محلل سياسي : حماس تراهن على إطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية على حساب معاناة المدنيين
محلل سياسي : حماس تراهن على إطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية على حساب معاناة المدنيين

تعيش غزة هذه الأيام أوضاعًا إنسانية مأساوية وسط استمرار القصف الإسرائيلي وتدهور الأوضاع المعيشية، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات لحركة حماس بعرقلة جهود التهدئة وتعطيل المبادرات الإقليمية والدولية التي تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ شهور.
ويواجه سكان القطاع المحاصر نقصًا حادًا في المواد الغذائية والمياه النظيفة، إلى جانب انهيار شبه تام في البنية التحتية والخدمات الصحية. وقد حذّرت منظمات إنسانية من أن القطاع بات على حافة كارثة إنسانية، وسط عجز المستشفيات عن التعامل مع الأعداد المتزايدة من الجرحى، وانقطاع الكهرباء لأيام متواصلة.
وأكدت مصادر ميدانية، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تركزت في الأيام الماضية على مناطق في جنوب القطاع، وخاصة في رفح وخان يونس، حيث ما زالت آلاف العائلات نازحة من منازلها وتعيش في ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
في هذا السياق، تتزايد الضغوط الدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية طويلة الأمد. لكن مفاوضات التهدئة التي ترعاها أطراف إقليمية في القاهرة والدوحة ما تزال تصطدم بعقبات، أبرزها – بحسب دبلوماسيين مطلعين – "تعنّت حماس وتقديمها شروطًا تتجاوز ما تم التوافق عليه سابقًا".
وتتزامن هذه التطورات مع احتجاجات متفرقة في غزة تطالب بوقف الحرب وتحسين الأوضاع، حيث أبدى عدد من الأهالي غضبهم مما وصفوه بـ"المتاجرة بمعاناتهم"، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين.
في المقابل، تواصل إسرائيل التأكيد على أنها لن توقف عملياتها قبل "تحقيق أهدافها الأمنية"، ما يضع مستقبل القطاع في مهبّ المجهول، بينما يزداد عدد القتلى والجرحى بشكل يومي، في ظل غياب أفق سياسي واضح.
اتهم المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور نادر الحاج حركة حماس بإطالة أمد الحرب في قطاع غزة بهدف تحقيق مكاسب سياسية، مؤكدًا أن الحركة تضع حساباتها التنظيمية فوق أولويات الشعب الذي يعيش أوضاعًا إنسانية كارثية منذ بداية العدوان.
وفي تصريح خاص لـ"العرب مباشر"، قال الحاج: إن "حماس تتعامل مع مفاوضات الهدنة باعتبارها ساحة للصراع السياسي وليس وسيلة لإنقاذ المدنيين، وهو ما أدى إلى تعقيد جهود الوسطاء وتأخير الوصول إلى أي اتفاق حقيقي".
وأشار أن الحركة ترفض بعض المقترحات الجوهرية المطروحة ضمن مبادرة الهدنة، لا سيما تلك المتعلقة بتسليم الأسرى وتحديد مستقبل القطاع، موضحًا أن "هناك فجوة واضحة بين ما تطالب به حماس، وما يمكن تحقيقه في ظل موازين القوى والمعطيات الإقليمية والدولية".
وأضاف: "الوضع في غزة لم يعد يحتمل. الناس تموت كل يوم بسبب نقص الدواء والغذاء، والمطلوب من الجميع، وخاصة القوى المسيطرة على الأرض، أن تتحلى بالواقعية والمسؤولية الأخلاقية".
وتابع الحاج قائلاً: إن استمرار الحرب "يخدم خطاب التطرف ويغلق الأبواب أمام أي أفق سياسي لحل الدولتين أو إعادة إعمار القطاع"، محذرًا من أن غزة قد تتحول إلى ساحة فوضى دائمة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية شاملة تنهي هذه الدوامة من العنف.
وختم بالقول: "الرهان على استنزاف الناس لن ينجح. المجتمع الدولي بدأ يضيق ذرعًا، والضحية الوحيدة حتى الآن هي المواطن الفلسطيني الذي يُستخدم وقودًا في معارك لا ناقة له فيها ولا جمل".