كورونا والجريمة.. هل خلقت الجائحة وحوشا إنسانية؟

كورونا والجريمة.. هل خلقت الجائحة وحوشا إنسانية؟
صورة أرشيفية

أثرت الأزمة التي عاشها العالم بأسره، بسبب تفشي جائحة كورونا وما نتج عنها من ضغوط اقتصادية وحتى نفسية، الأمر الذي أدى إلى تزايد معدلات الجريمة في عدد من الدول العربية.


وكان هناك حالة من التباين شهدتها بعض الدول العربية، حيث تراجعت جرائم القتل فيما ارتفعت جرائم العنف الأسري في دول أخرى إثر عمليات الحجر التي فرضت في بعض الدول بشكل متفاوت.

ارتفاع معدل الجريمة في الأردن


الأردن كانت من أكثر الدول المتأثرة اقتصاديا بسبب كورونا، ولاسيما أنها كانت تمر بظروف حادة خلال العامين الماضيين، وقالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، إن الجرائم المرتكبة خلال عام 2019 و2010، بلغت 130 جريمة؛ إذ ارتكبت 58 جريمة قتل مع سبق الإصرار "العمد"، و52 جريمة قتل قصد، و8 جرائم ضرب مفضٍ إلى الموت.


وبحسب الجمعية فإن 21 جريمة قتل أسرية ارتكبت بحق النساء والفتيات خلال عام 2019، وتشكل ما نسبته 18 بالمئة من مجموع جرائم القتل.

جريمة وحشية تهز المملكة


منذ أيام بسيطة، هزت قضية اعتداء وحشية على فتى يبلغ من العمر 16 عاما الرأي العام الأردني، وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، وسط موجة عارمة من الغضب والتنديد والمطالبة الشعبية بتنفيذ أقصى العقوبات في حق الجناة.


وكانت الواقعة محل حديث الشارع الأردني الأيام الماضية، بعد "التنكيل" بفتى يبلغ من العمر 16 عاما في محافظة الزرقاء، ببتر يديه وفقء عينيه بأدوات حادة على يد مجموعة من أصحاب "السوابق"، ثأرًا من والده المسجون حاليًا.


ووجه مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى في الأردن، القاضي عبدالإله العساف، الجمعة، تهمة "الشروع في القتل العمد بالاشتراك" إلى جميع المتهمين فيما بات يُعرف إعلاميًا بـ"جريمة الزرقاء".


فيما تعرضت عدد من الشقق السكنية والمتاجر لمحاولات نصب وسرقة، جميعها نتيجة التقاعس في تطبيق القانون في وجه المجرمين.


في هذا السياق تقول إلهام الجميل، حقوقية أردنية، إن الأوضاع في البلاد لم تعد مستقرة، سواء بسبب الظروف المعيشية الصعبة، أو تعرض البلاد لإغلاق لفترة طويلة، وهو ما تكرر في الوقت الحالي.


واعتبرت في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن الضغوطات الاقتصادية الناجمة عن كورونا، كان لها تأثيرات بدورها على الأوضاع النفسية للمواطنين، لافتة أن الأزمة كشفت عن الأمراض النفسية التي يعاني منها المجرمون وجعلتهم أكثر شراسة تجاه المجتمع.

العراق وكورونا.. ارتفاع معدلات الطلاق والعنف الأسري وجرائم الأسرة 


بدت الأزمة واضحة في العراق، بعد تفشي كورونا، ولم يقتصر تأثيرها على المستوى الحكومي من خلال زيادة عجز الموازنة نتيجة انخفاض أسعار النفط فحسب، بل انعكست على جميع المصالح الاقتصادية على جميع الأصعدة وتحديداً القطاع الخاص والأفراد؛ ما شكل ضغوطا على المجتمع العراقي.

بعض الجرائم في العراق استغلت وباء كورونا نفسه في محاولة الهروب من الأزمة المعيشية التي يمر بها العراقيون، حيث لجأ الأطباء إلى تقديم خدمة خاصة عبر المنازل للكشف عن كورونا مع خوف المواطنين من زيارة المستشفيات.


يقول فؤاد الشمري (32 عاما): إنه في شهر يونيو شعر بالخوف من اصابته بأعراض الإصابة بفيروس كورونا، فاتصل بطبيب عبر صفحته في فيسبوك،  لاستشارته عن معاناتها من أعراض شبيهة بالإنفلونزا، لافتا غلى خوفه من مراجعة أي مستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، لذا بحث عن طبيب في فيسبوك وطلبت المساعدة منه، ووافق مقابل مبلغ من المال.

بعد أيام على حضور الطبيب لمنزله الذي يشاركها فيه سبعة أفراد لإجراء مسحة الفيروس، اتصل وأخبره أنه مصابة بكوفيد-19، وأكد على ضرورة فحص جميع أفراد العائلة لاحتمالية انتقال العدوى إليهم، وبلغت كلفة الفحوصات التي أجراها الطبيب في المنزل حوالي مليون و300 ألف دينار عراقي (نحو 1000$).

وأكد أن الطبيب قام بتزويدهم بتقارير مفصلة عن حالاتهم الصحية، التي أظهرت إصابة ثلاثة من الأسرة، ولكن اتضح فيما بعد أنها تقارير مزورة، عند مراجعتها في محل عمله.


ووفقا لقسم الرصد في المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالعراق، فإنه زادت معدلات جرائم النصب والاعتداءات على الأجهزة الأمنية منذ بداية العام الجاري، فضلا عن زيادة عدد حالات الطلاق والعنف الأسري والانتحار، وجرائم الأسرة.

جريمة تهز العراق.. أم تلقي أطفالها بالنهر

فيما وثقت إحدى كاميرات المراقبة سيدة عراقية وهي تقوم برمي طفليها بنهر دجلة، في جريمة بشعة هزت الرأي العام في العراق.


