تل أبيب توسّع بنك الأهداف: تصفية قائد صواريخ في حزب الله

تل أبيب توسّع بنك الأهداف: تصفية قائد صواريخ في حزب الله

تل أبيب توسّع بنك الأهداف: تصفية قائد صواريخ في حزب الله
حزب الله وإسرائيل

في تطور جديد يُضاف إلى سلسلة التصعيد المتبادل بين إسرائيل و"حزب الله"، أعلنت تل أبيب عن اغتيال أحد أبرز قادة الوحدة الصاروخية التابعة للحزب في جنوب لبنان، في عملية نوعية استهدفت بلدة دير الزهراني، الغارة الجوية التي نُفّذت بواسطة طائرة مسيّرة، جاءت ضمن استراتيجية إسرائيلية متصاعدة تهدف إلى تقليص قدرات "حزب الله" الهجومية عبر استهداف قياداته ومراكز نفوذه، في تحدٍّ واضح لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم أواخر العام الماضي، ويأتي هذا الاغتيال في لحظة حرجة تتشابك فيها الحسابات الإقليمية مع التوترات الحدودية، ما يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل في توسيع رقعة المواجهة، وقدرة "حزب الله" على الرد أو احتواء الخسائر.

*هجوم جوي جديد*


في الساعات الأولى من صباح السبت، نفّذت إسرائيل هجومًا جويًا وصفته بـ"الدقيق" على بلدة دير الزهراني الواقعة في جنوب لبنان، وأسفر عن مقتل محمد علي جمول، أحد القيادات البارزة في "الوحدة الصاروخية" التابعة لحزب الله، وتحديدًا في قطاع الشقيف. وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن جمول كان يقود عمليات إطلاق صواريخ ضد الجبهة الداخلية في إسرائيل، كما اتهمه بلعب دور محوري في إعادة بناء ما وصفه بـ"البنى التحتية الإرهابية" في المنطقة.


وجاء هذا الاستهداف وسط تصعيد ميداني مستمر رغم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر الماضي.


لكن الواقع على الأرض يُظهر أن الهدنة لم تحُل دون استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على جنوب لبنان، وحتى على مشارف بيروت، كما لم تمنع "حزب الله" من الرد بين الحين والآخر عبر إطلاق صواريخ باتجاه مواقع إسرائيلية في الشمال.

*تصفية مركّزة ضمن سياسة "رأس الأفعى"*


عملية الاغتيال تحمل بصمات الاستراتيجية الإسرائيلية المعروفة بـ"قطع رأس الأفعى"، وهي تقوم على تصفية الكوادر النوعية في التنظيمات المسلحة لشلّ قدرتها على تنفيذ عمليات هجومية أو تطوير منظوماتها التسليحية.


في هذا السياق، لم يكن اختيار جمول محض صدفة، بل يعكس تركيزًا استخباراتيًا على الشخصيات التي تضطلع بدور تقني وعملياتي في تعزيز الترسانة الصاروخية لحزب الله، لا سيما في القطاعات الجنوبية.


ووفق مصادر أمنية لبنانية تحدثت لوسائل إعلام محلية، فإن الغارة سبقتها تحركات غير اعتيادية لطائرات استطلاع إسرائيلية، تلاها تحليق نادر لمروحيات أباتشي الإسرائيلية في عمق الأجواء اللبنانية، ما يشير إلى أن العملية كانت معدّة بعناية مسبقة، وتطلبت تنسيقًا ميدانيًا واستخباراتيًا عالي المستوى.

*خرق أم استعراض قوة*


من زاوية لبنانية، يُنظر إلى الضربة على أنها خرق فاضح للسيادة، وتجاوز واضح لاتفاق التهدئة، لكنها في المقابل تعكس رغبة إسرائيلية في فرض معادلة ردع جديدة على الأرض، من خلال توسيع مجال عملياتها داخل العمق اللبناني.


وقد عبّر متحدث الجيش الإسرائيلي إفيخاي أدرعي عن هذا التوجه بوضوح حين قال إن "نشاطات جمول مثّلت خرقًا صارخًا للتفاهمات القائمة بين لبنان وإسرائيل"، في إشارة إلى تفاهمات ما بعد حرب 2006، التي كرّست معادلة توازن هشّ بين الطرفين.


الاغتيال يندرج ضمن سلسلة أوسع من العمليات الإسرائيلية التي استهدفت، مؤخرًا، مواقع تابعة لحزب الله في الجنوب والبقاع، فضلاً عن الضاحية الجنوبية لبيروت، ما يؤكد أن بنك الأهداف الإسرائيلي قد تم توسيعه ليشمل مناطق كانت تُعتبر سابقًا "محظورة" أو "محميّة سياسيًا".

*تمادي في خرق السيادة اللبنانية*


من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي علي يحيى، إن اتفاق وقف إطلاق النار القائم بين لبنان وإسرائيل لا يزال هشًا، ويبدو أنه أقرب إلى هدنة مؤقتة منه إلى اتفاق دائم يمكن الركون إليه.


وأوضح يحيى لـ"العرب مباشر" أن هذا الضعف في بنية الاتفاقية يمنح إسرائيل هامشًا واسعًا للتمادي في خرق السيادة اللبنانية دون أن تواجه ردعًا حقيقيًا، فالغارات الجوية شبه اليومية، والتحليق المتكرر للطائرات المسيّرة والمقاتلات فوق مناطق الجنوب، كلها مؤشرات على أن إسرائيل تتعامل مع وقف إطلاق النار كغطاء لتحركات عسكرية ميدانية مستمرة.


وأضاف أن ما يثير القلق أكثر هو أن هذه التحركات تجاوزت ما كانت عليه خلال فترة المواجهات العسكرية المفتوحة مع "حزب الله"، ما يعكس نية إسرائيلية لاختبار حدود الرد اللبناني وإعادة رسم قواعد الاشتباك لصالحها.


واعتبر أن استمرار الصمت الدولي عن هذه الخروقات، إلى جانب غياب موقف موحّد داخلي في لبنان، يشجع إسرائيل على المضي قدمًا في سياسة فرض الوقائع بالقوة، وهو ما ينذر بعودة التوتر إلى مستويات خطيرة قد تُخرج الأمور عن السيطرة في أي لحظة.