هل تتحول المهرة إلى ساحة صراع جديدة بسبب تقاطع أجندات الحوثي والإخوان؟
هل تتحول المهرة إلى ساحة صراع جديدة بسبب تقاطع أجندات الحوثي والإخوان؟

في تصعيد غير مسبوق، أطلق نشطاء يمنيون هذا الأسبوع حملة إلكترونية واسعة تحت وسم #المهرة_مقبرة_الغزاة، سلطت الضوء على ما اعتبروه "تحالفًا خفيًا" بين ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وحزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في اليمن، داخل محافظة المهرة الواقعة شرق البلاد.
وتأتي الحملة في ظل تنامي القلق الشعبي من استغلال المحافظة كـ"مسرح خلفي" لتنفيذ أجندات إقليمية ودولية، بعيدًا عن سلطة الدولة، وسط ما وصفه مشاركون في الحملة بـ"تواطؤ واضح" بين شبكات تهريب، وعناصر محلية ذات ارتباطات بمليشيات خارجة عن القانون.
اعتقال الزايدي يفضح شبكة التهريب
وقد شكل اعتقال القيادي الحوثي محمد الزايدي محطة مفصلية في كشف سلسلة من الارتباطات بين شبكات التهريب العابرة للحدود وعناصر تنتمي لحزب الإصلاح.
وبحسب ما تداوله نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، فإن المهرة استخدمت خلال العقد الأخير كنقطة عبور رئيسية لتهريب الأسلحة والمخدرات والأموال غير المشروعة إلى الحوثيين، بعلم وتسهيل من عناصر متنفذة محسوبة على جماعة الإخوان.
وتُشير التقارير إلى أن هذه الشبكات استفادت من هشاشة الوضع الأمني في المهرة، ومن وجود قيادات محلية موالية لتيارات سياسية ذات أجندات تتقاطع مع المشروع الحوثي في الداخل.
الحريزي في دائرة الاتهام
برز اسم الناشط السياسي علي سالم الحريزي، المعروف بقربه من تيار الإخوان المسلمين، في واجهة الاتهامات المتعلقة بتنسيق التحركات ضد قوات التحالف العربي.
ورغم نفيه المستمر للانتماء الحزبي، إلا أن الحريزي يُتهم من قبل أطراف يمنية وخليجية بأنه يقود تحالفًا ميدانيًا مع عناصر حوثية، بهدف زعزعة الاستقرار في محافظة المهرة ووادي حضرموت، مستغلًا مشاعر السكان ضد بعض السياسات الأمنية والعسكرية للتحالف.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن الميليشيات التابعة للحريزي توفر بيئة حاضنة للعناصر المشبوهة والحوثية، بما يعزز من فرص تحويل المهرة إلى مركز انطلاق لعمليات تهريب وتمويل خارجة عن سلطة الدولة.
دعوات لتشكيل قوة أمنية محلية
في خضم هذه الاتهامات، طالب النشطاء عبر الحملة الإلكترونية بتشكيل قوة أمنية محلية خالصة من أبناء المهرة، تتولى حماية المحافظة من محاولات الاختراق الحوثية والإخوانية، والعمل على تفكيك شبكات التهريب التي تغلغلت داخل مفاصل الحياة المحلية.
ويرى مراقبون أن تشكيل قوة محلية، بدعم من التحالف العربي والحكومة الشرعية، قد يشكّل خطوة أولى نحو استعادة القرار الأمني في المهرة، التي باتت تعاني من حالة فراغ سياسي تُستغل بشكل خطير من قبل الأطراف المتصارعة.
موقع استراتيجي وتنافس إقليمي
وتمتاز المهرة بموقعها الاستراتيجي على بحر العرب، وبقربها من الحدود العمانية، ما يجعلها منطقة حساسة في حسابات القوى الإقليمية.
ورغم بقائها نسبيًا بمنأى عن المعارك المباشرة منذ اندلاع الحرب عام 2015، إلا أنها باتت محورًا لتقاطع الأجندات، مع تقارير متكررة عن نشاط استخباراتي، وتحركات عسكرية غير رسمية، وعمليات تهريب منظمة.
وتحظى المهرة بثروات بحرية وملاحية نادرة، ما يجعلها هدفا مغريًا للجماعات الإرهابية والإخوانية التي تسعى للتموضع بعيدًا عن الرقابة.
سيناريوهات محتملة.. الانزلاق إلى ساحة صراع
يحذر محللون يمنيون من أن استمرار تلاقي المصالح بين الحوثيين والإخوان في المهرة، قد يدفع المحافظة نحو سيناريو تحوّلها إلى ساحة صراع مفتوح، خاصة في ظل غياب حسم عسكري في جبهات الشمال، وتراخي بعض السلطات المحلية.
ويقول الباحث السياسي اليمني، مرزوق الصيادي، إن محافظة المهرة تمر بمرحلة دقيقة، مع تنامي مؤشرات على تقاطع أمني وسياسي بين ميليشيات الحوثي وجماعة الإخوان الإرهابية، ما قد يؤدي إلى تحويلها إلى منطقة رمادية خارجة عن السيطرة الحكومية الفعلية، وما يجري في المهرة ليس مجرد اضطرابات محلية، بل هو انعكاس لصراع أوسع تتداخل فيه أجندات إقليمية، تستخدم أدوات محلية مثل ميليشيا الحريزي والمكونات المحسوبة على حزب الإصلاح كأذرع ميدانية.
وأشار الصيادي في تصريحات خاصة للعرب مباشر، إلى أن المهرة تحظى بأهمية استراتيجية استثنائية بحكم موقعها الجغرافي القريب من سلطنة عمان، وقد تم استغلال هذا الموقع من قبل الحوثيين لتهريب السلاح والمخدرات، "بتسهيلات غير مباشرة من أطراف تابعة للإخوان، محذراً من أن "التحالف الحوثي الإخواني"، حتى وإن لم يعلن رسميًا، يهدف إلى تقويض نفوذ الحكومة الشرعية والتحالف العربي في شرق اليمن، وتشكيل واقع جديد يُضعف مؤسسات الدولة ويخلق بيئة مواتية للفوضى والتهريب.