وقال نشطاء: إن مكان الحادثة هو جسر الأئمة، الذي يربط بين منطقتي الكاظمية والأعظمية المتاخمتين لنهر دجلة في بغداد.


كما انتشر فيديو مؤثر لوالد الطفلين من موقع الحادثة، حيث كان يبكي بصوت عالٍ على طفليه، بينما كانت فرق الإنقاذ تبحث عن جثتي الطفلين.


من جانبه يقول المحامي عامر ضياء: إن معدلات الجريمة ارتفعت في العراق خلال أزمة تفشي كورونا؛ إذ فرضت أشكالاً وطرقاً جديدة متعلقة بالوباء، مثل المتاجرة بالأدوية المغشوشة والتالفة وعمليات السرقة والابتزاز الإلكتروني والنصب والاحتيال والعنف الموجه ضد الملاكات الصحية وغير ذلك.


ونوه ضياء بأن الكثير من الضحايا يخشى الإبلاغ لأسباب اجتماعية واقتصادية، بينما آخرون لا يثقون بالأجهزة الأمنية؛ لذا فإن معدلات الجريمة في ارتفاع كبير ومع ذلك لا يمكن توثيق نسبتها.

تونس.. انتشار المخدرات وتدهور الأوضاع الاقتصادية 

تحتل تونس مرتبة متقدمة في تقارير الجريمة السنوية، خاصة بعد انتشار المخدرات بشكل كبير، مع قصر مدة العقوبة وعمليات العفو والتي أدت إلى تفشي الجريمة.


ويعد أحد الأسباب وراء انتشار الجريمة في تونس، يتمثل في انتشار الحبوب المخدرة في تونس ما بعد 2011، ما يصيب الشباب بنوبات انتقامية وصلت حد قتل الشباب بعض أفراد العائلة.


ونتيجة الظروف التي مرت بها تونس العام الجاري، سواء من تجاذبات سياسية أو تدهور اقتصادي، فإن معدلات جرائم الاغتصاب والتعدي الجنسي ارتفعت بشكل ملحوظ، وسجلت تونس 225 جريمة اعتداء على النساء خلال العام الحالي، كان على رأسها مقتل الطبيبة رحمة التي هزت تونس والمجتمع العربي أجمع.


وفي سبتمبر الماضي، فُجع الشارع التونسي بجريمة قتل بشعة، راحت ضحيتها الشابة التونسية "رحمة لحمر"، التي أُعلن عن اختفائها مطلع الأسبوع الماضي.


وكانت الضحية قد اختفت وانقطعت أخبارها بعد مغادرتها مكان عملها يوم الاثنين الماضي، ليتم العثور على جثتها ملقاة على جانب طريق المرسى عين زغوان ويظهر عليها آثار التنكيل والتعفن.


وخلال استجواب المشتبه به، اعترف أنّه بتاريخ 21 سبتمبر الماضي، كان يتوجّه إلى عين زغوان الشمالية، وبعد تناوله كمية من الكحول شاهد الضحية فتتبعها ودفعها إلى مجرى مياه بين الأشجار قبل أن يعتدي عليها ويخنقها بيديه حتى وفاتها، ثم سرق هاتفها الجوال ولاذ بالفرار.

المملكة المغربية.. تناقض بين الإحصائيات والواقع 

على الرغم من أن المؤشرات الرسمية عن وزارة الداخلية (نشرتها العديد من الصحف المغربية في وقت سابق)، أفادت بتراجع نسبة المؤشرات خلال 2020 بنسبة 20 بالمئة، مقارنة بالعام الماضي.


وبحسب المديرية العامة للأمن الوطني، انخفض عدد القضايا المسجلة 2020 بنحو 10 آلاف و867 قضية مقارنة مع نفس الشهر من 2019، ما يمثل نسبة 20 بالمئة، فيما تقول المحامية الحقوقية خديجة الحميدي، إن الواقع مخالف للأرقام، مؤكدة أن بعد انتهاء فترة الغلق ومع إعادة الفتح عادت مستويات الجريمة للانتشار.

وبررت الحميدي حديثها، قائلة: "اللصوص والجناة يحاولون تعويض الفترة التي كانت تغلق فيها البلاد والشوارع خالية، لذلك يحاولون تكثيف أعمالهم الشريرة في الوقت الحالي"، لافتة إلى ارتفاع نسبة الطلاق والاعتداءات بين الأزواج والجرائم الوحشية لما عانى منه المجتمع من ضغوط خلال الفترة الماضية.

مغربية تقتل أبناء زوجها


وفي أغسطس الماضي، هزّت المجتمع المغربي جريمة فظيعة، أقدمت فيها امرأة خمسينية على قتل اثنين من أبناء زوجها القاصرين، وذلك في حيّ القصبة بمدينة مراكش، وأثارت تفاعلاً واسعاً على المنصّات الاجتماعية، فيما أدان ناشطون نشر صور الطفلين، في خطوة قد تشكّل أذى نفسياً كبيراً لأقاربهما في هذه الفترة.


واعترفت المرأة بالجريمة عند إخضاعها للتحقيق، مقرّة بأنها قتلت الطفلين من باب الانتقام، زاعمة أنّ زوجها يقوم بخيانتها، كما أنه كان يهدّدها بالطلاق.


ووفق التحقيقات، فقد شاهدت الطفلة الراحلة شقيقها وهو يتعرّض للقتل خنقاً، وحينما شرعت في الصراخ، بادر الجيران إلى الاتصال بالشرطة.


ولم يستطع الأب أن يستوعب الجريمة التي حصلت، فأصيب بنوبة هستيرية حادّة؛ ما استدعى نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية والنفسية.