الأيادي البيضاء للإمارات مستمرة .. والصومال تعتذر

تواصل الإمارات العربية المتحدة تقديم المساعدات الإنسانية للصومال والتي قدمت اعتذارها عما بدر منها تجاه أبو ظبي

الأيادي البيضاء للإمارات مستمرة .. والصومال تعتذر
صورة أرشيفية

على مدار سنوات، لعبت الإمارات دورا أساسيا في الصومال على الصعيدين التنموي والإنساني وأيضا العسكري لمواجهة الإرهاب، والتأكيد على العلاقات الممتدة بين البلدين.

اعتذار الصومال

قدم رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي، اليوم الجمعة، اعتذارًا رسميًا لدولة الإمارات العربية المتحدة عن مصادرة مساعدات في 2018، متوجهًا إليها بالشكر على ما تقدمه من دعم إنساني للبلاد.

ووفق بيان مكتب رئيس الوزراء، فإن روبلي، تسلم مساعدات إماراتية من السفير الإماراتي لدى مقديشو محمد أحمد العثمان، لمساعدة المتضررين من الجفاف.

وأضاف البيان أن "رئيس الوزراء روبلي اعتذر رسميًا لدولة الإمارات عن مصادرة الحكومة الصومالية أموالاً إماراتية في مطار مقديشو في شهر إبريل من عام 2018". 

ووفق البيان، قال روبلي: إن هذه الأموال ما زالت موجودة لدى الحكومة الصومالية، متعهدًا بإعادتها لدولة الإمارات في أسرع وقت ممكن. 

وبحسب البيان، قدم روبلي، شكره وتقديره لدولة الإمارات على وقوفها ودعمها الشعب الصومالي، لافتًا إلى عزمه على تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين. 

مساعدات الإمارات

وفي وقتٍ سابق من اليوم، وصلت إلى مطار مقديشو الدولي طائرة شحن قادمة من الإمارات تحمل 26 طنًا من المساعدات الإنسانية المخصصة للمتأثرين بالجفاف الذي ضرب بعض المناطق في البلاد.

وذكرت وكالة الأنباء الصومالية، أن وزيرة الإغاثة وإدارة الكوارث الصومالية خديجة محمد ديربي، تسلمت المساعدات المكونة من المواد الغذائية والبطانيات والأدوية لإغاثة المنكوبين، وأعربت عن شكرها للحكومة الإماراتية على تقديمها المساعدات الإنسانية.

وتأتي هذه المساعدات عقب مباحثات بين رئيس الوزراء الصومالي مع سفير دولة الإمارات في مقديشو محمد أحمد العثمان، في 7 ديسمبر الماضي، تركزت على تعزيز العلاقات وأزمة الجفاف في الصومال.

وقال الذراع الإنساني للأمم المتحدة: إن الجفاف يدفع بأكثر من 2.73 مليون شخص في الصومال إلى مستوى أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد.

أزمات الصومال

وحسبما أفادت وكالة أنباء "فرانس برس"، أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن موسم أمطار "غو" الربيعي السنوي جاء متأخرًا على بعض الأجزاء من البلاد وكانت الأمطار أقل من المتوسط، مما أثر على الموسم الزراعي الرئيسي.

وقال المكتب: "من المتوقع أن يواجه ما يقرب من 2.73 مليون إلى 2.83 مليون شخص في جميع أنحاء الصومال أزمة أو نتائج أسوأ بين إبريل وسبتمبر 2021، مما يعكس تدهور حالة الأمن الغذائي في البلاد".

دور ملموس للإمارات

وكشف العديد من التقارير أن الدور الإماراتي المؤسسي ملموس على صعيد مواجهة ظاهرة القرصنة البحرية أمام سواحل الصومال، ومشهود على الساحتين الإقليمية والدولية.

ولفتت التقارير أنه كعادتها في العمل المؤسسي الذي يستند لخطط وإستراتيجيات قصيرة وبعيدة الأمد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة مبكرا لمواجهة أحد أبرز التحديات التي تواجه الملاحة الدولية وخطوط التجارة البحرية وهي القرصنة البحرية، لاسيما على السواحل الصومالية وخطوط الملاحة البحرية في المحيط الهندي، التي باتت قبل سنوات قريبة من إحدى أخطر بؤر القرصنة.

وطرحت الإمارات مبادرات عديدة على مدار أعوام من شأنها مواجهة شبح القرصنة الذي ألقى بظلاله على الوضع الأمني والاستقرار الإقليمي والدولي، ليس أقلها استضافة دبي عبر الخارجية الإماراتية وموانئ دبي العالمية لمؤتمرات دولية تُعنَى بصياغة أطر ومنهجية مشتركة لمواجهة القرصنة البحرية، بتنظيم مشترك من قبل وزارة الخارجية.

