بين "الكمامات المغشوشة" وضعف الإجراءات.. الشعب التركي فريسة كورونا

بين
صورة أرشيفية

انفجر فيروس كورونا في مدن تركيا ليقضي على كل محاولات التعتيم الحكومية، ولتسجل تركيا أعلى معدل إصابات يومي جراء فيروس كورونا في العالم، ارتباك الحكومة وانهيار المنظومة الصحية دفع مواطنين أتراكاً لمحاولة إيجاد حلول بعيدًا عن دعم الحكومة التي تطالب الشعب نفسه بدعمها، وعلى رأسها الرئيس رجب طيب أردوغان الذي أطلق حملة لجمع التبرعات لمواجهة آثار تفشي وباء كورونا، بالإضافة إلى محاولات السطو على أجهزة طبية "تنفس"، وكمامات ومطهرات في طريقها لبلدان أخرى في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وانتشرت ظاهرة مخيفة في تركيا وهي صناعة كمامات انتشرت في طول تركيا وعرضها في أماكن غير مرخصة وتنتج منتجات غير مطابقة للمواصفات الطبية العالمية، وكذلك مصانع لإنتاج كحول ومطهرات مغشوشة تسببت في مضاعفة عدد الإصابات.

المصانع تركزت في إسطنبول وتسببت في جعلها بؤرة الفيروس في تركيا

تركزت المصانع التي تنتج في إسطنبول، وكانت النتيجة أن أصبحت إسطنبول بؤرة الفيروس بفارق شاسع عن بقية المدن التركية، وهو ما أعلنه وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، بعد رفض متكرر من الحكومة التركية لإعلان خريطة انتشار الفيروس.

وزير الصحة التركي أكد أن عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا زاد 3892 حالة خلال الـ24 ساعة، ليصل إجمالي الإصابات إلى 34109، وأضاف أنه تم تسجيل 76 حالة وفاة بالفيروس، ليصل عدد حالات الوفاة إلى 725 حالة.

وكان نصيب مدينة إسطنبول من إجمالي الإصابات تجاوز حاجز الـ60% وحلت مدينة أزمير في المرتبة الثانية وأنقرة في المرتبة الثالثة.

ونشرت وكالة الأناضول التابعة لحكومة أردوغان تقريرًا وصف مجهودات لنساء من سوريا وتركيا يتعاون مع بلديات حكومية لإنتاج كمامات؛ ما أوحى للمواطنين بأن الكمامات التي تباع في الشوارع تحت إشراف حكومي.

المصانع الشعبية أنتجت ملايين الكمامات وأغرقت أقاليم تركيا

نشاط إنتاج الكمامات المغشوشة في حواري إسطنبول لا يحتاج لأكثر من شقة سكنية أو أحد المخازن في مناطق شعبية فقيرة أو نائية، وشراء مئات الأمتار من الأقمشة ذات اللون الأبيض والسماوي أو الأزرق وعدد من العمال لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ثم ماكينات خياطة عادية حسب العدد المراد إنتاجه.

يقول مصدر أمني تركي: ألقينا القبض على عشرات الأشخاص ينتجون الكمامات المغشوشة خلال الأيام الماضية، مضيفًا: هؤلاء الأشخاص ينتجون كمامات تتطابق 100% في الشكل مع الكمامات المعتمدة من وزارة الصحة، وقدرة المكان الواحد تصل لـ20 ألف كمامة يوميًا، موضحًا أن التحقيقات أثبتت إغراقهم لإسطنبول تحديداً ومعظم أقاليم تركيا بملايين الكمامات المغشوشة.

وتابع: اعترف المتهمون في التحقيقات بتولي بعض منهم بتوزيع الكمامات على جميع محال بيع الأغذية والصيدليات، مؤكدين أن يومًا بعد يوم تتزايد طلبات التوريد، مؤكدين أن مجموع الطلبات التي وصلت إليهم قبل القبض عليهم وصلت لـ10 ملايين كمامة.

ويستغل أصحاب مصانع الخياطة والأقمشة الأزمة الاقتصادية في تسخير عدد هائل من العاطلين الأتراك والسوريات في صناعة ملايين الكمامات يوميًّا.

المعارضة التركية: "الكمامات المغشوشة" تنتشر بمباركة "حكومة أردوغان"

وأكدت المعارضة التركية أن الدولة تتهاون في مواجهة تصنيع الكمامات المغشوشة، لمحاولة إقناع الشعب بأن حكومة أردوغان نجحت في توفير الكمامات ووسائل الوقاية لجميع أفراد الشعب، فجميع منافذ بيع الغذاء تبيع الكمامات المغشوشة، والشوارع مليئة بأطفال صغار مسؤولين عن بيع الكمامات، ولا يعلم المواطنون مصدرها ويعتقدون أنها كمامات مصرح بها توفرها الحكومة التركية.

