوية التي تُعتبر من أكبر القواعد العسكرية الليبية.


بينما تُعَدّ سرت غرفة عمليات رئيسية لقوات الجيش الليبي، وغرفة وصل بين مناطق شرق ليبيا وغربها، بالإضافة إلى مطار وميناء  المدينة من أهم المنافذ الرئيسية في ليبيا.


ولمنطقة "الجفرة" أهمية كبرى أيضًا، حيث إنها تقع وسط البلاد، وتبعد بنحو 650 كيلومترًا جنوب شرقي طرابلس، لذلك تُعَدّ محور ربط بين الشرق والغرب والجنوب، وإحكام القبضة  عليها يعتبر بمثابة السيطرة على نصف ليبيا.


الهلال النفطي


ترجع الأهمية المضاعفة لمدينة "سرت" إلى كونها البوابة الغربية لمنطقة "الهلال النفطي" في ليبيا، حيث إنها تمكن السيطرة على موانئ سدرة ورأس لانوف ومرسى البريقة وزويتينا، فضلاً عن أنها بها 60٪ من ثروات الهيدروكربون.


كما يوجد بها 11 خط أنابيب نفط و3 خطوط غاز بها تصل إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، كما أنها من خلالها يمكن الاستيلاء على امتداد ساحلي بطول 350 كيلومترًا على طول الطريق إلى بنغازي، المليء بخطوط الأنابيب والمصافي والمحطات الطرفية ومرافق التخزين.


ولذلك تجذب بشدة أردوغان حيث توفر لها تدفق النفط كون تركيا من أعلى البلاد استيرادًا للنفط، فضلاً عن أنها تسهل السيطرة على المنطقة، وهو ما يلبي رغبات الرئيس التركي في التواجد العسكري الدائم في ليبيا، وبناء قاعدة بحرية في مصراتة، لذلك تتصدى مصر للدفاع عنها بقوة لأنه في حالة سقوطها بقبضة الوفاق ستلحق أضرار وخيمة بالحدود المصرية من تهريب الأسلحة والإرهابيين إلى أراضيها، لاسيما من انتهاكات المرتزقة السوريين والميليشيات الموالية للسراج في العاصمة طرابلس.


ويحاول أردوغان حاليًا حشد مرتزقته والميليشيات التي يدعمها مع حكومة الوفاق من مصراتة وطرابلس إلى اقتحام مدينة "سرت" بكل قوة حاليًا، وعدم الالتزام باتفاقية القاهرة التي تم الإعلان عنها قبل أسابيع قليلة، من أجل الوصول لمنطقة الهلال النفطي والسيطرة على ليبيا ومن ثَمَّ تهديد الحدود المصرية.


جدير بالذكر أن السعودية والإمارات أيدوا الموقف المصري، ودعمها لحمايتها، حيث أكدوا أن أمنها من أمن المنطقة العربية بأكملها، وجددوا ثقتهم بالجيش المصري وقدراته العالية.