وتسخر الإمارات جانبا من جهود أبنائها وأبطالها من القوات الخاصة الإماراتية لمكافحة الإرهاب ووحدات القوات الجوية والدفاع الجوي لمكافحة عمليات القرصنة البحرية خاصة ما يهدد سلامة أمنها واقتصادها الوطني، بما يتفق مع المقررات الدولية والأممية الخاصة بمكافحة الإرهاب والقرصنة، بالإضافة إلى جهود كبيرة بذلتها القيادة الإماراتية لدعم الجيش الصومالي للاضطلاع بمهامه ومجابهة المخاطر الأمنية قابلتها حكومة فرماجو بنكران الجميل، وذهبت لأحضان ممولي الإرهاب في الدوحة، وحتى أخطر جماعات الإرهاب في الصومال من "داعش" و"القاعدة" و"الشباب"، ويعد هذا أحد الأحداث البارزة للإمارات في دعم عملية بناء السلام بالصومال، إضافة إلى المشاريع التنموية والإنسانية التي تنفذها دولة الإمارات في مختلف المناطق والأقاليم الصومالية.

علاقات ممتدة

يقول صهيب عبد الرحمن، الكاتب الصحفي الصومالي: إنه توصف علاقات دول القرن الإفريقي مع الإمارات بالتاريخية، فعلاوة على الجوار الجغرافي، ارتبط الجانبان بعلاقات تجارية ممتدة لقرون طويلة، وظلت شائعة بين قاطني المدن الساحلية في كلا المنطقتين. ويعيش حالياً في دولة الإمارات مئات الآلاف من مواطني بلدان القرن الإفريقي مثل؛ إثيوبيا والصومال والسودان وجيبوتي، ويشكلون مصدر اقتصاد ضخماً لبلدانهم عبر التحويلات المالية.

ولفت أنه في الآونة الأخيرة، اتجهت دولة الإمارات العربية المتحدة للخروج من نمط العلاقات التجارية التقليدية، وبدأت في استثمار الموانئ في عدة دولٍ من القرن الإفريقي، ضمن السياسة الخارجية لدولة الإمارات المتنامية، والتي تتمثل أبرز ملامحها في توسيع التجارة ومكافحة الإرهاب واحتواء النفوذ الإقليمي الإيراني.

وأوضح أنه في أعقاب انهيار الدولة الصومالية بادرت الإمارات إلى الاهتمام بجوانب العمل الإنساني في الصومال، كما شاركت دولة الإمارات التدخل الأممي في الصومال في عام 1993، ضمن البعثة الأممية حين سقط الجنوب الصومالي في وحل الحروب والمجاعات.

وكشف أنه استمرت الإمارات في أدوارها الإنسانية والتنموية في الصومال طيلة العقود الثلاثة الماضية، من خلال هيئات مثل الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد. كما تنامت قوة العلاقة التجارية بين البلدين، فأصبحت الصومال شريكاً تجارياً رئيسياً للإمارات، حيث تشكل نسبة الواردات الصومالية القادمة من الإمارات حوالَيْ 50% من مجموع الواردات الصومالية، وأبرزها منتجات البترول والسلع الاستهلاكية.

وأضاف أنه يعيش نحو مليون صومالي في دول مجلس التعاون الخليجي وواحدة من أكبر التجمعات السكانية الصومالية تقيم في الإمارات، ويعيش ما يقرب من مليون صومالي في دول مجلس التعاون الخليجي، وواحدة من أكبر التجمعات السكانية الصومالية تقيم في الإمارات، وبينهم ناشطون سياسيون ورجال أعمال بارزون في الصومال، وتشكل تحويلاتهم المالية مصدر دخل مهمّاً في الاقتصاد المحلي.

مساعدات إنسانية

وحرصت الإمارات على تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الصومالي، بجانب دعمها المباشر للجيش الصومالي، وكانت الإمارات أولى الدول التي انتفضت لمساندة الصوماليين في محنتهم، بعد أن ضربت المجاعة بلادهم.

وتركز الدور الإماراتي، وقتها، على إرسال مساعدات إنسانية عاجلة للمناطق المتضررة من المجاعة والجفاف، إضافة إلى فتح جسور جوية وبحرية مع مقديشو.

وأطلقت الإمارات بتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات حملة إغاثة بعنوان "لأجلك يا صومال"، من أجل إنقاذ الشعب الصومالي من المجاعات.

وبنحو 165 مليون درهم قدمت عدة مؤسسات إماراتية الدعم للشعب الصومالي، وعملت وسائل الإعلام في أبوظبي ودبي والشارقة، إضافة إلى مؤسسات حكومية وخاصة على تكثيف الحملة لإغاثة الصومال من المجاعة، وسعت الإمارات لتقديم يد العون وإنقاذ أطفال ونساء الصومال من المجاعة.