وأضافت المعارضة: الحكومة قامت بإلقاء القبض على عشرات العمال، وأغلقت عدداً من المصانع الشعبية لا يزيد على 10، في حين أن انتشار الكمامات بأعداد هائلة يؤكد أن هناك مئات المصانع التي تعمل في السر لتغرق تركيا بهذه المنتجات الكارثية التي توحي للمواطنين بأنهم في أمان، إلا أنها في حقيقة الأمر لا توفر لهم أي نوع من أنواع الوقاية الصحية.

وتابعت: الأشخاص المسؤولون عن إنتاج الكمامات يتعمدون طرحها بأسعار مرتفعة للإيحاء للمواطنين بأنها منتج مضمون، ولضرب عصفورين بحجر واحد وتحقيق أرباح هائلة على حساب صحة وحياة الشعب التركي.

بائعو الكمامات: الحكومة تخلت عنّا وسنجمع المال بأي طريقة

يقول، هادي عجان، 22 عاماً، سوري الجنسية ويعيش في إسطنبول، بعد تفشي فيروس كورونا انهار سوق العمل، ووجدت نفسي في المنزل بلا عمل ولا مصدر للرزق، فأنا كنت أعمل بائع ملابس جوال.

منذ إعلان الحكومة التركية عن تفشي وباء كورونا وانتشار الفزع بين الأتراك بسبب تضاعف عدد الحالات، وتأكدهم من أن الأعداد الحقيقية تفوق الأعداد الرسمية بعدة أضعاف عرض علي العمل كموزع لكمامات، فوافقت على الفور فالمقابل المادي كان مغرياً.

وتابع عجان، ذهبت لاستلام عدد من الكمامات فأخبروني أن المطلوب بيع 5 آلاف كمامة يوميًا، ولم يلزموني بأسعار محددة قالوا ينبغي ألا يقل ثمن القطعة الواحدة عن 3 ليرات، وإذا بعتها بـ10 ليرات فالربح الفارق تحصل عليه لنفسك.

وأضاف: بدأت التحرك وبيع الكمامات وخلال 4 ساعات قمت ببيع 3 آلاف كمامة بسعر 4 ليرات للقطعة الواحدة في إشارات المرور ومحطات المترو، وقمت بتوزيع بضع مئات على بعض المحال والصيدليات، وفي منتصف اليوم أخبرني صيدلي أن تلك الكمامات مغشوشة وأنني سأتحمل أمام الله مسؤولية إصابة الملايين بفيروس كورونا لاعتقادهم أنهم في أمان في حين أنها لا توفر الحماية المطلوبة لهم، فأخذت ما تبقى من كمامات وذهبت للمصنع الصغير وأخبرتهم أنني لم أنجح في بيع إلا 3 آلاف قطعة فقط، واعتذرت عن العمل معهم وحاولت نصيحة بعض زملائي فأخبروني أنهم يعلمون ولكنهم يحتاجون للمال بشدة في ظل تخلي الحكومة التركية عنهم، مضيفين "نحتاج لإطعام أطفالنا فلن نتركهم يموتون جوعًا".

وهْم الوقاية الزائفة أخطر على المواطن من البقاء بلا "كمامة"

في السياق نفسه، حذر حسين الهادي، طبيب عراقي يعيش في إسطنبول، من الضرر الهائل لتلك الكمامات موضحًا أنها مجرد قطعة من القماش تستطيع منع الأتربة والغبار بشكل جزئي وليس كاملاً، أما عن فاعليتها أمام الفيروسات فهي صفر.

وتابع: الكارثة الكبرى أن عدم وجود كمامات أكثر أمانًا بكثير من الكمامات المغشوشة، فغياب الكمامة يجعل المواطن أشد حرصًا على الابتعاد عن الزحام والتجمعات، أما ارتداؤه لكمامة فيقلل من حرصه ويجعله يعتقد أنه آمن، مضيفًا الكمامات المطابقة للمواصفات يجب أن تتكون من 3 طبقات حتى لا ينتقل من خلالها الميكروب أو الفيروس، والكمامات التي اشتريت بعضها من الشارع لتجربتها وجدتها مكونة من طبقة قماش واحدة لتقليل التكلفة ومضاعفة الأرباح.

وأضاف: رأيت بائعي الكمامات ينتشرون أمام ضباط الشرطة ولا يتدخل أحد، ما يحدث جريمة لأن ضررها على المواطن هائل حيث يعتقد واهمًا أنه محصن ضد الإصابة فيتعامل بثقة أكبر فيكون سببًا في انتشار المرض لنفسه ثم لأسرته.